العدد 591 - الأحد 18 أبريل 2004م الموافق 27 صفر 1425هـ

المعنى في ارتكاب مزيد من الأخطاء

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

يكتب إيفان توماس في الـ «News Week» في مقال تحت عنوان «مسألة فيتنام»: رجال مشاة البحرية أعادوا معظم دباباتهم الى الوطن. فقد وجدوا في أنفسهم شوقا شديدا الى مدرعاتهم حين انفجرت الفلوجة الأسبوع الماضي (بل انهم اضطروا الى تحمل ذل سؤال الجيش لإعارتهم بعض الدبابات).

حين تنتقل الإرادة في المواجهة من البشر الى الآلة، يتطلب الأمر تمعنا في الحال. ثمة حال من الإنهزام على رغم إمكانات القوة في جانبها المدمر، خصوصا إذا كانت منطلقات الحرب وأسبابها وتبريراتها باطلة من الألف الى الياء!

يضيف توماس: «كان يفترض بحرب العراق أن تنهي الى الأبد أشباح فيتنام وسقوط أميركا الطويل المتدرج في التنمر الورقي».

رهان كذاك يكشف عن حَوَلٍ سياسي مستشر، فالدول التي لا تهضم ولا تتعلم الدروس من ضحاياها الغابرين، جدير بشعوبها الحط من قدْر قادتها الذين يمعنون في حال من السُكْر في جرها الى محارق تلو محارق لا تعدها بغير حال من النشوة العابرة لتصحو على جراحاتها وآلامها وقد امتدت امتدادأولئك الضحايا.

وفي تقرير خاص للمجلة يَرِدُ الآتي: «كانت فيتنام والعراق حربين اختياريتين. في جنوب شرق آسيا أصاب القلق الزعماء الغربيين من ان انتشار الشيوعية سيؤثر على أمننا؛ وفي العراق فان البيت الأبيض قلق من ان انتشار وسائل الإرهاب (من أيديولوجية وأسلحة) سيؤدي الى قتل الأميركيين، إما في وطنهم وإما في الخارج، ومع ذلك، فإن أيا منهما لم يشكل خطرا وشيكا علينا».

ما الذي يعني في لعبة السياسة أن لا يلتفت السياسيون الى تجربتين تفصل بينهما نحو 40 عاما من الأخطاء والحماقات والشراك والفشل؟ يعني بكل بساطة: انهم لا يحتاجون الى أي مبرر لارتكاب مزيد من الأخطاء والحماقات والشراك والفشل، ما داموا قادرين على استغفال شعوبهم!

وتظل قضية احتجاز الحلفاء كرهائن تجربة لم تكن على أجندة (سعير فيتنام) فحجم الحلفاء في تلك الحرب يكاد يكون معدوما. في العراق الأمر مختلف تماما، فثمة حلفاء انصاعوا لإرادة القوة العسكرية وتغافلوا عن قوة القانون والأخلاق، ليجدوا أنفسهم وسط «بروفة لجهنم« تجاوزت رؤيا الكاميرا في هوليوود، ما دفع أحد الكتاب الأميركيين للقول: إذا لم يكن باستطاعة الولايات المتحدة أن توفر قدرا أفضل من الأمن، فلا يمكن توجيه اللوم لإصدقائها لعدم رغبتهم في الصمود والبقاء كاهداف!. وهي رغبة متأخرة، تأخر رغبة استيعاب الدرس في فيتنام.

فؤاد زكريا المحرر في الـ News Week يكتب في مقال تحت عنوان «فرصتنا الحقيقية والأخيرة»: صحيح ان هناك الكثير من الفروق بين تجربة بريطانيا في العراق والنهج الأميركي الحالي هناك، ولكن هناك خطرا واضحا يتمثل في أن ما نشهده في العراق الآن قد يحول المزاج الوطني ضد الولايات المتحدة.

كلام يبدو مقبولا وفيه نبرة من ضمير عربي متأمرك، إلا انه خلاف ذلك على الإطلاق. إذ إن مجرد عرض التجربتين فيه الكثير من محاولة تقريب حال من التفاضل بين نهجين تعاطيا مع الحال العراقية. الأولى في ثورة العشرين والثانية في 9 أبريل/ نيسان العام 2003 على رغم الاختلاف الجذري . إنْ على مستوى المناخ الدولي أو على مستوى ميزان القوى وتعاطيها مع القضايا والمشكلات التي ترى في قمعها حلا وشفاء من صداع قد ينتابها، فيما يتغافل أو «يستهبل» زكريا فيما يتعلق بالمحفز الذي دفع الولايات المتحدة لتجاوز دستورها وقيمها ومثلها وحتى المتبقي من كل ذلك، إذ تتحول الى دولة بوليسية من الدرجة الأولى بعد أن كانت دولة قانون، بعيْد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، وصار من الشائع حضور الفظاظة والعنصرية والعنف لدى بعض الأميركيين بُعيد تلك الحوادث.لذا لا يأتي زكريا بجديد حين يشير الى تحول في المزاج الوطني ضد الولايات المتحدة. هذا اذا كان ثمة مزاج «شعبي أميركي» للتعاطي مع السياسي

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 591 - الأحد 18 أبريل 2004م الموافق 27 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً