العدد 603 - الجمعة 30 أبريل 2004م الموافق 10 ربيع الاول 1425هـ

واقع النقابات العمالية في البحرين... معوقات كثيرة وإنجازات قليلة

تزامنا مع عيد العمال اليوم

كيف يبدو واقع النقابات العمالية في البحرين منذ صدور المرسوم الملكي للعمل بقانون النقابات العمالية؟ هل حققت النقابة العمالية إنجازا يليق بالتاريخ النضالي الذي قدم من اجلها؟ هل استطاعت النقابة العمالية أن تخلق وعيا لدى العامل بأهميتها باعتبارها شريكا أساسيا لصاحب العمل؟ ام إننا مازلنا في بداية الطريق؟ في هذه الحلقة نطرح بعض الأسئلة على رؤساء بعض النقابات العمالية التي تم إشهارها في البحرين خلال العامين الماضيين.

رئيس نقابة شركة ألمنيوم البحرين (البا) إبراهيم الدمستاني يرى أن التصور الحقيقي لأهمية النقابة لم يزل في بداية الطريق بسبب قلة الوعي لدى الشركات بأهمية النقابة وأيضا لدى النقابيين والمهمات المنوطة بهم.

يقول الدمستاني: «قد تكون هذه المرحلة صعبة بعض الشيء بسبب عدم تفهم الشركات بأن هناك شريكا لها في العمل وهذا نتيجة حداثة التجربة بالنسبة إلى الشركات والمؤسسات، وقد يعتبرون العمل النقابي نوعا من التدخل في سلطات وصلاحيات الشركة وهذه احد المعوقات الأساسية التي يعاني منها العمل النقابي».

فيما يرى رئيس النقابة العامة للعاملين بالسفر والسياحة حسن مدن أن أكثر الصعوبات التي تواجه العمل النقابي بالنسبة إلى لهذا القطاع هو ضعف التواصل مع أعضاء النقابة او العاملين بهذا القطاع المهم بحكم أن موظفي هذا القطاع غير متمركزين في منشأة واحدة كي يتاح المجال أمام تقوية أواصر الاتصال معهم إلى جانب عدم تعاون شركات هذا القطاع من النقابة في محاولة لإضعاف ثقة العاملين بما يمكن أن تقدمه النقابة إلى أعضائها.

يقول مدن: «لقد أشهرت النقابة في يوليو/ تموز 2002 وكما تعلمون ان موظفي هذا القطاع لا يعملون في منشأة واحدة. وبالتالي يضعف التواصل فيما بيننا وبينهم، فالكثير من الفعاليات وعلى رأسها اجتماع اللجنة العمومية بالأعضاء وكذلك بعض الندوات التثقيفية التي نحرص على تقديمه إلى الأعضاء بين الحين والآخر تعاني قلة الإقبال عليها من قبل أعضائها وكذلك ضعف التجاوب قبل الشركات العاملة في هذا القطاع للأنشطة التابعة للنقابة».

ويضيف: «توجد حال من عدم الوعي لدور النقابة بالنسبة إلى العاملين في هذا القطاع. لقد دعينا أعضاءنا إلى اجتماع كي نناقش مسألة يتعرض لها موظفي الحجوزات في مكاتب السفر وهي تخص اقتطاع جزء من راتبهم في حالة ورود أي خطأ في تذكرة السفر ولم يحضر الاجتماع سوى أربعة أفراد. هذا يدل على أن الكثير من العاملين إلى آلان لم يدركوا أهمية ودور النقابة في حياتهم الوظيفية».

ويشير مدن إلى تجربته الشخصية التي تبرهن على عدم تعاون بعض شركات السفر والسياحة مع النقابة والتقليل من شأنها ودروها بالنسبة إلى العاملين في هذا القطاع من خلال ما تعرض له اذ تم فصله من احدى شركات الطيران التي كان يعمل بها بعدما رفض الانتقال إلى العمل في عاصمة عربية أخرى من دون أية مزايا وظيفية تتبع عملية النقل فما كان من الشركة إلا أن قامت بفصله بصورة تعسفية.

أما رئيس نقابة المصرفيين ابراهيم القصاب فيرى انه من الصعب ان نتوقع انجازات خلال فترة قياسية وخصوصا ان الحركة النقابية تضع امامها معوقات لعل ابرزها تركة الماضي التي رسخت مفاهيم من الخوف والتردد امام خيارات العمال للانضمام إلى النقابة.

يقول القصاب: «هناك ثلاثة عقود يمكننا ان نعتبرها سنوات استثنائية من تاريخ البحرين وهي التي رسخت مفاهيم الخوف لدى العمال بشأن النقابات وهذا ما يعكس الصورة الحالية للعمل النقابي في البحرين ويقلل من إقبال العمال الجدد على الانضمام إلى النقابات».

ويضيف: «لا يوجد تراث ووعي نقابي لدى الناس وهذا يعود إلى تغيب العمل النقابي لفترة طويلة وما يقلل من أهمية الدور النقابي بالنسبة إلى العمال البحرينيين. لا شك ان هناك عائقا كبيرا ليس امام نقابتنا فحسب بل امام جميع النقابات الموجودة على الساحة البحرينية والدليل ان الاتحاد العام للنقابات العمال بكل نقابته يضم فقط ما لا يزيد عن عشرة آلاف عضو».

أما رئيس نقابة طيران الخليج محمد سالم فقد اعتبر ان أكثر التحديات التي تواجه نقابته في الوقت الراهن هي محاولة بعض الجمعيات السياسية فرض هيمنتها على ارادة بعض النقابات العمالية وهذا يحد من استقلالية العمل النقابي.

ويشير سالم الى ان التحديات التي واجهت نقابة طيران الخليج في الماضي تركزت على ان الظروف التي مرت بها الشركة والتسريحات العمالية التي رافقت ازمة الشركة في الماضي.

يقول سالم: «هناك بعض الجمعيات السياسية التي تحاول فرض ارداتها على الحركة العمالية داخل النقابات وبالتالي نحن نتمسك بشعار ان تكون النقابات بعيدة عن السياسة وبصورة مستقلة وديمقراطية وموحدة وهذا ما يترتب عليه التزامات من قبل الأمانة العامة».

ويضيف سالم: «أعضاء الجمعية العمومية لم يقبلوا بهذه التداخلات ما جعلهم يطلبون عقد اجتماع للجمعية العمومية لانتخاب مجلس ادارة جديد لكن على رغم هذا التوجه مازال الاتحاد العام مستمرا ويشير سالم الى بعض الخلافات الناتجة عن محاولة الامانة العامة اعطاء الشرعية لمن وصفهم بالاقلية التي تحاول الهيمنة على قرارات النقابة مستغلة ما يسمى بتدوير المناصب في مجلس ادارة النقابة».

يقول سالم: «هناك تحديات كثيرة واجهت النقابة وخصوصا التغيرات الإدارية التي رافقها تخفيض عدد الموظفين العاملين في الشركة وقد تم التفاوض مع الشركة والنقابة وبناء عليها تم التوصل الى بعض الحلول اهمها برنامج التقاعد المبكر الاختياري الى جانب ايجاد وظائف لبعض الموظفين الذين كانت الشركة قد اعتبرتهم عددا فائضا عن حاجة الشركة الفعلية».

ويضيف: «كنا نعتزم في الاونية الأخيرة توقيع المفاوضة الجماعية مع ادارة الشركة لكن بعض التطورات التي حدثت في مجلس ادارة النقابة ودور الأمانة العامة للاتحاد العام لعمال البحرين الذي كان هو الآخر طرفا فيما حدث تسبب في حال من الإرباك ما وضع معوقات أمام عمل النقابة والتوصل الى توقيع هذا الاتفاق».

هل يثق العامل بدور نقابته

يقول الدمستاني: «بالتأكيد ان هناك تخوفا وتوجسا لدى الشركات من الدور الذي يمكن ان تلعبه النقابات بالنسبة إلى العمال وهناك حال من عدم الثقة في الاداريين وادائهم النقابي. وهذا ناتج عن الثقة بين الاطراف الثلاثة وادراك مسئولياتها وواجباتها كاطراف يجب ان تتعامل على اساس الشراكة».

ويضيف الدمستاني: «لقد اشهرنا النقابة منذ عامين، ولدينا 1900 وهذا ما يجعلنا في موقع جيد فيما لو تمت المقارنة بيننا وبين الشركات الاخرى. لا شك ان هناك تعاونا وتجاوبا من قبل العمال مع النقابة الى حد كبير لانهم يشعرون ان هناك قضايا عمالية لم يتم حلها من قبل الادارات. وقد بدأت الادارات منذ فترة بعمل استفتاء سنوي الهدف منه تقييم وضع العمال عند بداية كل عام. وهذا يدل على ان الادارة بدأت تغير سلوكياتها مع العمال. لكن بالنسبة إلى المرحلة النقابية لم تتطور الامور بالشكل الملحوظ والذي يتناسب مع ما جاء بالمرسوم الملكي قبل عامين من الآن وهذا ناتج عن حداثة التجربة النقابية بالنسبة إلى الشركات».

ويشير الدمستاني الى ان اكثر الملفات التي تتعامل معها نقابة شركة «البا» هي ملفات الحالات المرضية إذ مازالت النقابة في حال تفاوض مستمر مع الشركة كي تصل الى حلول مرضية.

يقول الدمستاني: «ملفات الحالات المرضية نوعان. هناك حالات مرضية لها علاقة بالعمل وهي الامراض المهنية. وهذا يترتب عليه وجود عمال لا يستطعيون تقديم واجباتهم بالشكل المطلوب ما يدفع الادارة إلى التفكير باستبدال هذه الفئة العاملة بفئة قادرة على الانتاج بشكل افضل. لكن هنا يأتي التفكير بكيفية ايجاد آلية مناسبة لانهاء خدمات هذه الفئة. فهل يمكن اخراج هذه الفئة من سوق العمل وبالتالي تصبح في اعداد البطالة الى جانب انها تحمل ايعاقات ناتجة عن إصابات في العمل؟ ام نفكر بالتوصل الى تسوية مالية مجزية لها؟ ام نفكر بتحويل هذه الحالات الى اعمال في مواقع اخرى من الشركة ولا تتطلب مجهودات قد تخفق في تحقيقها امام الاعاقة التي اصيبت بها؟ بلا شك هناك تجاوب مع قبل الإدارة فيما يخص الحالات المرضية لكننا لم نصل حتى الآن الى اتفاق نهائي مع الادارة.

فيما يرى مدن أن هناك حالة من عدم الثقة بين العاملين بهذا القطاع بما يمكن ان تقدمه النقابة وهذا أمر ناتج عن عدم تجاوب الشركات مع النقابة بصفته شريكا اساسيا في العمل ما ينعكس على تجاوب الاعضاء مع نقابتهم بل يخلق حالة من الخوف لدى العامل من اظهار تجاوبه مع النقابة امام صاحب العمل، هذا الى جانب قلة الوعي بين العاملين في هذا القطاع بدور النقابة في اوضاعهم الوظيفية.

أما القصاب فيرى ان هناك حالة من عدم الاكتراث من قبل ادارات الشركات بالنقابات وعدم الجلوس معها على طاولة المفاوضات كي تقود إلى عقد اتفاق جماعي يعالج قضايا العمال التي تتركز على الترقيات والتقييم الوظيفي وقضية العلاوات وغيرها من المزايا الوظيفية، بحيث تتشكل آلية جماعية بصنع القرار وهذا أمرا لم يتحقق لأي من نقابات البحرين وهذا ما يضعف ثقة العامل بدور نقابته».

ويرى القصاب ان قانون العمل يبقى جامدا لفترة طويلة على رغم المتغيرات التي تطرأ على الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تتغير لكن القانون يبقى على ما هو عليه ولا يوجد غطاء الا العقود الجماعية وهذا يشكل هدفا بعيد المدى.

ويقول القصاب: «الحركات العمالية تعمل من الآن على أساس ان تصل الى إيجاد لقاءات مع الادارات لخلق مفاوضات جماعية جادة وليس مجرد اجتماعات لكي تصل بها الى عقد جماعي».

وبشأن نقابة المصرفين يقول القصاب: «لقد أشهرت النقابة في 25 يناير/ كانون الثاني 2002 لكي نكون أكثر صدقا نشعر ان الإدارة في جهة والقاعدة التي هي تمثل أعضاء النقابة في جهة أخرى نتيجة لحال العزوف لدى الناس عن حضور الفعاليات التي تقيمها النقابة بين الحين والآخر. وبالتالي هذا يجعل القاعدة مغيبة».

وعن أكثر المشكلات التي تواجه نقابة المصرفيين يقول القصاب: «أكثر المشكلات التي قد تواجه نقابة المصرفيين او حتى النقابات الأخرى هي التسريحات الجماعية للموظفين او العمال بحجة إعادة هيكلة لمواجهة تحديات العولمة او غيرها».

ويضيف: «لقد واجهنا بعض حالات الفصل التعسفي وتم التعامل معها من خلال التفاوض مع المؤسسات المالية او القضاء ومثل هذه الحالات قد تحدث ونتوقع ان نواجه الكثير منها في الفترة المقبلة».

ويشير القصاب إلى ان بعضا من هذه المشكلات تتركز على عدم التزام بعض الشركات والمؤسسات بقانون العمل ما يضع النقابات العمالية امام تحد آخر وهو العمل من أجل تطوير قانون العمل لأنه لا يواكب العصر الذي نعيشه الآن.

يقول القصاب: «استطيع أن أؤكد لكم أن الكثير من المصارف تتجاوز قانون العمل مستغلة حاجة الموظف إلى وظيفته وخوفه من فقدانها ما يجعله يقبل بأي ظرف يقع عليه في العمل وهذا ما يترتب عليه مسئولية النقابة بتوعية العامل أو الموظف بحقوقه ومسئولياته.

«إنجازات تحققت»

يرى الدمستاني ان هناك تعمدا من قبل بعض الادارات لتعطيل أية انجازات نقابية ظنا منها انها تستطيع احباط العمل النقابي لكن هناك بعض الانجازات البسيطة قد تحققت وان لم تكن في المستوى المطلوب.

يقول الدمستاني: «هناك بعض الانجازات التي تدخل في النطاق الاجتماعي بالنسبة إلى العامل. مثل حالات الوفاة لاي من اقرباء العامل بحيث تصرف له مبالغ مالية والتي يمكن ان يستفيد منها العامل في مراسم العزاء. ايضا في العام الماضي تم تحقيق انجاز بسيط بالنسبة إلى الزيادة السنوية إذ اسهمت الشركة في مشروع «التوفير» بالنسبة إلى العمال».

يقول مدن: «يصل عدد العاملين البحرينيين في هذا القطاع إلى 500 عامل ومع ذلك لايزال عدد أعضاء النقابة لا يتجاوز 80 عضوا وهذا مؤشر على عدم ثقة العاملين بدور النقابة لذلك لم نستطع حتى الآن تحقيق أي مكسب منذ إشهار النقابة».

ويضيف مدن: «بالتأكيد نتمنى من الاتحاد العمالي ان يلعب دورا أكبر مما هو عليه الآن لأنه لم نر من الاتحاد العمالي أي دور مؤثر لإجبار الإدارات على التخلي عن قراراتها التي تصدرها ضد مصلحة العامل على الأقل بل هو لا يتعدى الاستماع لوجهات النظر المختلفة».

في حين يؤكد القصاب ان المعوقات التي تواجه العمل النقابي لم تقف امام تحقيق بعض الانجازات سواء من خلال بناء أواصر علاقات متميزة مع ادارات المصارف او الجهات الرسمية القائمة على القطاع المصرفي في البحرين.

يقول القصاب: «هناك بعض الإنجازات التي تتركز على إقامة علاقة جيدة مع ادارات المصارف وكذلك والجهات الرسمية للإطلاع على مرئيات العمل النقابي وأهدافنا والإطلاع على المشكلات التي تعاني منها هذه الادارات بحيث نستطيع التوفيق بين متطلبات الإدارة ومتطلبات العاملين في هذا القطاع الذي يضم حوالي 6300 موظف ويعد من القطاعات المهمة بالنسبة إلى الاقتصاد البحريني وهذه الحساسية تشكل واحدة من المعوقات أمام التعامل مع مشكلات العاملين فيه لما يشكله من أهمية بالنسبة إلى الاستثمارات في البحرين».

ويشير القصاب إلى انه تم حديثا افتتاح مقر لنقابة المصرفيين وهذا بالتأكيد سيتيح المجال لنا للالتقاء بالأعضاء بصورة أفضل.

أما سالم فيرى ان نقابة طيران الخليج استطاعت تحقيق الكثير من الانجازات بالنسبة إلى الموظفين والتي تتركز على العلاوات الوظيفية ورفع التظلمات.

ويقول سالم: «هناك الكثير من الانجازات التي تحققت بالنسبة إلى اعضاء النقابة وهي تحصيل بعض الموظفين على درجات الوظيفة التي كانوا قد طالبوا بها ودفع بعض التظلمات من خلال بعض القضايا التي مروا بها الى جانب ان قضية بعض الطيارين إذ أصبحت الآن العلاوات تحتسب بالنسبة إليهم من خلال النظام الاجتماعي الى جانب ان الكثير منهم كان قد اضطر للاستقالة بسبب تدني الرواتب والآن تم تعديل رواتبهم. ايضا واجهنا حالة من العزوف لدى مهندسي الطيران وقد تم التفاوض من اجل تحسين اجورهم وتعديل اوضاعهم من أجل المحافظة على الكفاءات الخليجية ايضا الى جانب اقامة بعض الفعاليات الاجتماعية لاعضاء النقابة مثل حفل تكريم المتفوقين من ابناء أعضاء النقابة»

العدد 603 - الجمعة 30 أبريل 2004م الموافق 10 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً