العدد 590 - السبت 17 أبريل 2004م الموافق 26 صفر 1425هـ

السيد والقائد... مغامرة بحر طائشة

يتميز فيلم المغامرات البحرية الطائشة لبيتروير بعنوان يوحي بالكآبة والخشونة، ولكن بخلاف عنوانه فان الفيلم الذي تستغرق مدة عرضه 135 دقيقة يبدو شيقا حقا ومليئا بالإثارة. قصة هذا الفيلم مقتبسة من قصة باتريك اوبريان Master and Commander The far side of the World الزاخرة بالاعمال البطولية النابوليونية وقصص المغامرات المثيرة التي تدور حوادثها في اقاصي البحار. وقام ويز باخراج الفيلم ببراعة بالاستعانة بنخبة من أمهر الممثلين مما أضفى جوا من المرح على الفيلم، ومع ان الفيلم قد صور بأسلوب ملحمي إلا انه يعتبر اكثر الفة وعمقا من الافلام الملحمية الأخرى.

ويقوم وير وجون كولي (المشارك في التأليف) برسم صورة مناسبة للحرب البحرية وقوة نيران المدفعية والقتال الشرس عن قرب ولكن المرء يشعر ان شغف البحث والتحقيق يرتكز في الواقع على تصوير تفاصيل الحياة على متن السفينة وبحارتها.

ويطلق على هذه السفينة اسم HMS Surprise، وقد شوهدت للمرة الأولى وهي تسير في دورية لحماية السواحل البرازيلية في ابريل/ نيسان العام 1805 وعندما لف ضباب الفجر المكان هوجمت Surprise على حين غرة من قبل سفينة حربية فرنسية وأصيبت في جانبها بعد قصف شديد ما اضطرها الى الانسحاب بسرعة الى مكان آمن. وعادة ما تتجه معظم السفن الأخرى المصابة بأضرار كبيرة الى الميناء لتجميع صفوفها من جديد ولكن Surprise كانت تحت قيادة القبطان المحنك جاك أوبري الذي أمر باعادة تجهيز السفينة استعدادا لمعركة رئيسية مع السفينة الفرنسية المهاجمة Acheron على رغم من تفوقها على Surprise في قوة النيران.

ويمثل راسل كراو دور جاك اذ يسيطر على حوادث الفيلم بقوة كما يفعل جاك بسفينته فيصدر الاوامر بصوت رجولي منخفض وينظر الى الأفق بنظرته الحادة ومع انه ليس بطاغية الا انه يظهر مسحة من القسوة عندما يأمر بجلد احد البحارة لعدم إطاعته الأوامر.

ويقابل هذه الشخصية الفظة ضيقة الفكر صديقه العزيز ستيفن ماتورين الذي يلعب دور بول بيتاني طبيب السفينة الذي يؤمن بحركة التنوير الفلسفية.

ويعتبر وجود بيتاني بنظاراته الطبية مثيرا وضعيفا في الفيلم. وقد لعب بيتاني كذلك دور صديق كرو في الفيلم المفعم بالحيوية A beautifhul Mind ويظهر ارتياح الممثلين جليا من خلال عزفهم للالحان الثنائية على الكمان والفيولوشيل وفي خلافهم الشديد بشأن تعقب والاستيلاء على سفينة Acheron.

ومن الاشياء التي تبرز الدقة في كتابة هذه القصة ان الرجلين اللذين يختلفان في آرائهما العالمية بشكل جوهري يشتركان في ملامح اخرى مهمة. ويبدو ان ستيفن العالم بالتاريخ الطبيعي والمؤيد لنظرية داروين يفعل ما يراه مناسبا عندما يقوم بجمع الانواع المختلفة من النباتات والحيوانات اثناء توقفهم في جزر غلوباغوس (ارخبيل بركاني في المحيط الهادي غربي الاكوادور) ثم يتضح فيما بعد انه شجاع تماما مثل جاك عندما يقوم أولا بتخييط جرح ناجم عن رصاصة في غرفة عمليات مؤقتة وأيضا عندما يظهر سيفه امام العدو.

وتتسم شخصية جاك المعقدة بدرجة غير عادية في العطف الخيالي، فعندما يقوم بزيارة ضابط الصف البحري بليكني (ماكس بيركس البالغ من العمر 12 سنة) الذي كان يتعافى بعد ان بترت ذراعه اليمنى يقدم له كتابا عن حياة نيلسون القائد البحري الفرنسي ذو الذراع الواحدة الذي يعتبر بطلا فذا وعلى متن المملكة العائمة Surprise يقوم كل رجل بدوره على أكمل وجه (ولا نرى اي اثر للنساء على متن السفينة) ويستطيع التمييز بين الحياة والموت، وتعتبر تضحية فرد من أجل السفينة واجبا مؤلما ولكن عندما يطلب من جاك أو بري قيادة السفينة لا يبدي أي تردد لذلك فان البحارة يبدون احترامهم لموقفه الحازم.

وبعد فترة من التراضي تتابع الحوادث في الفيلم لتدور حول فكرتين رئيسيتين العلم والقيادة في خاتمته الرائعة.

فقد اعطى اهتمام ستيفن العفوي بالحشرات فكرة رائعة لجاك جعلت الأخير يقوم بتمويه السفينة وجعلها تشبه سفينة صيد حيتان متداعية ما جعل الفرنسيين يقتربون من مرمى النيران.

لقد كان حديثه لشحذ همم الرجال صاخبا وحماسيا كالمعركة التي شنها مع فريقه إذ كان يسمع صليل السيوف وهدير المدافع ما قد يتطلب قيام بليكني الصغير بقيادة السفينة اثناء اشتراك القبطان في القتال بالسيوف.

ويعتبر دور الصبي الصغير من أكثر الادوار إثارة في هذا الفيلم ويذكرنا بموهبة وير المذهلة في الاخراج والسيطرة على أداء الممثلين

العدد 590 - السبت 17 أبريل 2004م الموافق 26 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً