العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ

أكثر ضحايا العنف الأسري من النساء

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أوصى المؤتمر العربي الثاني لحماية الأسرة من العنف، الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان على امتداد يومي 16/17 فبراير/شباط 2008، وتحت شعار «نحو منهاج عمل لحماية الأسرة من العنف» باعتماد الأهداف الاستراتيجية الواردة في منهاج العمل العربي لحماية الأسرة من العنف الأسري من أجل «إحداث تغيير في الاتجاهات والسلوكيات المتعلقة بالعنف الأسري من خلال تعميق ثقافة الحماية والمعرفة بمفهوم العنف ومخاطره وكيفية الوقاية منه من خلال التعامل مع جذوره ومسبباته الأساسية ودور السياسات الوطنية في الوقاية من العنف الأسري».

العنف الأسري، وكما تعرفه معظم المصادر المتخصصة في هذا النمط من السلوك الإنساني، هو «سلوك عدواني موجه من واحد أو أكثر من أفراد الأسرة تجاه فرد أو أكثر من أفراد ذات الأسرة... بحيث يكون هذا السلوك فيه ترجيح لميزان القوة بكفة الطرف المعتدي مما يخلق طرفا ضعيفا غير قادر على مواجهة هذا العنف، وهو لا يقتصر فقط على العنف الجسدي وإنما يمتد ليشمل جميع أشكال الاعتداء المادي كالاعتداء الواقع على الجسم... والاعتداء المعنوي الواقع على الفكر والإرادة... والاعتداء اللفظي».

وكما يرى الباحث الاجتماعي شريف حموده، في مقالة نشرها موقع إسلام أولاين فإن العنف الأسري قد «أصبح ظاهرة عربية وعالمية»، ويؤكد كلامه بسرد مجموعة من الإحصاءات المهمة التي تكشف أن الأردن قد «شهد العام 1998 نحو 270 حالة إساءة جسدية وجنسية وإصابات للأطفال، وكثير من هذه الاعتداءات أسرية، وفي العام 1999 سجلت 522 حالة، وفي العام 2000 سجلت 613 حالة». أما في مصر فتشير الإحصاءات إلى أن «65 في المئة من الجرائم التي ترتكب ضد الطفل أسرية، وتبلغ نسبة جرائم قتل الأطفال ‏44 في المئة‏ من الجرائم السنوية ضد الطفل، ‏وحوادث الاعتداء الجنسي ‏18في المئة‏، والاختطاف ‏21 في المئة، والتعذيب ‏8 في المئة، والضرب ‏7 في المئة». وفي الأردن، أوضح مدير إدارة حماية الأسرة العقيد محمد الزعبي في مداخلة له في المؤتمر الثاني المشار إليه أعلاه بأن «إدارة حماية الأسرة تعاملت منذ 2003 إلى نهاية 2008 مع 3418 قضية اعتداء جسدي وجنسي على الإناث منها 998 قضية خلال العام 2008، و 3434 قضية عنف واقعة على الأطفال منها 665 قضية العام 2008». ولعل من أهم أسباب تفشي هذه الدراسة في المجتمعات العربية، وكما يراها استشاري الطب الشرعي في وزارة الصحة الأردنية، هاني جهشان هو افتقار غالبية «الدول العربية تفتقر إلى أحكام وتشريعات تجرم العنف ضد المرأة والطفل وتعاريف العنف والاغتصاب والتحرش الجنسي».

أما على المستوى العالمي فتقر وزارة الداخلية البريطانية - وكما يقول حموده، - بأنه «يتم قتل 4 أطفال أسبوعيّا بأيدي أولياء أمورهم، ويموت 200 طفل سنويّا بسبب جرائم الآباء ضدهم، ويتم ذبح طفل كل أسبوعين بمعرفة أقربائه أو معارفه». وليست أريكا بأفضل حال من بريطانيا، ففيها «يتعرض ما بين مليونين إلى 4 ملايين طفل للاعتداء، ويُقتل آلاف الأطفال بأيدي آبائهم وأمهاتهم، ويُبعد عشرات الآلاف من الأطفال عن أسرهم إلى دور الرعاية سنويّا».

أما على المستوى الخليجي، فينقل مراسل شبكة إسلام أون لاين في قطر محمد صبرة أرقام دراسة ميدانية، أجرتها أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة قطر كلثم علي الغانم على عينة من نحو ثلاثة آلاف طالبة يدرسن في جامعة قطر، جاء فيها «أن 52 في المئة من اللاتي شملتهن الدراسة تعرضن للضرب، و20 في المئة تعرضن للتحرش الجنسي، و14 في المئة تعرضن للاغتصاب، و40 في المئة لا يسمح لهن بإبداء رأيهن، و44 في المئة أوذين بالشتم والإهانة، و36 في المئة تم منعهن من الخروج من المنزل».

وفي السعودية تنقل أوراق الملتقى الذي نظمه مركز سيدات الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، برعاية من صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت نايف بن عبدالعزيز، وتحت عنوان «ملتقى مبادرة الطلاق السعودي للحد من العنف ضد المرأة في الطلاق. الكثير من الحالات العنف الأسري التي تنتهي بالطلاق في المجتمع السعودي.

وبدوره يرى رشود الخريف، أنه على رغم قلة الدراسات التي تناولت العنف الأسري في السعودية، لكن المتوفر منها «يُشير إلى أن 90 في المئة من مرتكبي العنف الأسري هم من الذكور، وأكثر من نصف حوادث العنف الأسري تقع ضد الزوجة، وأن المرأة هي الضحية الأولى للعنف الأسري».

ولعل تفشي هذه الظاهرة على نطاق واسع في السعودية هو الذي دفع الاختصاصية النفسية بمستشفى الملك فيصل التخصصي، أمل الخليفة، إلى إطلاق حملة لملاحقة ومواجهة العنف الأسري.

الحالة الاستثنائية التي يبدو فيها الرجل ضحية للعنف الأسري، كظاهرة، هي هولندا، حيث نقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية خبرا مفاده تلقي وزارة الصحة الهولندية «مبلغ 200 ألف يورو لتوفير مراكز إيواء آمنة للرجال الذين يتعرضون لحوادث عنف أسري على يد زوجاتهم، وستوفر كل مدينة 10 مراكز لإيواء الأزواج، وتأتي هذه المبادرة استجابة للمطالب المتزايدة التي قدمها الأزواج الذين يتعرضون للعنف الأسري للكثير من المؤسسات الصحية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية».

لا أحد ينكر أن العنف، في حد ذاته، هو من الظواهر القديمة التي رافقت نشوء المجتمعات الإنسانية، منذ أن بدأ الإنسان في نسج علاقات اجتماعية مع من يتعامل معهم، بحكم القرب الجغرافي أو الرابط الاجتماعي. وهو علاقة تسير في اتجاهين متعاكسين بين من يمارس العنف، ومن يمارس ضده. ولقد تطورت تلك الظاهرة وتوسع نطاقها، وتعددت أشكالها بتطور المجتمع البشري ذاته. فبينما كانت محصورة في نطاق جغرافي ضيق، باتت اليوم قادرة على التوسع والانتشار على نطاق عالمي مستفيدة مما توفره لها التطورات التي عرفتها صناعة الاتصالات والمعلومات، مما حولها إلى ظاهرة عالمية بحاجة إلى مواجهة واسعة النطاق تتظافر للحد منها مؤسسات عالمية تنبثق منها مراكز إقليمية ومحلية قادرة على رصد تلك الظاهرة ووضع الضوابط التي تحد منها جخكوة على طريق إنهائها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً