دمشق، عاصمة الأمويين، التي شهدت مرور موكب السبايا، شاءت الأقدار ان تنبت لهم من القبور أزاهير الخلود. على رغم قساوة القيد وعنجهية الجلاد وطول المسير، اشرأبت هذه العظام إلى السماء مرددة أناشيد البقاء الأبدي.

من بين هذه المشاهد التي يزورها الخليجيون في سورية مشهد يقع على جبل جوشن المطل على مدينة حلب السورية، وسمي بهذا الاسم لان شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالسبي والرؤوس. وكان السبب في بنائه هو ان رجلا يسمى عبدالله كان يرعى الغنم، فنام بعد صلاة الظهر فرأى كأن رجلا أخرج نصفه من شقيف الجبل المطل على المكان الذي بني فيه المشهد، ومد يده إلى الوادي وأخذ عنزا، فقال له: يا مولاي، لماذا أخذتها وليست لك؟ فقال: قل لأهل حلب يعمرون في هذا المكان مشهدا، فلما استيقظ رأى قوائم العنز غاصت في المكان. فخرج إلى أهل حلب يحدثهم، فلما رأوا العلامة خطوا المشهد مكانه. وكان أهل الحرف يفرض كل منهم على نفسه يوما للعمل فيه، وفرض اهل الاسواق دراهم تصرف في القيام بمؤونته.

ولما استولى التتار على حلب دخلوا المشهد وسلبوا ما فيه من ستور وبسط وأوانٍ نحاسية وقناديل ذهب وفضة، وخربوا بناءه ونقضوا أبوابه. ولما ملك الملك الظاهر حلب جدّد بناءه وأصلحه. وبقي فترة طويلة مهملا في عهد الاتراك حين منعوا زيارته، وحوّلوه إلى مخزن ذخيرة في الحرب العالمية الأولى، ولما ذهب الألوف لأخذ الذخيرة والسلاح منه العام 1919 انفجرت قنبلة واحترقت جميع الذخائر وخرب المشهد وجميع البيوت المجاورة وقتل المئات تحت الأنقاض، كما يقول الأب فردينان اليسوعي في كتابه «وثائق تاريخية عن حلب».

وفي العام 1960 تأسست «جمعية الإعمار والاحسان» وأخذت على عاتقها مهمة إعادة بنائه، واتصلت بالمرجع الديني آنذاك السيد محسن الحكيم (قدس) فشجع الفكرة وأذن في صرف الحقوق الشرعية، فاعادت بناءه وأقامت مدرسة دينية فيه.

إذا زرته ستلاحظ كتابات تؤرخ لبنائه في العهود السابقة، كما لاحظت شخصيا آخر العبارات كتابة تحمل أبرز دلالات العصر أعلى المبنى: أسماء السيدالحكيم والسيدالخوئي والسيدالخميني بعبارة المرجعية الشيعية العليا