العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ

مشاريع التعليم الديني والحاجة إلى التجديد

التجديد هو سمة بارزة في حركة الإنسان في الحياة، فلا يوجد فرد بشري لا تخالجه ولو للحظةٍ في حياته مفردة التجديد والتغيير سواءٌ أكان ذلك التجديد على مستوى الحياة المادية أو المعنوية أو أيِّ ضروبٍ أخرى يرى الإنسان من نفسه أن يطورَّ فيها ويتقدم.

الأمر كذلك ينسحب ولو بشكل جزئي على الكيانات الأهلية العاملة في مجتمعاتها، فهي بحاجة إلى التغيير والتجديد في آليات ممارساتها على الأرض، عبر قراءة واقعها الاجتماعي والثقافي وعدم الاكتفاء بأنساق محددة في عملية النشاطات التطوعية وطرح البرامج التثقيفية والدينية المختلفة، بل بابتكار الجديد وعدم الاكتفاء بالأساليب الكلاسيكية، فمن المسلمِّ به بالبديهة والوجدان والتجربة أنّ الاسترسال في ممارسةٍ اجتماعيةٍ أو ثقافيةٍ عبر نمطٍ ولونٍ واحدٍ يفقدها رونق الجاذبية ويجعل منها روتينا مملا لا تستسيغهُ الأذواق والأطباع التي جُبلت على حب الشيء الجديد، وقد تموت تلك الممارسة الاجتماعية والثقافية أو تصابُ بالهرم مع تقادم السنين ولا يبقى لها ذكرٌ كونها انبنت على أسسٍ فكريةٍ مستهلكةٍ متداعيةٍ وغير رصينة.

نعم لا يخفى على المراقب والمتابع لحركة التعليم الديني في مجتمعاتنا أنّ الأخيرة أسهمت مع مؤسسات أخرى ذات صلةٍ في خلق أجيالٍ تمتلك من رصيد الثقافة والوعي الإسلامي الصحيح ما لم تستطع مؤسسات أخرى لها من الإمكانات الهائلة على القيام بجزء بسيط ما قامت به هاتيك المؤسسات، ولكن لا يلغي ذلك مسئولية التصحيح والمراجعة المستمرة لمسارات العمل ونقد الذات، ولا يعني بالضرورة أن لا أخطاء ولا مؤاخذاتٍ هنا أو هناك، فالعمل لا يتكامل ولا يتقدم من خلال الترقيع أو المجاملة، بل بمواجهة الذات حتى تتكشفٌّ مكامن الخلل ويتمٌّ معالجتها معالجة صحيحة.

التعليم الديني في مجتمعاتنا حاجةٌ ضروريةٌ لا يُستغنى عنها بحالٍ من الأحوال، فهي التي تنهض بالمجتمع وتسمو به نحو الكمال الإنساني، في عصرٍ تفشت فيه الانحرافات الفكرية والثقافية، والمشاريع الدينية في مجتمعاتنا هي من يحصُّن الثغور ضدّ المؤامرات التي تستهدف أجيالنا وشبابنا، فمن الواجب أن نحفظ تلك المشاريع الخيرةِّ ونحتضنها وندعمها ماديا ومعنويا وبكل وسيلةٍ كانت في سبيل استمرارية هذه المسيرة المباركة عن أن تغيب يوما ما لا سمح الله .

ميثم علي أحمد مسعود

العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً