العدد 538 - الأربعاء 25 فبراير 2004م الموافق 04 محرم 1425هـ

بدمك اهتزتْ وربَتْ

أرنو الى عالمك المطرّز بصباحات العِبَر، فماذا أرى؟ أراك معلّم النور ورائده، وحق للإنسانية أن تتقاطر على هذا النبع الفيّاض، منذ ان أعلنتها صرخة حرة في وجه محتكري الحياة.

أرنو الى سيرتك المضمّخة بالشامخ من الشرف والعملاق من المواقف والمتطاول من الصبر والتفاني في ذات الله.

أرنو الى العميق من حكمتك تحت ظلال سيوف تقطر حقدا على الرائع من المُثل.

أرنو الى المسجّى تحاصره ضغائن القتلة فيما أنت بنبعك الموّار تفيض على الدنيا بما لو اغترفت منه غرفة لكفاها مؤونة ظمأ الروح والعدل والحق والحرية.

أرنو الى الشامخ من آلك وكلهم شموخ، يعلم الدنيا «انّ ساعة ذل لا تفي بعز الدهر».

أرنو الى سكينتك في اصطكاك الأسنة وصليل السيوف وانبعاث أنهار الدم في ملحمة الشرف والسؤدد والبطولة.

أرنو الى صحبك الذين اذهب الله عنهم الخوف والذل والتكالب على حطام الدنيا وابتغاء نعيم هو الى زوال أقرب من دنوهم وعناقهم لمناياهم التي اختاروا.

أرنو الى رجولة أطفال بعمر الورد يعلّمون الدنيا درسا في الثبات على الحق، أطفال ينضحون بالرفيع من الشرف، والمضيّ في طريق محفوفة بالدم لا الورد.

ارنو الى نحرك الممهور بالفارق بين ابتغاء طريق تصل المرء بالبشر، وأخرى تصل المرء بمقعد صدق عند مليك مقتدر.

أرنو الى السماوي فيك فيما نحن نمعن في ترابيتنا المنهكة للروح والقلب وبياض الفطرة.

أرنو الى عمى أمة قادها جدك الى الرحب من النور والنافذ من البصر والبصيرة وأبت إلا أن تنحاز الى ظلامية هي في الصميم من تكوينها.

أرنو الى أطياف ظلت تراود الأمكنة التي ضمها مصرعك، فاهتزتْ وربتْ بدمك ودم آلك الأبرار.

أرنو الى الدليل اليك محملا بالفصيح من الحب والبليغ من الحنين الى ذكراك، عملاقا علم الدنيا ولايزال أن في الأعناق يكمن الفارق بين الباحثين عن الذهب/ المعدن، وأولئك الباحثين عن ذهب المعنى والخلود.

أرنو الى عقيلة البيت الطاهر وهي الحاضرة المتقدة البليغة المطمئنة في بلاط عاهل المجون.

أرنو الى النسيان الذي حل بالكتبة وأشباه الرجال العاطلين عما يرفعهم علامة فارقة في ظل تدجين بلغ حد الشذوذ.

أرنو الى احتسابك في لحظة من لحظات عروج روحك الكبيرة الى بارئها وأنت تردد ملء اليقين «اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى».

قبس

أي روح كمثل روحك تُرجى

يا ابن طه والأوج أنت ذراهُ

أيّ صبح والصبح أنت تناهى

في علاه ومن سواك علاهُ؟

حسب حر أن الدماء حياةٌ

ليس يحيا من كبّلته دماهُ

ج. الجمري

العدد 538 - الأربعاء 25 فبراير 2004م الموافق 04 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً