العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ

هجمات مدريد تقضي على آمال انتعاش الاقتصاد الأوروبي الهزيل

انقسام مسئولي مصرف الاحتياط الفيدرالي حيال أسعار الفائدة

أشار التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني إلى انقسام مسئولي مصرف الاحتياط الفيدرالي الأميركي حيال وجوب الترتيب بشأن رفع أسعار الفائدة، وقال التقرير إن ما يبعث على القلق هو موقف مجلس الاحتياط الفيدرالي القائم على تقديرات غير واقعية لأسواق المال لدرجة أن رفع أسعار الفائدة قد يسبب ردة فعل قوية في الأسواق.

وفي أوروبا بيّن التقرير أن الثقة في الانتعاش تراجعت مع هجمات مدريد التي يمكن أن تقوض الثقة في انتعاش اقتصاد أوروبا الهزيل. وفي المملكة المتحدة أوضح التقرير أن ارتفاع أسعار المساكن مازال متواصلا، في حين انخفض مقياس التضخم إلى ما دون 2 في المئة. أما في اليابان فتحدث التقرير عن انخفاض سعر الدولار مقابل الين، ما أدى إلى حمى شراء الأسهم اليابانية التي انتابت المستثمرين الذين عوّلوا على عدم تغيير السياسات النقدية اليابانية.

الولايات المتحدة

تولي الأسواق البيان الذي يعقب اجتماع لجنة السوق الفيدرالي المفتوح اهتماما بالغا، في محاولة لالتقاط أي تلميح يمكن أن يشي بمكنون نوايا مجلس الاحتياط الفيدرالي تجاه سياسة أسعار الفائدة. ويماثل ذلك البيان أهمية محاضر الاجتماعات السابقة، وقد شهد الأسبوع الماضي ليس فقط إبقاء الأسعار عند مستوى 1 في المئة، بل شهد أيضا نشر محاضر اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة التي عقدت في السابع والعشرين والثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني.

وقد كانت المفاجأة انقسام مسئولي البنك المركزي على حصافة الرأي القائل بوجوب التريث بشأن رفع أسعار الفائدة، وكذلك بشأن ما إذا كان معدل التضخم أقرب إلى الارتفاع أو الانخفاض هذا العام. ويوحي هذا الاختلاف بأن مجلس الاحتياط الفيدرالي، إذ يجمع حاليا على الرغبة في المحافظة على الأسعار لحين توسع الاقتصاد، يمكن أن يشهد هذا العام خلافات مع مرور الوقت. ويبدو أن أكثر ما يبعث على القلق هو أن موقف مجلس الاحتياط الفيدرالي يؤدي إلى تقديرات غير واقعية في الأسواق المالية، إلى حد أن رفع الأسعار لاحقا قد يسبب ردة فعل عنيفة في الأسواق. وقد ترددت هذه المخاوف لدى بعض المحللين الذين يشعرون بأن السياسة النقدية التوسعية لمجلس الاحتياط الفيدرالي تشجع على مضاربات مبالغ فيها على الأسهم وسندات الشركات والمساكن.

على أية حال، يبدو أن الرأي الغالب حاليا في مجلس الاحتياط الفيدرالي هو أن النمو السريع في إنتاج الفرد العامل، والذي يؤدي إلى الحد من ارتفاع أسعار الكلفة، كما أن البطالة المرتفعة وعدم الاستخدام الكلي لقدرات إنتاج قطاع الأعمال، ستدفع جميعها غالبا إلى انخفاض معدل التضخم قليلا. ولإحقاق الحق، لابد من الاعتراف بأن عددا من مسئولي مجلس الاحتياط الفيدرالي كانوا ألمحوا للأسواق بأن لصبرهم حدودا، ممهدين الطريق لرفع لاحق في أسعار الفوائد. وقد أشاروا أيضا إلى أن مجلس الاحتياط الفيدرالي لديه ثلاث منهجيات عامة في رفع أسعار الفائدة: الانتظار ثم تحريك الأسعار بسرعة أو البدء في مرحلة مبكرة والتحرك ببطء أو الانتظار ورفع الأسعار على مهل ليتسنى لمعدل التضخم أن يرتفع عن المستويات المنخفضة التي يشهدها حاليا. وفي الغالب أنهم أيقنوا في العام 1994 مخاطر رفع الأسعار بسرعة. فحين رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية من 3 في المئة إلى 6 في المئة خلال 12 شهرا فقط خلال العام 1994، ارتفعت أسعار الفائدة على المدى الطويل بشكل سريع، وتردد صدى هذا الارتفاع بشكل مضخم في المشتقات المالية. ولذلك، فإن الأمر ينحصر في إحدى المنهجيتين الأخريين.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة العمل إلى أن النمو في الأسعار الاستهلاكية الأميركية بقي تحت السيطرة في شهر فبراير/ شباط، على رغم بعض الدلائل إلى أن قطاع الأعمال يواجه ضغطا في الأسعار. فقد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية بمعدل 0,3 في المئة الشهر الماضي بعد التعديل الفصلي، وذلك بعد أن كانت ارتفعت بمعدل 0,5 في المئة في شهر يناير. وارتفعت أسعار الجملة في الولايات المتحدة في شهر يناير بارتفاع أسعار البنزين، ولكن هذه البيانات لا تعني ارتفاعا عاما في الضغوط التضخمية. وارتفع مؤشر أسعار الإنتاج للسلع التامة الصنع بمعدل 0,6 في المئة في شهر يناير مقابل 0,2 في المئة في شهر ديسمبر/ كانون الأول. ولكن إذا ما استثنينا الارتفاع البالغ 4,7 في المئة في أسعار الطاقة، يكون المؤشر انخفض بمعدل 0,2 في المئة.

وأخيرا، انخفضت طلبات البطالة للأسبوع المنتهي بتاريخ 13 مارس/ آذار بستة آلاف طلب ليصبح الرقم الفصلي المعدل 336,000 طلب. وانخفض معدل الأسابيع الأربعة أيضا بألفي طلب ليصل إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أعوام وبلغ 344,000 طلب.

وبالإجمال، طالما بقي معدل التضخم تحت السيطرة وطالما بقي سوق العمل مضعضعا، ستبقى أسعار الفائدة الأميركية على ما هي عليه لبعض الوقت، وبالتالي ستظل فروقات أسعار الفائدة تثقل كاهل العملة الأميركية. ومع ذلك، نشعر بأن نقطة ارتكاز ضعف الدولار قد بدأت تتحول شرقا، إذ بدل أن تستفيد عملات مثل اليورو من الوضع المتردي للدولار، ستكون العملات الآسيوية هي المهيأة للعب ذلك الدور. ويقوم الين بهذا المقام حتى الآن، ونظن أن غيره من العملات الآسيوية ستنضم إليه.

منطقة اليورو

قدم استطلاع عن الثقة المتزعزعة بالاقتصاد أول إشارة إلى أن هجمات مدريد يمكن أن تقوض الثقة في الانتعاش الاقتصادي الأوروبي الهزيل. فقد أشار استطلاع للثقة أجراه المركز الأوروبي للأبحاث الاقتصادية في مانهايم شمل 313 مستثمرا ألمانيا ومحللا ماليا، إلى أن الانتعاش لن يكون بقوة ما كان متوقعا، ويثير أسئلة بشأن استمراريته. وعلى رغم أن غالبية واضحة من المستطلعين مازالوا متفائلين بشأن الانتعاش الاقتصادي، فإن النسبة انخفضت لثلاثة أشهر متتالية، وقد ساهم عامل هجمات مدريد فقط في إبراز التفاؤل المتناقص.

وفي هذه الأثناء، انخفض مؤشر گEW الألماني للتوقعات الاقتصادية، وهو مؤشر يتم تتبعه عن كثب، من 69,9 في شهر فبراير إلى 57,6 في شهر مارس، أي بأكثر من 12 نقطة. وعلى رغم أن ذلك كان الانخفاض الثالث على التوالي لمؤشر متقلب جدا، فإن مستوياته مازالت مرتفعة نسبيا في شهر مارس، ما يشير إلى أن ألمانيا في طريقها نحو انتعاش متواضع. ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الألماني ما بين 1,5 في المئة و2 في المئة في العام 2004. وما يثير قلق المحللين أكثر هو شكوكهم بشأن إمكان المحافظة على سرعة هذا الانتعاش.

وفي هذا الحين، انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 1,6 في المئة في شهر فبراير، وهو المستوى الأدنى له منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1999، ما أفسح المجال أمام البنك المركزي الأوروبي ليخفض أسعار الفائدة. ولكن أسعار الفائدة تنحى نحو بقائها على حالها في المدى القصير جدا على رغم الطلب المحلي الضعيف وقوة اليورو، ما يمكن أن يضعف من تنافسية الشركات في هذه المنطقة.

وإجمالا، فإن الثقة الضعيفة في الاقتصاد والتضخم البطيء وارتفاع المخاطر الجيوسياسية تجعل خفض أسعار الفائدة حتميا ومسألة وقت فقط، ما قد يحد من ارتفاع اليورو في المدى القصير على رغم استمرار اعتقادنا بأن الدولار لم يقترب بعد من نهاية مساره التنازلي. وحاليا، فإن العودة إلى المستوى السابق الذي يفوق 1,29 تبقى مؤجلة، ونتوقع فترة من التداولات بشأن مستوى 1,25 خلال الأسابيع القليلة المقبلة إلى أن تتضح نوايا البنك المركزي الأوروبي.

المملكة المتحدة

تواصل الارتفاع في أسعار المساكن في المملكة المتحدة خلال شهر فبراير، إذ أفاد المساحون أن الرؤية المستقبلية للأسعار تظل قوية. فقد أفادت المؤسسة الملكية للمساحين القانونيين أن 54 في المئة منهم سجلوا ارتفاعا في أسعار المساكن في الأشهر الثلاثة المنتهية في شهر فبراير، مقارنة بنسبة 40 في المئة في المدة السابقة. وسجل 6 في المئة فقط من المساحين انخفاضا في نسبة ارتفاع أسعار المساكن. ويبدو أن رفع بنك انجلترا لأسعار الفوائد في شهر فبراير قد وازنه ازدياد قوة الاقتصاد.

وقد انخفض مجددا مقياس المملكة المتحدة الرئيسي للتضخم إلى ما دون هدف بنك انجلترا البالغ 2 في المئة في شهر فبراير، وذلك نتيجة استمرار ضعف أسعار الملابس. وارتفع مؤشر سعر المستهلك بنسبة 0,3 في المئة منذ شهر يناير هذا العام وبنسبة 1,3 في المئة منذ شهر فبراير العام 2003. وكان ذلك متماشيا مع التوقعات، وشكل انخفاضا ملحوظا في معدل التضخم السنوي الذي كان بلغ 1,4 في المئة في شهر يناير. وحتى الآن، فإنه تكاد لا توجد دلائل هذا العام على ارتفاع عام في الأسعار، ولكن يتوقع أن يرفع بنك انجلتر أسعار الفوائد مجددا إما في شهر أبريل/ نيسان أو في شهر مايو/ أيار. ومع ذلك، فإن أحد الأسباب التي دفع لجنة السياسة النقدية إلى ترك أسعار الفائدة على حالها في شهر مارس، كما تبيّن محاضر آخر اجتماع، كان الخوف من أن مثل هذا التحرك الذي لم تكن تتوقعه الأسواق وقتئذ كان يمكن أن يزيد من قوة الجنيه أكثر، علما بأن ارتفاع العملة البريطانية الأخير أضر بصافي الميزان التجاري.

وقدم المستشار غوردن براون موازنته، ولكن الأسواق لم تعبأ بها، ونظرت إليها على أن دافعها سياسي وأنها افتتاح للحملة الانتخابية. ووعد المستشار بإنفاق ملايين أكثر على الخدمات العامة الأهم، وبذلك لم تبرد الحمى التي تجتاح قطاع المستهلك ولا سوق المساكن الرائج. وببساطة، لقد سرعت الموازنة من خطر إقدام بنك انجلترا المركزي على رفع أسرع لأسعار الفائدة. وبالتالي، وبناء على الاحتمال المتزايد لرفع آخر لأسعار الفائدة في المملكة المتحدة، من الممكن جدا أن يبقى الجنيه مدعوما في المدى القريب، ولا يمكن استبعاد محاولة ارتفاعه نحو النصف الأعلى إلى مستوى 1,89.

اليابان

كان لابد من حدوث ذلك، إذ لا يمكن لبنك اليابان أن يتدخل بشكل أحادي إلى الأبد، آملا في الوقت نفسه أن يتمكن من تغيير شعور السوق. وانخفض سعر الدولار مقابل الين في الأسبوع الماضي بشكل سريع ليصل إلى نحو منتصف 106 مع انسحاب اليابان من دور «العين الساهرة» التي تلعبه مع الأسواق. ولكن قبل أن تستشعر الأسواق هذا الغياب، نشر تقرير في الصحف (نفته طبعا وزارة المالية) يقول إن بعض مسئولي البنك المركزي في اليابان يتوقعون أن يخف التدخل الذي يتم على نطاق واسع لبيع الين بعد نهاية الشهر الجاري. وقد نظر المحللون إلى هذا التقرير على أنه محاولة من قبل بنك اليابان المركزي لرصد كيفية تجاوب الأسواق مع إرخاء قبضة سياستها التدخلية، إذ اعتقدت الأسواق أن صحيفة مرموقة لن تكتب مثل تلك الأقاويل من دون أن تبالي بعيدا عن آراء السلطات النقدية اليابانية. فهل أيقن بنك اليابان أخيرا أن التدخل لن يجدي، أو أن هذه مجرد وقفة لتقييم رأي الأسواق قبل استئناف السياسة التدخلية الشرسة؟ نحن نميل إلى الاعتقاد بأن مقال الصحيفة كان بالون استشعار يمهد السبيل لاستراتيجية خروج لبنك اليابان المركزي حتى يتسنى لليابانيين التخفيف من حجم تدخلهم إلى مستويات معقولة، وهو أيضا مناورة للتغيير من التكتيك الهجومي المتبع في الشراء والذي يدفع الدولار مقابل الين إلى مستوى أعلى، نحو أساليب تكتيكية دفاعية تبطئ من الارتفاع الحتمي للين.

وفي تلك الأثناء، استمر المستثمرون الأجانب في شراء الأسهم اليابانية بقوة. وقد صوّت بنك اليابان أيضا لعدم تغيير السياسة النقدية. وإجمالا، نستمر في التطلع إلى انخفاض الدولار مقابل الين في الأسابيع المقبلة، وقد يتسارع هذا الانخفاض بعد نهاية هذا الشهر ربما نحو هدفنا المتوسط المدى 103/ 102. ولكن من أجل الوصول إلى ذلك الهدف لابد أولا من محو الخط الأحمر الذي حدده بنك اليابان المركزي عقب اجتماع الدول الصناعية السبع في دبي في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي وتجاوز مستوى الدعم القوي عند 105

العدد 567 - الخميس 25 مارس 2004م الموافق 03 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً