العدد 548 - السبت 06 مارس 2004م الموافق 14 محرم 1425هـ

بين البرلمان وتحريك الشارع: «الأخ الأكبر» مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

البرلمان هو الوسيلة الحديثة التي طورتها الإنسانية لكي يتحاور أبناء بلد معين حول شئونهم العامة ويتخذون قرارات الزامية لهم جميعا. وإذا كان البرلمان يعمل بصورة صحيحة فإن جميع الاطراف يلجأون إليه، ولذلك فان اللجوء إلى وسيلة أخرى يعتبر دليلا على فشله.

فشل البرلمان في التعامل مع «كل» المشكلات أمر محتمل، ولذلك فإن الدول الديمقراطية تسعى إلى أن يحل البرلمان «معظم» المشكلات. المظاهرات والتحرك الجماهيري وسيلة أخرى يعبر فيها أبناء الوطن عن رأيهم. وفي الأحيان التي تتوقف ماكنة البرلمان عن العمل الصحيح يتحرك الشارع. ولكن إذا تحرك الشارع دائما وغطى على عمل البرلمان وأصبح الشارع هو الفاعل الحقيقي في كل مشكلة فإن ذلك يعني ان البرلمان غير قادر أو غير مؤهل لإدارة الحوار الوطني واتخاذ قرارات عقلانية تحفظ مصالح الناس.

عندما ثار الحوار بشأن برنامج «الأخ الأكبر» داخل البرلمان كان المفترض من الوزراء والمسئولين عن البرنامج ان يتعاملوا معه داخل البرلمان ويعالجوه بصورة صحيحة. ولكن ما حدث بالنسبة إلى الأخ الأكبر هو ذاته ما حصل لملفات أخرى. فكل شي يتم تعطيله بحيث ييأس من يساند العمل البرلماني من امكانية العمل داخل البرلمان.

القوانين والمقترحات والأسئلة البرلمانية كثيرة، ولكن التعطيل لتلك القوانين واللف حول المقترحات أكبر عددا. فوزارة الاعلام مثلا استطاعت ان تؤخر تعديل قانون الصحافة أكثر من 16 شهرا حتى يومنا هذا، ولم تستطع اية جهة فعل شيء على رغم ان القيادة السياسية أمرت بالتعديل وعلى رغم ان مجلس الشورى اقترح قانونا وعلى رغم كل ما جرى في أوساط الصحافة البحرينية.

هذه الحال ليست استثنائية، ففي حديث مع أحد القريبين من البرلمان اشار إلى 19 حالة مشابهة لما حدث للحوار عن قانون الصحافة. وهذا يعني ان الذي يساهم في افشال العمل البرلماني ليس المقاطعون وليس اعضاء البرلمان الذين يحبون اللجوء إلى الشارع دائما، وانما عدد غير قليل من المسئولين في الحكومة.

هذا ايضا ما حدث بالنسبة إلى «الأخ الأكبر». فوزارة الاعلام تعاملت مع الموضوع كما تعاملت مع طلب تعديل قانون الصحافة عبر الحديث غير الجاد وتأخير الاعمال وعدم الرد الواضح وعدم التعاطي بروح ايجابية وحيادية مع الأمور. ووزارة الاعلام ليست وحيدة في هذا الاسلوب، بل يشمل الأمر مختلف الوزارات، وهو السبب في تعطيل عشرات المشروعات والمقترحات التي انجز اعضاء البرلمان حواراتهم حولها ولكن الحكومة - وبقدرة قادر - استطاعت ان تنسى الأمر على أمل ان ينساه الجميع.

اننا بحاجة إلى مساءلة انفسنا جميعا: هل نحن جادون في مساندة مشروع الاصلاح الذي دشنه جلالة الملك في مطلع العام 2001؟وهل نحن جادون في اصلاح ما نؤمن بوجوب اصلاحه في المشروع؟ وهل نحن على استعداد للتعاطي الايجابي والحيادي مع الموضوعات؟ وهل نحن جادون عندما نقول اننا نسعى إلى دمقرطة السياسة في بلادنا؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 548 - السبت 06 مارس 2004م الموافق 14 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً