العدد 2735 - الثلثاء 02 مارس 2010م الموافق 16 ربيع الاول 1431هـ

أيّ الجمعيات السياسية نريد؟

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

أي الجمعيات السياسية نريد؟ وأية تطلعات سياسية تتطلع لها تلك الجمعيات؟ فالمواطن يرى النائب والبرلمان والشعب أحد ركائز العمل الوطني الذي من خلاله يمكن البناء، النائب هو أداة لتوصيل طموح وأمنيات المواطن، والبرلمان آلية العمل والشعب هو الحراك والمؤشر الحقيقي لنتاج أي عمل ديمقراطي.

ولكن هناك من مسخ تلك المفاهيم من خلال حسابات سياسية، التي يمكن تسميتها بالرياضيات السياسية ويأخذ بها البعض حتى على حساب العموم. فالجمعيات السياسية التي يمثلها أعضاؤها تحت قبة البرلمان أو أي مؤسسة تمثل الشعب، نفهمها على أنها الحاصل من عملية جمع حسابات الأعضاء أو أجندة العمل السياسي. وهذا لا يعني القفز على المراحل وتبريرها، ولكن هذا ما يراد له البعض أن يسود. فذوو المصلحة السياسية يفضلوا نبذ نتاج المشروع الإصلاحي، والأخذ بتلك الرياضيات السياسية. في الوقت الذي يجب أن تكون الجمعيات السياسية حراك فاعل بالإيجاب، كما أنها لن تكون أبدا هيئة لتمثيل الشعب أو الأمة إذا ما فهم على أنها حصيلة حسابات الأعضاء، فالجمعيات السياسية مثل مركب كيميائي له عناصر، ولكنها تختلف، ويجب أن تختلف، في خواصها النوعية عن عناصرها.

والشعب يتألف من أفراد ولكنة ليس بحاصل عملية جمع حسابي لأفراده.

إذن أي جمعيات سياسية نريد؟

نريد جمعيات لا تخدع نفسها، ولا تخدع الشعب، إذا ما زعمت أنها تمثل الشعب، حيث لن تمثله أبدا ما لم تنظر فيما حولها وتقر بأن «ميثاق العمل الوطني» نتاج عمل أثمر ما وصلت إليه الدولة والجمعيات مجتمعين. فهذا النوع من الجمعيات غير المحمولة على ما تم بناؤه ستفقد المعنى الحقيقي للبناء السياسي.

وإذا كانت شهوة التغيير تقليدا لدى البعض حتى على حساب ما وصلنا إليه من حراك.

ففي العقد المنصرم قفزت الدولة بعدة خطوات ممكن التوقف عندها. ولذلك الهفوات السياسية لا يمكن أن نحملها ما لم تحتمل، فيحبذ عند التفاعلات السياسية التجلي في طرح الرؤى المعنية بالمواطن المتعلقة بحياته المعيشية والتعليمية والإسكان والصحة والتقاعد. ولكن عندما يرى البعض بأن لا يمكن العمل على ذلك إلا من خلال القفز على المراحل والتغافل عن ما تم إنجازه، لغاية غير معلنة، حينها يجب أن يعلم وبكل وضوح أن مساحة قضايا المواطن في تفكير الجمعيات السياسية كبيرة جدا ولكن بقواسم مختلفة أما إيديولوجيا أم عقديا، وإذا تحدثنا بلغة بحرينية فإننا بحاجة أن نعطي من تفكيرنا وخطواتنا الكثير لقضايانا الداخلية ولترتيب بيتنا السياسي داخل تلك الجمعيات والابتعاد عن تحريف المطالبات السياسية، التي لا ترتكز على المحاور الأساسية المعنية بالمواطن.

لا نتحدث هنا عن الجمعيات السياسية كمسميات فقط بل عن حالة فراغ في أداء هذه الجمعيات، بل وبتكاثر التوقعات وضرورة إعادة بناء حراك سياسي فقد جوهره وعلاقته بين الدولة وجميع المواطنين.

وبشكل أكثر دقة الحراك السياسي بحاجة إلى تعزيز الداخل، وخطوات كبرى لا علاقة لها بالأشخاص أو خلافات أو خنادق بل بمصلحة ومصالحة الدولة. فقد دفعنا ثمنا كبيرا لفوضى لسنا طرفا بها في الآونة الأخيرة من خلال خلق وتبرير الأزمات، وبتدخل أشخاص بكل تفاصيل الحياة العامة للأفراد بما فيها القناعات السياسية، ودفعنا ثمنا كبيرا لأداء غير موفق في إنتاج مجلس النواب، ودفعت الدولة ثمنا لخنادق وهمية لخلافات إيديولوجية، وعندما ذهبنا إلى الأمام خطوات، وتم تصحيح مسار بعض المؤسسات، بقيت تلك الجمعيات السياسية غير قادرة من حيث البنية السياسية على أن تكون الحل، بل استمرت جزءا من الخلل.

أما مشكلة مجلس النواب وهو جزء من تلك الجمعيات بما يحتضن من أعضاء، فمشكلته الأساسية أنه ابن شرعي لمرحلة عليها لغط كبير لسبب لم يعِها البعض أو لم يهضمها.

ومن شارك بهذا المعترك يرى أنها سياسية وجزء من معارك النفوذ الطائفي. وهذا جوهر مشكلة المجلس يضاف إليها الأداء، ولهذا فالقضية عند إعادة بناء أو ترتيب البيت الداخلي لدى الجمعيات السياسية يقتضي الخروج من كل الهياكل السلبية وأن تقدم للمواطن مجلسا ممثلا لهم يقوم على المصالح العليا للدولة، ويستفيد من خطوات قادمة من خلال ميثاق العمل الوطني.

أما علاقة المواطن بكل ما تقدم، فيحتاج إلى مراجعة حتى على صعيد أدواته في التواصل علما بأن الجمعيات السياسية على بعد سنوات عن الناس حيث لا تتواصل معهم إلا من خلال خلق الشعارات. فنحن بحاجة إلى بناء عملية تواصل عميقة خالية من الشكليات والشعارات، بحيث يتم المزج بين ما هو تنموي وسياسي، فقد آن الأوان أن ندير وجوهنا إلى الداخل، فالجمعيات قد تبقى عقودا في حيرتها، ولكن أمورنا لا تحتمل كثيرا من الانتظار أو التأجيل، لأن لكل هذا أثمانا دفعنا بعضها.

إن المواطن يقرأ في صفحات واقعة المعاش الأوضاع العامة والتوجهات والسياسات في ظل ظروف وتحديات تفرض أداء قويا وكفاءة عالية بل ويأمل المواطن بأن تقترح الجمعيات السياسية حلولا إبداعية خلاقة، بدل خروجها على ما هو مؤمل منها. وبدون الاقتراب من الخطوط الحمراء الذي يعتقد بها البعض وهذا شأن شخصي مكفول، ما قصدناه في هذا المقال هو تدليل ظاهرة التعاطي السطحي من قبل البعض. وإن كل ما تقدم المقصود به ما هو خير وأفضل للوطن والمواطن.

والله من وراء القصد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2735 - الثلثاء 02 مارس 2010م الموافق 16 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:09 ص

      ضياع البوصلة و التوهان

      الظاهر يا أخي أن بعض و أقول البعض من الجمعيات قد فقد البوصلة فتاه الأداء ... و يتضح أنها ما زالت تراهن على الشارع بعد فشلها الذريع على الساحة البرلمانية فلذك تعمل على خلق الأزمات و تزيد الوضع المتأزم تعقيداً أكثر فالأداء البرلماني هو جزء من فن الممكن و لكنهم يعملون على ان يكون الأداء غير مقبولاً أن لم نقل مستحيلاً ... وصدقت و عداك العيب عندما اشرت بان لذلك اثماناً باهظة دفعنا بعضها و أضيف باننا سندفع اكثر في غياب البوصلة و الرؤية الصحيحة .. و دعواتنا ( رب أجعل هذا البلد آمناً )
      أخوك / بو جوهر

    • زائر 3 | 4:50 ص

      جمعيات

      تريدجمعيات تتسترعلى التمييزوسرقةالمال العام وكل ذلك من شيم العرب وتسترعلى الاجتماع باللوبي الصهيوني والادعهم يعتصموا امام وزارةالداخلية جماعةالجمعيات الموالية انكان هم رجال

    • زائر 2 | 2:04 ص

      كل يبكي على ليلاه

      المشكلة ان كل شخص سوف يقرا مقالك يفهمه من منطلقه الطائفي او الحزبي لانك اردت ان توصل معلومة لا ادري هل انت طرفا فيها ام انك ناقل لها وهنا لك العذر فقط بان ناقل الكفر ليس بكافر

    • زائر 1 | 1:40 ص

      مستقل

      خلقنا الله احرار وحسبي الله على الذين يردونه عبيد لهم (الجمعيات) وضعوا الحزبية على عزة وكرامة الانسانيه ،ناموا وغضب الله عليكم ،قاموا ودعاء الناس عليكم ،احبطوا الكفاءات (حسبي الله عليكم يااعداء الدين والوطن) المحبط من الجمعيات

اقرأ ايضاً