العدد 558 - الثلثاء 16 مارس 2004م الموافق 24 محرم 1425هـ

تسخين الوضع السوري

تبدو حوادث مدينة القامشلي في شمال شرق سورية وتداعياتها في المناطق السورية الأخرى وصولا إلى دمشق وحلب، خطوة أخرى نحو تسخين الحديد السوري الذي تجلى أمس ببعض ما يحيط بسورية وسياساتها من حوادث سواء ما يحصل في لبنان، أو لجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية، لا تقتصر على موضوع امتلاك سورية أسلحة الدمار الشامل، بل إضافة إلى ذلك، الزعم ان سورية تسهل مرور المتطوعين الى العراق لمحاربة قوات الاحتلال فيه، وتتزامن الاتهامات مع تصاعد الحديث عن علاقة ودعم سورية لـ «الجماعات الإرهابية» التي تناهض «إسرائيل» وبينها حزب الله اللبناني والمنظمات الفلسطينية.

ولحوادث القامشلي وتداعياتها أسباب داخلية، يمثلها الواقع المتردي للأكراد السوريين ومن ضمنهم عدد من الذين تتجاهل السلطات ضرورة حل مشكلتهم في الحرمان من الجنسية السورية لأسباب تتعلق بإحصاء العام 1962، إضافة الى الحرمان الذي تعاني منه المناطق التي ينتشر فيها الأكراد السوريون، وهي تتماثل في هذا وأوضاع مناطق أخرى سورية، تمثل بعضا من مشكلات السوريين الراهنة التي يتداخل فيها السياسي مع الاقتصادي والاجتماعي، والتي تختصرها مطالب الإصلاح التي تصاعدت خلال السنوات الأربع الماضية.

ان خصوصية أوضاع الأكراد السوريين وعلاقاتهم مع الدولة ومواطنيهم الآخرين من العرب، لا تجعل ذلك عاملا مفجرا للحوادث، لولا ما أحاط بأوضاع الأكراد من ظروف جار سورية العراقي وما تشهده منطقة شمال العراق من تصاعد للنزعة القومية للأكراد هناك، وتوجههم نحو إقامة كيان كردي، وجد له تغطية سياسية في قانون الدولة العراقي الذي تم إقراره أخيرا. وكما هو واضح في المعطيات، فإن تطورات أوضاع سورية الداخلية بعد حوادث القامشلي بما تحمله من تحديات وأخطار تحيط بالبلاد ووحدة لحمتها الوطنية، وتصعيد التناقضات مع السياسة والوجود السوري في لبنان، والاتهامات والتهديدات الاميركية - الإسرائيلية، تعني تهيئة الوضع السوري لاحتمالات جديدة أساسها خلق صعوبات أمام النظام السياسي، ودفعه نحو خيارات غير خياراته الراهنة وخصوصا في موضوع السياسات الإقليمية التي تتبناها دمشق، ولاسيما في أمرين اولهما الوضع في العراق وثانيهما الموضوع الفلسطيني وامتداداته في الصراع العربي - الإسرائيلي.

وخيارات سورية المحتملة في ضوء ما يجري، تنحصر في اتجاهين، اولهما التوافق مع السياسة الأميركية عبر الاستجابة الى املاءاتها، وإجراء تحولات في مواقفها، وهو ما يؤدي الى تحسن ملموس في العلاقات السورية - الأميركية، والثاني إصرار سورية على متابعة السياسات الراهنة، وهو أمر سيؤدي الى زيادة في تسخين الوضع السوري بخلق تفجرات داخلية أو خارجية على نحو ما حصل في القامشلي وفي لبنان، وقد يتجاوز الامر ذلك الى فتح خُرّاجات في الخواصر السورية الضعيفة من اجل زيادة إنهاك سورية، وربما التمهيد الى خطوات هدفها إجبارها على تغيير سياساتها ولو بالقوة

العدد 558 - الثلثاء 16 مارس 2004م الموافق 24 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً