العدد 2752 - الجمعة 19 مارس 2010م الموافق 03 ربيع الثاني 1431هـ

من وحي الذكرى 54 للاستقلال: تونس منارة ثقافية على الدوام

خالد الزيتوني comments [at] alwasatnews.com

السفير التونسي لدى البحرين

تحتفل تونس في العشرين من مارس/ آذار 2010 بالذكرى الرابعة والخمسين للاستقلال، الذي مثّل لحظة وطنية فارقة توّجت نضال الشعب التونسي من أجل الحرية والانعتاق وتجسّدت فيها جملة من المعاني النبيلة كالتضحية والبذل والعطاء والولاء لتونس والذود عن رايتها.

ولمّا كان الاستقلال صِنو الحرية والانعتاق، والثقافة رافدا أساسيا من روافد تكريس السيادة الوطنية، فقد تركّزت الجهود، أثناء مرحلة بناء الدولة، على تخليص الثقافة التونسية من شوائب الاستعمار وإعادة الاعتبار لها باعتبارها عنوان حضارة عريقة ساهمت منذ العهد القرطاجني في إثراء الفكر الإنساني.

ووفقا لهذه الرؤية، راهنت تونس، منذ تغيير السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، بقيادة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، على الثقافة في إطار مشروع حضاري متكامل يعتبر الثقافة سندا للتنمية، ويرمي إلى إعادة البلاد إلى سياق الفعل التاريخي وتكريس مكانتها عبر العصور كرمز للانفتاح والإبداع وحوار الثقافات والحضارات.

وانطلاقا من الإيمان الراسخ بأنّ المشاريع الإصلاحية لا تستقيم إلا بتوفرها على رؤى ثقافية تثريها بالمضامين الحضارية والفكرية وتمنحها آليات الفعل والتأثير والتواصل، فقد تعددت المبادرات لتأهيل القطاع الثقافي في تونس وحفزه على الانخراط في مجتمع المعرفة والأشكال الرقمية الجديدة للإنتاج وشملته إصلاحات هيكلية وبرامج متنوعة.

كما أحاط الرئيس زين العابدين بن علي المبدع التونسي بكل الرعاية والاهتمام، لا سيما من خلال إقرار يوم وطني للثقافة واعتماد قانون التغطية الاجتماعية للمبدعين، فضلا عن تنظيم المهن الإبداعية وتوفير الضمانات القانونية لحقوق التأليف والملكية الفكرية.

كما تم العمل من ناحية أخرى على تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة ببعث المشاريع الثقافية وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.

ويمثل المشروع الثقافي الضخم المتمثل في مدينة الثقافة منجزا نوعيا سيساهم في النهوض بالإنتاج الثقافي التونسي وإكسابه بعدا دوليا، وذلك من خلال ما سيوفره من فضاءات تشمل مختلف مجالات الإبداع.

وفي هذا الاتجاه، أيضا، يندرج بعث إذاعة تونس الثقافية التي انطلق بثها يوم 29 مايو/ أيار 2006. كما تضاعفت الميزانية المخصصة للثقافة أكثر من سبع مرات خلال الفترة من 1987 إلى 2009 لتبلغ نحو 1.25 في المئة من الميزانية العامة للدولة وينتظر أن تصل إلى 1.5 في المئة في أفق سنة 2014.

هذا فضلا عن عديد الإجراءات الأخرى التي ساهمت في جعل الثقافة في تونس كالماء والهواء حقا مشاعا لكافة الفئات والجهات، ومعبرة عن الشخصية التونسية الأصيلة، المتشبعة بالقيم والمنفتحة على التجارب الإنسانية الأخرى، والحريصة على التفاعل الإيجابي مع مستجدات العصر.

وتقديرا لهذه الجهود اختيرت تونس لتكون عاصمة للثقافة العربية سنة 1997. كما كانت مدينة القيروان العريقة عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2009، ممّا عزّز إشعاع تونس دوليا ورسّخ دورها في دعم حوار الثقافات والحضارات ونشر قيم التسامح والتكافل والتضامن.

كما أنّ تونس، التي تحتضن مقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، قد أضحت فضاء لعديد التظاهرات الكبرى التي تنهل من مناخ الحرية والديمقراطية المتوفر في البلاد، ذلك أنّ الحقّ في الثقافة في تونس العهد الجديد هو جزء لا يتجزّأ من منظومة حقوق الإنسان ومقوم أساسي من مقومات البناء الديمقراطي التعددي.

من ناحية أخرى، وتجسيدا للحرص على الانخراط في ثقافة العصر واقتصاد المعرفة أولت تونس عناية خاصة لقطاع تكنولوجيات الاتصال في إطار خطة متكاملة تهدف إلى مزيد النهوض بالبنية الأساسية للاتصال وإرساء الإطار التنظيمي والقانوني الملائم، بما يشجّع على اسـتغلال الوسائط الرقمية وتكنولوجيات الاتصال الحديثة في شتّى مجالات الإبداع.

وتتجلّى العناية الموصولة بقطاع الثقافة في البرنامج المستقبلي للرئيس زين العابدين بن علي للخماسية القادمة 2009-2014 «معا لرفع التحديات»، الذي خص هذا القطاع بنقطة وردت تحت عنوان «تونس منارة ثقافية على الدوام»، ممّا يجسّد القناعة الراسخة بأنّ الثقافة سند للتنمية ودعامة أساسية للمشروع المجتمعي لتونس الغد.

وفي هذا السياق، أقرّ الرئيس زين العابدين بن علي أن تتميز الفترة القادمة بإقامة خماسية الثقافة 2009-2014 من خلال وضع برنامج سنوي لكل فن (سنة للمسرح وسنة للموسيقى وسنة للسينما وسنة للكتاب وسنة للفنون التشكيلية) تكون كلها خير حافز على مزيد النشاط والإنتاج.

ولأنّ الاستقلال، في جوهره، أمانة تاريخية تتناقلها الأجيال، جيلا بعد جيل، فإنّ الثقافة في تونس تتنزّل في صميم هذه المسؤولية التاريخية. وإنّ بلادنا مقبلة على خماسية جديدة يكون فيها الإبداع الثقافي طرفا أساسيا في عملية التنمية الشاملة وفي مزيد تكريس قيم الديمقراطية والتعددية والشراكة في الوطن والمواطنة.

إقرأ أيضا لـ "خالد الزيتوني"

العدد 2752 - الجمعة 19 مارس 2010م الموافق 03 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:27 ص

      اللهم آمين

      الحمد لله على الاستقلال الآن كل عربي يستطيع ان يشارك في تقرير مصيره ورئيسه مو امس في الاحتلال البريطاني ما احد يقدر ان يتنفس الحين زين شوفو الاسرائيليين ما يقدرون حتى اطالعو رأيسهم من الخوف من جبروته وأجرامه الهم العن حكام اليهود والامريكان وارحم حكام الدول العربيه وأهدهم الى الطريق المستقيم ، وجنبهم الشر ،واطل في اعمارهم يا رب العلمين .

اقرأ ايضاً