العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ

وظفوا المعوقين

يزداد الاهتمام يوما بعد يوم بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وهذا الاهتمام ترجم بالكثير من ورشات العمل والندوات والمؤتمرات التي ترعاها المنظمات والهيئات المعنية بهم. ولكن تبقى هذه الندوات والمؤتمرات وورش العمل والوصايا التي تخرج منها في إطار الانتظار وتبقى حبرا على ورق.

إن واقع ذوي الاحتياجات الخاصة على الأرض مختلف لناحية الاهتمام المنشود وتبقى القضية الأساسية التي ترافق هؤلاء قضية التوظيف. وتسكن قلوب كل المعوقين غصة. ليس بسبب الإعاقة بحد ذاتها. إنما بسبب نظرة المجتمع إليهم والتقليل من قدراتهم وعدم مراعاة أحاسيسهم ومواهبهم. فهؤلاء يعيشون حالات إنسانية ومعيشية صعبة، وهم كأي إنسان بحاجة إلى الأموال كي ينفقوا على أنفسهم وذويهم ويلبوا متطلباتهم الخاصة كي يشعروا بالاستقلالية الاقتصادية بأنهم ليسوا عبئا على أهلهم وعلى المجتمع.

وتتشابه حكايات جميع المعوقين في مجال بحثهم عن عمل فجميع هؤلاء تقدموا بطلبات عمل إلى مئات الشركات والمؤسسات ولكن من دون جدوى وكلهم يطردون بطريقة لبقة ودبلوماسية.

يقول أحد المعوقين بالإعاقة البصرية أنه سعى كثيرا إلى الحصول على عمل يكسب منه لقمة عيشه على رغم أنه يحمل مؤهلا جامعيا في اللغة العربية منذ 5 سنوات وأكد أنه لم يستطع إيجاد عمل في مجال تخصصه وكل عمل كان يتقدم إليه كان أصحابه يقولون له بطريقة مباشرة أو غير مباشرة: إنهم لا يوظفون معوقين. ويقول معوق آخر وهو مصاب بالصرع أنه خضع لتأهيل في المستشفيات وأكمل دراسته الثانوية وحصل على وظيفة مناسبة بعد مشقة كبيرة في البحث عن عمل ولكنه ما لبث فيها حتى اكتشف صاحب العمل أنه مصاب حتى أخبره بطريقة دبلوماسية بأنه ليس لديه أية حاجة إلى الوظيفة التي يشغرها والاستغناء عن خدماته.

إننا لا نطالب بتوظيف كل المعوقين في وقت نجد نسبة البطالة في المجتمع كبيرة، وإنما ما نسعى إليه هو أن يكون للمعوقين فرص متساوية مع بقية أفراد المجتمع لكون العمل حقا لكل مواطن. ولابد من وجود قرار سياسي لتطبيق القانون وتأهيل القطاع العام لتوظيف المعوقين وفرص توظيف 3 في المئة في القطاع العام.

وفي النهاية أيضا إن أرباب العمل يخافون من إجراء التعديلات الهندسية في مكان العمل لتلائم مع واقع وحاجات المعوقين. ويلفت إلى أنه مجرد ذكر تعديلات هندسية أو كلف لوجستية يظن أصحاب العمل أن في الأمر هدما وردما وتغييرا في معالم المكان، مع العلم أن الأمر يكون مجرد وضع منحدر صغير لعربات المعوقين أو توسيع باب أو رفع مستوى كرسي الحمام... الخ. يمتلك الشخص المعوق الكثير مما لدى غيره من الأشخاص الأسوياء، ويجب صقل قدراته وإزالة المعوقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تستثنيه من الفرص والخدمات في مجال العمل، وعدم معاملته كأنه غريب في أرضه ومجتمعه، فهو إنسان أولا لديه طموحات وقدرات وأحلام ورغبات وحاجات يجب أن تساعده الدولة والمجتمع على تحقيقها فدرب الألف ميل يبدأ بخطوة.

نور علي

العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً