العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ

«فريدي بارثولوميو» حطمه تغير ذوق الجمهور وغارات «هتلر»

«ديفيد كوبرفيلد» منافس شيرلي تيمبل

في الثلاثينيات كان فريدي بارثولوميو واحدا من أكثر نجوم هوليوود الصغار شعبية وأوفرهم حظا. في الواقع كان الثاني على قائمة أشهر هؤلاء النجوم، بعد شيرلي تيمبل. كان يقدم أفضل تجسيد لشخصية الفتى البريطاني البالغ التهذيب الذي يؤدي عمله بحرفية وإتقان عاليين. اشتهر بشخصية «ديفيد كوبرفيلد» أول أدواره وأكثرها نجاحا.

ولد بارثولوميو في 28 مارس/ آذار 1924 في دبلن بإيرلندا، عند ولادته كان اسمه فريدريك لولين مارش لكن تخلي والديه عنه حين كان طفلا، وتولي خالته المقيمة في لندن رعايته، جعله يحمل اسمها ليصبح فريدي بارثولوميو.


ديفيد كوبرفيلد... صدفة لا غير

دخوله للتمثيل لم يكن صدفة، لكن وصوله لهوليوود كان نتاج صدفة أو حظ، إذ جاء بعد لقاء صدفة مع منتج الأفلام الشهير في الثلاثينيات ديفيد اوسيلزنيك أثناء زيارة للصغير إلى الولايات المتحدة. حينها كان سيلزنيك على وشك بدء تصوير فيلم «ديفيد كوبرفيلد» لتشارلز ديكنز وكان ذلك في العام 1935، وكان قد أسند دور البطولة لصبي أميركي يدعى ديفيد هولت وهو الذي أصبح بعدها ممثلا مشهورا.

بارثولوميو لم يكن جديدا على التمثيل حينها، إذ كان قد ظهر قبلها في فيلمين بريطانيين هما Fascination (1930) and Lily Christine (1932).

على أية حال فقد خطف الصبي البريطاني الدور، إذ أن سيلزنيك وجد أن الشخصية ستقدم بشكل أفضل إن قام بالدور صبي بريطاني. تم ذلك بالفعل وأبدع بارثولوميو في أدائه، ربما لأنه أدى شخصية تقترب في ظروفها من ظروف حياته الحقيقية. حقق الفيلم نجاحا كبير، وكان نتيجة ذلك أن يتحول الصبي بعدها لنجم مطلوب يتهافت عليه المنتجون ويقدم سلسلة من الأدوار الناجحة التي يظهر فيها إلى جانب أشهر نجوم تلك الفترة، وليجمع منها ثروة سرعان ما ستتبدد.

من بين الأفلام التي قدمها فيلم الثلاثينيات آنا كارنينا (1935) الذي ظهر فيه إلى جانب غريتا غاربو وفريدريك مارش، وفيلم الجندي المحترف (Professional Soldier) مع غلوريا ستيورات في العام 1935، ثم فيلم اللوردد فاونتلروي الصغير (Little Lord Fauntleroy 1936) مع دولوريس كوستيلو وفيلم لويدز لندن Lloyds of London (1937) مع مادلين كارول وتيرون باور، وفيلم القبطان الشجاع Captains Courageous) (1937) مع سبنسر ترايسي.


فيلم (Little Lord Fauntleroy) كان له أهمية خاصة فهذا الفيلم كان أول

إنتاجات ديفيد سيلزنيك المستقلة، وعلى ما يبدو فقد كان سيلزنيك يعقد آمالا كبيرة على الصغير حين اختاره لبطولة إنتاجه هذا.


الأم المدمنة بداية النهاية

لكن كما ذكرنا فإن سعادة وتألق الصغير لم يدوما طويلا، إذ سرعان ما ظهرت الوالدة التي فضلت إدمانها على الكحول على طفلها الصغير وهو بعد لم يكمل عامه الثالث. شهرته التي بلغت الآفاق ونجاحه الكبير ثم ثروته الكبيرة جعلاها ترغب في حضانته من جديد.

لم يشأ هو ذلك، واضطره الأمر لدخول معركة قضائية طويلة أنفق فيها جزء كبير من الثروة التي جمعها. ورغم انه كان محميا بقانون يمنعها من الاستيلاء على ثروته أو التصرف فيه حتى إن حصلت على حضانته، إلا أنه فضل أن يخوض المعركة معها ويقاوم حضانتها له.


هتلر يغير ذوق الأميركان

عقد الأربعينيات كان مختلفا لبرثولوميو، إذ رغم استمراره في التمثيل إلا أنه لم يعد نجما كما هو في الثلاثينيات. ذوق جمهور الأربعينيات تغير، جاءت الحرب العالمية الثانية وانتهى انبهار الجمهور بما يسمى بأفلام التاريخية Costume Films التي أبدع فيها الصغير وكانت سبب شهرته والتي كانت الأفلام الأكثر رواجا في الثلاثينيات. السينما الأميركية لم تعد راغبة في التركيز على تاريخ انجلترا واستعراض ملاحمها القديمة، هناك ما هو أهم الآن، هناك انجلترا التي تحرقها غارات هتلر الجوية. هكذا لم تعد صورة الفتى البريطاني تحمل الجاذبية ذاتها ناهيك عن تحول الصبي الصغير إلى فتى مراهق. لم يفقد قدراته ومهاراته الأدائية لكن شهرته أصبحت أقل بكثير وهو مراهق عن تلك التي حصل عليها طفلا.

هكذا قلت العروض التي يحصل عليها بارثولوميو، وقضى فترة الأربعينيات في الظهور في أفلام ذات ميزانيات منخفضة مثل Cadets on Parade و Naval Academy اللذان ظهر فيهما الى جانب جيمس لويد.

إلى جانب هذا الإخفاق كان هناك إخفاق ومرارة من نوع آخر يعيشها الفتى سببها عودة والدته إلى الظهور كما ذكرنا.


حادث «السقالة» يدمر ما تبقى

في العام 1944، وحين بلغ العشرين من عمره، وأثناء تأديته للخدمة العسكرية بالقوات الجوية، وكان مكلفا بتصليح الطائرات، وقع بارثولوميو من أعلى السقالة وكسر ظهره الأمر الذي أبقاه مشلولا في المستشفى عاما كاملا ثم تسبب له بأزمة نفسية حادة.

حاول العودة للتمثيل لكن فشله الرهيب في العملين اللذان قدمهما وانصراف الجمهور عنه، جعلاه يقرر اعتزال العمل السينمائي مع دخول عقد الخمسينيات. حالته النفسية السيئة كانت السبب الأول في فشله، والنقاد الذين لم يرحموه كانوا سببا لزيادة سوء تلك الحالة.

دخل بارثولوميو بعدها أسوأ حالاته، انتهى به الأمر للزواج من وكيلة دعاية وإعلان روسية، كانت إقامتها قد انتهت وأرادات الاستفادة من الجنسية التي منحت له نظير خدماته العسكرية. انتهى به الأمر لأن يعيش في سيارة مركونة في أحد شوارع بروكلين ومرة أخرى حاول العودة للسينما في فيلم Sepia Cinderella (1947) لكنه لم ينجح.


وداعا هوليوود

بداية الخمسينات لم تشهد قرار اعتزاله فحسب، لكنها شهدت محاولاته الجادة لأن يقف على قدميه مرة أخرى، أولا لجأ للعلاج النفسي، ثم قرر دخول مجال جديد فقام بتأسيس نفسه في مجال الإعلانات. ابتعد عن هوليوود، ربما لينسى مرارة فقدانه ثروته وشعبيته، وحصل على عمل في وإحدى من كبرى وكالات الدعاية والإعلان.


عاد إلى هوليوود مع بداية الثمانينيات منتجا للمسلسل التلفزيوني As The World Turns...

لم يوافق على الظهور في أية مقابلات تلفزيونية إلا قبل وفاته بفترة بسيطة حين وافق على الظهور في البرنامج التوثيقي MGM: When the Lion Roars الذي عرض العام 1992. توفي في 23 يناير/ كانون الثاني 1992

العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً