العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ

استراتيجية «أوبك» الصارمة وراء قفزة أسعار النفط

اعتمدت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» منذ ستة اشهر استراتيجية صارمة لخفض إنتاجها، الأمر الذي يعتبر بمثابة عقاب للاقتصاد الأميركي، لاسيما مع ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات قياسية وبعض الضعف في موقف الولايات المتحدة حيال «الكارتل» النفطي.

وأشار التقرير الأخير لمركز دراسات الطاقة الشاملة إلى أن: منظمة «أوبك» تسعى وراء الحد من عرض النفط في حين يسجل الطلب تسارعا نادرا.

وقد بدأت «أوبك» هذا التغيير عندما أعلنت فجأة في سبتمبر/أيلول ثم في فبراير/شباط الماضيين إجراء تخفضين على إنتاجها في حين فقد مخزون الدول المتطورة والولايات المتحدة خصوصا الكثير من حجمه بفعل القفزة غير المتوقعة في الطلب الصيني على النفط وشتاء قارس في أميركا الشمالية وطلب مرتفع بشكل غير طبيعي على البنزين.

وبينما أنهى سعر برميل النفط الخام جلسة التداول في الأسبوع مسجلا أعلى مستوياته منذ 13 سنة في نيويورك، بتجاوزه عتبة 38 دولارا، بدا أن «أوبك» غير مستعدة لتليين مواقفها وأكدت أنها ستخفض حصصها الإنتاجية اعتبارا من الأول من ابريل/ نيسان المقبل. ويعتبر ذلك بمثابة تحول في استراتيجية «الكارتل» النفطي الذي رحب حتى الآن بسعر يتراوح بين 22 و28 دولارا للبرميل وهو ما تم تجاوزه بقوة أمس.

وأكد مركز دراسات الطاقة الشاملة: «إن حجة المنظمة التي تخشى انهيارا في الأسعار ليست واقعية». فيما قال الخبير في المركز منوشهر تاكين: «إن «أوبك» تلقي بمسئولية ارتفاع الأسعار على حركة مضاربات في السوق، وتبرر جزئيا قرارها بخفض حصص الإنتاج، بضعف سعر صرف الدولار الذي يجتزأ، برأي أوبك، من عائداتها». غير أن تاكين اعتبر: «أن انعكاس هذين العاملين ليس مهما إلى هذه الدرجة».

ويرى الخبراء أن السبب الرئيسي هو القفزة غير المتوقعة في حركة الطلب ولاسيما طلب الصين - التي أصبحت اليوم ثاني اكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة - والتي تقلب المعطيات في السوق النفطية.

ولفت المحلل في دويتشي بنك بول سانكي أيضا إلى أن «ما تغير هو أن لدينا طلبا كبيرا جدا الآن».

أما المستشار المستقل وليام ادواردز فقال: «إن منطق «أوبك» هو أن الاقتصاد يتحسن مجددا في الولايات المتحدة واليابان وسينتهي بالانتعاش مجددا في أوروبا».

ويعطي ارتفاع حركة الطلب العالمي مزيدا من هامش المناورة للدول الأعضاء في منظمة «أوبك» لمواصلة تحقيق أهدافها الخاصة عبر التقليل من الاهتمام بالشكاوى الصادرة عن زبونها الأول: الولايات المتحدة.

وقال منوشهر تاكين «عندما تبيعون مواد أولية تحاولون حتما الحصول على أعلى سعر ممكن».

وهكذا، فإن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الذي تعتبر بلاده احد ابرز مصدري النفط إلى الولايات المتحدة وتمر بأزمة اجتماعية خانقة، لا يحرم نفسه من استخدام النفط كسلاح سياسي: فقد هدد بوقف الشحنات النفطية إلى الولايات المتحدة التي يتهمها بالسعي إلى الإطاحة به.

ويعتمد الاقتصاد في فنزويلا على العائدات النفطية بصورة كبيرة، لكن إنتاج البلد النفطي يواجه صعوبات جمة للعودة إلى طبيعته اثر الإضراب الذي شل الصناعة النفطية الفنزويلية بين ديسمبر/ كانون الأول من العام 2002 وفبراير/ شباط 2003.

لكن تاكين اعتبر أن المملكة العربية السعودية المنتج الأول للنفط في العالم والأكثر نفوذا في اتخاذ القرارات داخل منظمة «أوبك» ينبغي أن لا يسمح للأسعار بالارتفاع جدا لكي لا تؤلب الرأي العام ضدها ولا تعرض للخطر علاقتها المميزة مع واشنطن. إلا أن التذمر بدأ فعلا من جانب إدارة بوش خلال هذه السنة الانتخابية في حين قد يلقي ارتفاع أسعار النفط بثقله على الانتعاش الاقتصادي.

وأعرب وزير الخزانة الأميركي جون سنو عن قلقه من المستوى العالي لأسعار النفط الذي قد يكون له، برأيه، تأثير «الضريبة» على الصناعيين والنمو

العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً