العدد 2763 - الثلثاء 30 مارس 2010م الموافق 14 ربيع الثاني 1431هـ

تقدم النساء هو تقدم البشرية، وتقدم البشرية هو تقدم النساء

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

قبل خمس عشرة سنة اجتمعت في بكين مندوبات من 189 دولة في مؤتمر المرأة العالمي الرابع للأمم المتحدة. لقد كان هذا الاجتماع بمثابة نداء للعمل – نداء موجه إلى المجتمع العالمي للعمل من أجل إصدار القوانين، وإدخال الإصلاحات، والتغييرات الاجتماعية الضرورية لضمان حصول جميع النساء والفتيات في كل مكان على الفرص التي هن جديرات بها من أجل تحقيق القدرات التي منحها الله لهن والمساهمة بالكامل في تقدم وازدهار مجتمعاتهن.

وقد استجابت النساء حول العالم لهذا النداء.

في هذه اللحظة، في المدن والقرى والبلدان والقارات، تدير النساء الملاجئ الخاصة بالفارات من العنف المنزلي وبرامج مكافحة الاتجار بالبشر. وهن يقمن بإنقاذ الفتيات من دور الدعارة في كمبوديا، ويخضن حملات للفوز بالمناصب العامة في الكويت، ويساعدن في معالجة النساء اللواتي يتعرضن للإصابة أثناء الولادة في إثيوبيا، ويدرن مدارس للاجئين في بورما، ويقمن بإعادة بناء المنازل في أعقاب الزلازل في كل من هايتي وتشيلي. ودون اعتراف بهن ومن دون تهويل، وفي أغلب الأحيان حتى من دون دعم يذكر، تعمل النساء من أجل تحسين نوعية حياتهن وحياة الناس جميعا.

وها هي جهودهن تتكلل بالنجاح. وتؤتي أكلها. فهناك اليوم عدد أكبر من الفتيات في المدارس في جميع أنحاء العالم. وهناك المزيد من النساء اللواتي يعملن في الوظائف ويشغلن المناصب العامة. وقد سن عدد متزايد من البلدان قوانين تقر للمرأة بحقوقها في المساواة، على الرغم من أن الكثير جدا من القوانين، التي تم سنها فعلا، لا تؤثر فعلا على حياتهن اليومية.

ولكن التقدم الذي حققناه لا يزال بعيدا كل البعد عن اعتباره منجزا. إذ لا تزال النساء يشكلن الغالبية العظمى بين الفقراء، وغير المتعلمين، وغير المعافين صحيا والذين يعانون من نقص الغذاء في العالم. ورغم أن النساء يشكلن الغالبية بين أعداد المزارعين في العالم، فإنهن يحرمن في أحيان كثيرة من ملكية الأراضي التي تقوم النساء كل يوم بزراعتها، أو من الحصول على الائتمان اللازم لجعل تلك المزارع مربحة. ورغم أن النساء هن اللائي يعتنين بالمرضى في العالم، فإن النساء والفتيات أقل حظا في الحصول على العلاج عندما يمرضن. ومع أن من النادر أن تتسبب النساء في اندلاع الحروب، فإنهن دائما هن اللاتي يتحملن عواقبها وكثيرا ما يُستبعدن من المشاركة في مفاوضات السلام. ولا يزال العنف ضد النساء يمثل وباء عالميا.

إن وضع المرأة في العالم ليس فقط مجرد مسألة أخلاق وعدالة، بل هو أيضا واجب سياسي واقتصادي واجتماعي. والأدلة على ذلك دامغة لا لبس فيها: عندما تكون المرأة حرة في تنمية مواهبها وتساهم مساهمة كاملة في مجتمعاتها، فإن ذلك يعود بالخير على الجميع.

فحين تكون المرأة حرة في التصويت والترشح للمناصب العامة، تكون الحكومات أكثر فعالية وأكثر استجابة لشعوبها. وعندما تتمتع النساء بالحرية في كسب أرزاقهن ولقمة عيشهن، وبدء مشاريع أعمال تجارية، عندها يصبحن القوة المحركة للنمو الاقتصادي. وعندما تمنح النساء فرصة الحصول على التعلم وإمكانية الوصول إلى العناية الصحية، عندها تزدهر أسرهن ومجتمعاتهن الأهلية. وعندما تملك النساء حقوقا متساوية تصبح الدول أكثر استقرارا، وسلاما، وأمنا.

إن تحقيق المساواة للمرأة وتعزيزها هو في صلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة. إننا نؤمن بأن المرأة تعتبر حاسمة الأهمية في حل كل التحديات التي نواجهها تقريبا، وأن الاستراتيجيات التي تتجاهل حياة ومساهمات النساء لا تتوفر أمامها فرص كبيرة للنجاح. ولذلك فإننا نقوم بدمج النساء في جميع ما نقوم به من عمل حول العالم.

في أفغانستان، تعتبر مشاركة المرأة الأفغانية في عملية صنع القرار حول مستقبل بلدها أمرا حاسم الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة، والحكم الرشيد والسلام. وهذا هو السبب الذي جعلنا ندرج ضمن إستراتجيتنا ما سميناه بـ «خطة عمل المرأة» من أجل تعزيز الدور القيادي للمرأة في القطاعين العام والخاص، وزيادة فرص حصول النساء على التعليم، والصحة والعدالة، واستحداث فرص العمل للنساء وخاصة في مجال الزراعة. وباختصار، فإن المرأة تشكل أهمية حاسمة لضمان مستقبل أفضل لأفغانستان.

وتشكل المرأة نقطة اهتمام مركزية في الجهود التي نبذلها للارتقاء بمستوى التنمية كدعامة رئيسية من دعائم سياستنا الخارجية، إلى جانب الدبلوماسية والدفاع. فكما الحال بالنسبة للنساء اللواتي يزرعن غذاء العالم، ويجمعن الماء، ويجمعن الحطب، ويغسلن الملابس، وبصورة متزايدة يعملن في المصانع، ويدرن المتاجر، ويطلقن شركات الأعمال التجارية ويوفرن الوظائف، فإن النساء يشكلن قوة هائلة في أي نمو اقتصادي أو تقدم اجتماعي.

إن النساء هن محط تركيز ثلاث مبادرات رئيسية يجري تنفيذها في السياسة الخارجية الأميركية.

فمبادرتنا للصحة العالمية هي التزام بقيمة 63 مليار دولار لتحسين الصحة وتعزيز النظم الصحية في جميع أنحاء العالم، وإحدى أولوياتها الرئيسية هي تحسين صحة الأم والطفل.

وبرنامجنا للأمن الغذائي العالمي هو التزام بقيمة التزام 3.5 مليار دولار لتعزيز الإمدادات الغذائية في العالم، وقدرتها على الوصول إلى الأسواق، بحيث يستطيع المزارعون كسب ما يكفي لدعم أسرهم ولكي يصبح الغذاء متاحا أمام جميع الناس في كل مكان – كما أنه يركز على دعم النساء اللواتي يشكلن الأغلبية بين المزارعين في مزارع الدول النامية.

واستجابة للتحدي المتمثل في تغير المناخ، تعهدت الولايات المتحدة بتخصيص مبلغ 100 مليار دولار سنويا بحلول العام 2020 من أجل معالجة حاجات التكيف والتخفيف المناخية للدول النامية. ففي الوقت الذي سيشعر فيه الجميع بتأثيرات تغير المناخ، إلا أن تأثيره سيكون شديدا بشكل خاص على النساء في الدول النامية لأنهن غالبا ما يتحملن مسؤولية تأمين المواد الغذائية والوقود لأسرهن. ولهذا فإن خطتنا تهدف إلى تمكين هؤلاء النساء من أن يصبحن جزءا من الحل لهذه الأزمة العالمية.

هذه المبادرات تجسد قيمة أساسية للسياسة الخارجية الأميركية وهي أن العالم لا يمكن أن يحرز أي تقدم إذا ظلت النساء والفتيات محرومات من حقوقهن، وتخلفن عن اللحاق بالركب.

وهكذا فإنه بغض النظر عما إذا كنا نعيش في نيويورك أو في نيودلهي، أو لاغوس أو لاباز، فإن النساء والفتيات يتشاطرن الكثير من النضالات والطموحات ذاتها. إن مبدأ مساواة النساء هو حقيقة بسيطة ثابتة لا تحتاج إلى دليل، ولكن العمل على تحويل هذا المبدأ إلى ممارسة نادرا ما يكون بسيطا. إنه يتطلب سنوات وحتى أجيالا من العمل الصبور والمثابرة ليس فقط من أجل تغيير قوانين دولة ما، بل وأيضا من أجل تغيير عقلية الناس، ومن أجل دمج الحقيقة غير القابلة للمناقشة حول قيمة المرأة وحقوق المرأة، في الثقافة والتقاليد وفي الخطاب العام وفي وجهات النظر الخاصة.

في العام 1995، أعلن العالم وبصوت واحد أن حقوق الإنسان هي حقوق المرأة وأن حقوق المرأة هي حقوق الإنسان. واليوم، يجب علينا أن نقول بصوت واحد وإلى الأبد إن تقدم المرأة هو تقدم البشرية وإن تقدم البشرية هو تقدم المرأة.

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2763 - الثلثاء 30 مارس 2010م الموافق 14 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:23 م

      14 نور // رد للزائر رقم 4

      المتشائمين المنغلقين فكريا و المتحجرين ثقافيا...
      بصراحة هذه الكلمات صدمتني فالظاهر أن مطلقها يعكس ما في داخله من تشائم وإنغلاق فكري وهو بالتأكيد متحجر ثقافياً لأنه يرمي الناس بما يراه هو, فهل تعرف يا هذا من هاؤلاء الذين تتكلم عنهم هل تعرف ما هو وضعهم المادي هل تعرف ما هو التأثير للوضع الإقتصادي في بلدنا هل تعرف كيف ينعكس هذا على مجمل أحوالهم فإذا لم تكن تعلم فلا ترمي الناس من دون أن تعلم.

    • زائر 4 | 7:25 ص

      اتفق تماما مع السيدة كلينتون

      غريبة جدا الدكتور منصور الجمري رئيس تحرير صحيفة الوسط معروف بانفتاحه الفكري على جميع التيارات و لكن أنا ملاحظ أن جمهور الوسط من خلال تعليقاتهم ما هم إلا مجموعة من المتشائمين المنغلقين فكريا و المتحجرين ثقافيا...

    • زائر 3 | 1:01 ص

      اسكتى يا ساحرة العصى

      من الذى القى قمبلتان نوويتان على اليابان ؟
      من الذى قام بهجوم على الأطفال و النساء و الرجال اكثر من خمسة عشره سنه فى فيتنام؟
      من الذى هاجم نيكراكوا ( جزير صغيره فى امريكا الجنوبيه) كللصوص الليل و قتل و ذبح النساء و الرجال ؟
      من الذى هاجم و اخذ يقتل النساء و الأطفال و هم نائمون فى بيوتهم فى باكستان و افغانستان حتى هذه الثانيه؟
      من الذى يقتل يومياً فى العراق؟ ووووووو......و هذا طبيعة الوحوش . و انتى واحده منهم و على رأسهم.

    • زائر 2 | 12:53 ص

      معك يا سعادة الوزيرة

      أضم صوتي لصوتك ياسعادة الوزيرة في حقوق المرأة وتحررها ولكن لحرية انسانيتها وكرامتها لا حيوانيتها واستعبادها لمواطن الخمور والدعارة، ولحرية تدينها لا من ان تمارس حريتها وتلتزم بحجابها تحارب وتظلم وتعدم ، أسألك أين الحرية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 1 | 12:31 ص

      يتحدثون عن تقدم البشريه

      و هم اعداء البشريه و مثيري الحروب و رعاه الانظمه القمعيه في العالم تراب بلدكم يصرخ من الدماء البشريه لملايين الضحايا التي سفكت علي يد دولتكم

اقرأ ايضاً