العدد 2752 - الجمعة 19 مارس 2010م الموافق 03 ربيع الثاني 1431هـ

العودة إلى مجلس الأمن وخيار الانتفاضة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

تعليق الرئيس الأميركي باراك أوباما على الإهانة التي تلقتها الإدارة بشأن الاستيطان في القدس والضفة الغربية من جانب حكومة أقصى التطرف الإسرائيلي تؤشر إلى بداية تراجع واشنطن أمام هجوم تل أبيب المضاد. فالكلام الرئاسي عن أن «إسرائيل» هي أقرب الحلفاء، والخلاف معها يقارب في تكوينه العام تلك الإشكالات التي تحصل عادة بين الأصدقاء وداخل الأسرة الواحدة يرسل إشارة سيئة تشجع حكومة نتنياهو – ليبرمان على مواصلة سياسة القهر ضد الشعب الفلسطيني ويحبط كل المحاولات العربية التي لا تزال تراهن على احتمال نمو قوة دولية تضغط باتجاه المفاوضات ودفع عملية السلام خطوات إلى الأمام.

التراجع الأميركي المترافق مع ضعف في التعامل الموضوعي مع الاحتلال الإسرائيلي يشكلان خطوة لا تساعد على تعديل التوازن الدولي المطلوب لإعادة إحياء خريطة طريق تضمن خروج المنطقة من أزمة أخذت تتآكل زمنيا وبدأت تنكشف عن معادلة يصعب تجاوزها من دون الانزلاق نحو العنف.

المنطقة العربية الآن وبعد الكلام الأميركي عن الأخوة والرابط الخاص الذي يجمع الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني باتت أمام تحديات تطرح على دولها مجموعة مهمات لا بد لها أن تأخذ في الاعتبار عجز إدارة واشنطن عن تجاوز حواجز تقليدية تفرض شروطها الذاتية على الرئاسة والطاقم الذي يدير توجهات البيت الأبيض.

هناك معضلة أميركية في هذا الجانب. والمعضلة كما يبدو شديدة التعقيد ويصعب على الرئيس أوباما تفكيكها أو تذليلها خوفا من أن يتجه نحو سياسة مغامرة تهدد موقعه في البيت الأبيض وتثير ضده لوبيات تتحكم بمصادر القرار في الكونغرس والحزب الديمقراطي وتلك الشبكة الأخطبوطية التي ترسم حدود الاختلاف والتوافق مع الطفل المدلل وما يجره على الولايات المتحدة والمنطقة من حركات شغب ترتد على الشعب الفلسطيني بالمزيد من الويلات.

التحدي الذي أظهرته حكومة تل أبيب وجّه صفعة وصفتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالإهانة لسياسة الولايات المتحدة. الإهانة بدأت واشنطن تتكيف معها وأخذت تتعايش مع ارتداداتها في سياق يغلب المصلحة الإستراتيجية العليا على الاختلاف الأخوي في الأسرة الواحدة. وهذا النوع من التحدي والاستجابة يعطي «إسرائيل» فرصة للخروج من المأزق ويدفع الطرف الفلسطيني وعمقه العربي نحو زاوية حادة تتطلب الرد على مستوى مشترك يضمن الحد الأدنى المطلوب لاستنهاض الشارع ومواجهة استحقاقات تهدد هوية القدس العربية في حال استمر الاستيطان ينمو كالفطر في المدينة والضفة الغربية.

الدول العربية الآن أمام سؤال مفصلي: ما العمل في ضوء وقائع ميدانية يفرضها الاحتلال من جانب وضعف أميركي لا يستطيع تجاوز حدود سياسة تقليدية من جانب آخر؟

هناك إشكاليات حقيقية. كل الأجوبة يمكن أن تكون مرة وقاسية حتى لو قررت الدول العربية في قمتها المقبلة التمسك بمبادرة السلام وتغطية السلطة الفلسطينية في خطوة الدخول إلى مفاوضات غير مباشرة مع حكومة تل أبيب.

القرار الأميركي كما هو ظاهر للعيان لا يأخذ في الاعتبار الكثير من المصالح العربية في ميزان التفاوض والعدالة مادامت واشنطن اعترفت بضعفها وعجزها عن اتخاذ تلك الخطوة التاريخية المنتظرة منذ عقود. وحين تكون الولايات المتحدة لا تمتلك القدرة أو الشجاعة على إدارة ملف السلام في «الشرق الأوسط» فإن الدول العربية تصبح في موقع يسمح لها باتخاذ تدابير مضادة أو موازية لحماية هيبتها ومصالحها وضمان ما تبقى من حقوق للشعب الفلسطيني.

إعلان أوباما صراحة عن ضعف إدارته في التعامل المحايد مع الموضوع الفلسطيني يعطي بدوره الضوء الأخضر للدول العربية باتجاه التخطيط لرسم سياسة تتجاوز الدور الأميركي وتفتح الآفاق السلمية نحو بدائل موضعية يمكن أن تتحرك على محورين: الأول، دولي يبدأ برفع الملف مجددا إلى مجلس الأمن لاتخاذ تدابير قانونية تكسر الجمود الذي طرأ على المنطقة بسبب التهرب الإسرائيلي. والثاني، شعبي يبدأ بتشجيع نمو مقاومة مدنية طويلة المدى تؤسس ميدانيا ذاك الحزام السياسي لحماية القدس من التهويد والحد من الانتشار الاستيطاني الأفقي والعمودي في الضفة الغربية.

العودة إلى خيار الانتفاضة تحت سقف دولي تعطي ذلك الغطاء القانوني للحقوق الفلسطينية، وتشكل خطوة مشروعة لا تستطيع حتى الولايات المتحدة رفضها في اعتبار أن إدارة واشنطن اعترفت علانية بعدم قدرتها على تحريك ملف التفاوض خارج دائرة المزاج الإسرائيلي وطموحاته.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2752 - الجمعة 19 مارس 2010م الموافق 03 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:53 م

      عبد علي عباس البصري

      شكرا اخ وليد لغيرتك على اسلامك وعروبتك . ولاكن. هل سمعت بهذا الحديث؟
      من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان أخرجه مسلم.
      ؟؟؟ من من الدول العربيه يحاول ان غير اسرائيل بيده ... او بلسانه... او بقلبه؟ ارجو من الاخوه القرآء ان
      يجيبوني بالنسبه المأويه.

اقرأ ايضاً