العدد 2730 - الخميس 25 فبراير 2010م الموافق 11 ربيع الاول 1431هـ

مدن إسلامية خضراء... الدين يحمي الأرض

اجتمع المسلمون والمسيحيون واليهود والبهائيون والبوذيون والهندوس والشنتو والطاويون والسيخ في قلعة وندسور قرب لندن، ولديهم جميعا أجندة بيئية موحدة: حماية البيئة والمناخ. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 استضاف «حالف الأديان والمحافظة على البيئة» ومقره بريطانيا، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، نحو 200 مندوب من تسعة أديان رئيسية في العالم يمثلون 60 طائفة ومنظمة دينية.

أعلن المجتمعون عددا من المبادرات العملية، من اختيار عشر مدن لتنفيذ خطة عمل إسلامية لمدة سبع سنوات، الى حماية الغابات المقدسة (تمتلك الأديان أو تدير 5 في المئة من غابات العالم)، وطباعة الكتب المقدسة على ورق صديق للبيئة (يطبع كل سنة نحو 15 مليون نسخة من القرآن الكريم و75 مليون نسخة من الانجيل)، وبرامج مكثفة للتوعية البيئية من خلال الدور الرسمي وغير الرسمي للأديان في المدارس. وتشمل المبادرات أيضا امداد جميع المعابد الطاوية في الصين بالطاقة الشمسية، واعتماد معايير بيئية جديدة لملصقات المنتجات تستند الى مبادئ الايمان، وغرس 8,5 ملايين شجرة في تنزانيا، واختيار مصادر وقود مستدامة بيئيا لمعابد السيخ في الهند (التي تقدم الطعام لنحو 30 مليون شخص يوميا)، وتخضير المنشآت الدينية، واعتماد سياسات السياحة البيئية لحجاج الأماكن المقدسة.

ويتعاون تحالف ARC مع الأديان الرئيسية في العالم لتطوير برامجها البيئية بناء على تعاليمها ومعتقداتها وممارساتها. وقد أطلق برنامج الأمم المتحدة الانمائي عام 2007، بالشراكة مع التحالف، برنامجه للعمل مع الأديان الرئيسية من أجل التصدي لتغير المناخ والقضايا البيئية، بحيث تنظر في كيفية تطوير «التزامات بعيدة المدى من أجل كوكب ملائم للحياة»، تحدد سلوك المؤمن ونظرته لأجيال مقبلة. فتوصلت الأديان المختلفة الى مجموعة كبيرة من المبادرات المبنية على معتقداتها وممارساتها، سوف تصاغ في خطط لخمس وسبع وثماني وتسع سنوات.

لماذا الأديان؟ لأن معظم الناس يعتنقون دينا، وتصل الأديان الى 85 في المئة من سكان العالم الذين يبلغ عددهم نحو 6,8 بلايين نسمة. وبحسب «أطلس الأديان» للعام 2007، هناك نحو 2,1 بليون مسيحي في أنحاء العالم، و1.34 بليون مسلم، وأكثر من 950 مليون هندوسي، ونحو 60 مليون طاوي، و24 مليون سيخي، و13 مليون يهودي. لذلك فان ما تفعله الأديان أو لا تفعله بموجوداتها وبنفوذها يؤثر كثيرا.

وتمتلك المؤسسات الدينية أوقافا شاسعة تشكل 7 الى 8 في المئة من سطح الأرض الصالح للعيش. ولديها شبكات ضخمة من وسائل الاعلام. وهي تقدم خدمات الصحة والتعليم، وتدير أو تساهم في أكثر من نصف المدارس في أنحاء العالم، وتشرف على أكثر من 7 في المئة من الاستثمارات المالية الدولية. وكثيرا ما تكون القيادات الدينية موضع ثقة أكثر من الحكومة والقادة العسكريين.

ولعل أهم من كل ذلك، في رأي مارتن بالمر أمين عام تحالف الأديان وحماية البيئة، أن الأديان هي مصدر إلهام ورجاء في وقت يشعر أناس كثيرون باليأس لضخامة التحديات البيئية التي يواجهها العالم. وهو يضيف:«ساعدت الأديان طوال قرون في تحفيز الناس والمجتمعات على العمل. انها توفر الاستقرار والقدرة على التكيف والاحتمال في عالم فشلت فيه مبادرات كثيرة لافتقارها الى عمق الجذور. وهي يمكن أن تأتي بمنظور طويل الأمد يكون مبنيا على التفاؤل أكثر مما على الخوف».


مبادرة إسلامية خضراء

وفق خطة إسلامية مدتها سبع سنوات (2010 ـ 2017) سوف تصبح المدينة المنورة، وهي ثانية أهم المدن الاسلامية بعد مكة المكرمة، مدينة خضراء نموذجية. والمدينة المنورة نقطة انطلاق استراتيجية لها القدرة على إطلاق حملة خضراء في مناطق مجاورة.

قدم خطة السنوات السبع في مؤتمر وندسور الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية. ومن المبادرات الرئيسية التي تشملها:

تنظيم وتنفيذ «حج أخضر»، فهناك ما بين مليونين وثلاثة ملايين شخص يزورون مكة أثناء موسم الحج وحده، لذا فان تحقيق حج صديق للبيئة سوف يثمر فوائد فورية.

انشاء «مسجد أخضر» وتقديم هذا النموذج لأبنية اسلامية أخرى في أنحاء العالم.

في المرحلة الأولى، تطوير مدينتين أو ثلاث مدن نموذجية خضراء. وفي المرحلة الثانية، تهيئة عشر مدن اسلامية اخرى لتنفيذ النموذج.

ادخال التوعية البيئية في التربية الاسلامية.

اصدار نسخ قرآنية «خضراء» تطبع على ورق منتج من خشب مستدام.

إحداث قناة تلفزيونية متخصصة تركز على الاسلام والبيئة.

إحداث نظم مكافآت وجوائز للتفوق في هذا المجال.

بوجود نحو بليون ونصف بليون مسلم في أنحاء العالم حاليا، فان خطة السنوات السبع لا تمهد الطريق فقط لزيادة التعاون والحوار بين الأديان، بل سيكون لها أيضا أثر بيئي كبير. وبحضور الدين كأساس جديد لحركة خضراء، بات للقضايا البيئية الحيوية جمهور جديد وقوة حياتية جديدة لهما القدرة على دفعها بسرعة الى الأمام. وهذا لا ينتج فقط زيادة في الوعي، وإنما حلولا فعالة وطويلة الأجل لعدد متزايد من الهموم البيئية.

العدد 2730 - الخميس 25 فبراير 2010م الموافق 11 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً