العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ

تجربة إنسانية فكرية متأثرة بويلات الحروب

معرض طلال المعلا في البارح

يتبادر إلى ذهنك وأنت في منتصف القاعة عن ماهية الآلام والعصرات التي ألمت بقلب هذا الفنان، حتى خرجت أعماله المعلقة على الجدران وهي ملفوفة بطابع الحزن والضيق، معتصرة ومتكتمة على مافيها من أسرار مؤثرة الصمت على ما خلفها من أحاسيس؛ فيأتيك جوابه من بعيد «إنها الحروب وآلام الناس يا صديقي».

طلال معلا، الفنان السوري الذي زار البحرين الأسبوع الماضي ليعرض تجربته الفنية التي يعمل عليها متواصلا منذ فترة، ترك حالة من التفكير وانفعالات كثيرة في نفوس زوار معرضه الذي أقيم في البارح للفنون التشكيلية، إذ كانت كل اللوحات التشخيصية المعلقة تحمل انفعالا واحدا، وهو الألم والضيق، وكانت حالة الأشخاص فيها هي الصمت، ولا شيء غير ذلك.

الفنان في حديث حول معرضه تحدث بالقول «الواضح من المعرض أنه يعمل على المشاعر أكثر من الشكل، فما الشكل إلا وسيلة لتقديم المشاعر، وحتما فإن الوجه هو الأقدر على الإفصاح عن المشاعر، إذ هو مركز اهتمام إنساني مع مختلف الاتجاهات الفنية التي ذهبت للتجريد وما هو أبعد منه، فما يزال التشخيص قادرا على عكس العوالم الداخلية للإنسان، ونحن نقرأ اهتماماته وأحاسيسه».

ويشتغل طلال معلا في ثيمة الوجه الصامت منذ فترة طويلة، قدم خلالها 8 معارض حملت جميعها عنوان «الصمت»، وهو العنوان الذي وجده الفنان «مرتبط بما هو أكبر من الإنسان، مرتبط بالسياسة والمتغيرات إنما مع الوجه الإنساني، فهناك حاجة للترميز، وهو ما يتضح من خلال شكل العينين في الأعمال والمسافات بينهما، فالعين ليست للرؤية فقط، وإنما هي للرؤيا، فتعبر عن الموجودات بشكل فصيح، وتخلق رابط للوحة مع متلقي العمل»، مضيفا «مهمتي كفنان هي إنجاز العمل، ولكن بمجرد عرضه فالناس هم من يقومون بربط الخيوط مع العمل الفني، وهو ما يؤكده تساؤلات الكثيرين حول التشويهات في اللون والشكل».

قدم المعلا هذه التجربة في البحرين، كجزء من عروض سابقة أقامها في سوريا والأردن، لا ترتبط ببعضها، ولكنها تجتمع بالصمت كما أحب أن يصفها.

«الحزن منطقة غامضة لدى الإنسان، تتولد نتيجة لحالة ما، وحالة المنطقة التي نعيش فيها وغير مستقرة ومستقبلنا الغامض كلها من مولدات الحزن، الحزن أشمل من الحدوثيات الصغيرة في الحياة، فهو حالة مطلقة، قد تنعكس على ملامح الوجوه، فترى كل تلك الكائنات في لوحاتي بما ترى فيها من قدرة ففيها من الحزن ما يجعلها تحتل الكادر وتقول إنها موجودة وفي مركز الرؤية».

المعلا يجد أن للناس مواقف من الحزن بحسب تجاربهم ومواقفهم في الحياة، لذلك فإن الناس يتعاملون مع اللوحات بحسب تجاربهم، حيث يقول «القادرين على التعبير أكثر من الذين يجحدون بمشاعرهم، وشق الطريق مع من لديهم حالة عجز هو المطلوب من اللوحة التي تبرز هذه الجوانب، لأن الحياة أقوى من أن تعطي المجال للناس للإفصاح عن مشاعرهم، والإبداع يأتي من الإجمال وليس التفاصيل».

ووجد الفنان أن كلمة «صمت» تعني أن هناك أمرا مسكوت عنه، ولكنه وجد أن اللوحة تثرثر مع الآخرين، معتبرا أسلوبه في الفن حالة من حالات الفكر المقترن بالحالة الفنية، إذ يقول «نرى شيئا مختلفا عن تيار التجريد والحروفية يجيب في داخلي على تساؤل يقول: لماذا نذهب في اتجاه آخر، مشغول بهم فكري وليس تصويري، والعمل الذي لا يحمل أفكاري لا أتبناه، وبمجرد طرح فكرة الصمت يدل على وجوب الحوار، فهناك أمور تحتا ج إلى لفتة والاشتغال عليها للانتهاء من هذه المرحلة عندما نحس أن العالم يتطور على المستوى العلمي ويتوقف عن العراك، فالصمت عنوان للتحدث والحرية في الحديث بما يشغل الإنسان».

طلال المعلا وجد أن الإنسان سبب في حالات الحرب والمآسي التي يعيشها الشعوب، والتي هي مركز انشغاله كما قال «أنا أكره الحروب وأكره الموت، منذ ولدت حتى اليوم ونحن مهددون بالحروب والموت الذي يؤثر فيَّ وفي شعبي، ومن خلال التأمل في الحالة الإنسانية، نجد أن الحرب يصنعها العسكريون، وهم دوماَ ضد القضايا الإنسانية وعامل مساعد على الدمر، فالحرب جزء من ثنائية السلام/ الحرب، التي هي من بين كثير من الثنائيات التي يعيشها الإنسان مثل الخير/ الشر، السعادة/ التعاسة، فويلات الحرب أبشع من فكرتها»

العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً