العدد 635 - الثلثاء 01 يونيو 2004م الموافق 12 ربيع الثاني 1425هـ

التنشئة السياسية الطائفية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

منذ مطلع القرن الماضي كانت أهم أدوات التنشئة السياسية في المجتمع البحريني المدرسة والأسرة وجماعة الرفاق والمؤسسة الدينية سواء تمثلت في مسجد أو مأتم، بالإضافة إلى وسائل الإعلام. ومع مطلع القرن الجديد زادت أدوات التنشئة السياسية لتضاف إلى وسائل الإعلام شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، ثم ظهرت أداة جديدة تمارس أدوارا متباينة في عملية التنشئة بشكل علني، وهي الجمعيات السياسية التي كان بعضها في السابق تنظيمات سياسية معارضة قامت بتنشئة أجيال من الأطفال والشباب والرجال والنساء المواطنين من الأربعينات الماضية.

ولكن في ظل هذه الأدوات الكثيرة فعلا، يبقى سؤال مهم، وهو: ماذا أفرزت جميع أدوات التنشئة السياسية في المجتمع؟ هل خلقت أجيالا تؤمن بوطن، وتضع مصلحته فوق كل شيء، أم أنشأت أجيالا من أشباه المواطنين الذين يختزلون الوطن في الطائفة أو المنطقة؟

ويمكن رصد مسيرة الفرد البحريني منذ نعومة أظفاره في تربيته داخل مجتمع مغلق، هو الأسرة التي تعيش في منطقة سنية أو شيعية، وفي معظم الأحيان يكون منعزلا عن الاختلاط بأبناء الطائفة الأخرى المختلفة عن انتمائه المذهبي، ثم يدخل المؤسسة التعليمية باختلاف مستوياتها، وهنا قد يواجه حالين، إما أن يلتحق بمؤسسة مماثلة تضم جميع أبناء طائفته، أو يدخل مؤسسة مختلطة تضم طلابا من الطائفتين. وفي كلا الحالين فإنه يواجه مشكلة، ففي الحال الأولى يظل غير مدرك بوجود طائفة أخرى، وكيفية تفكيرها وعاداتها وتقاليدها، ولماذا تقوم بهذا أوذاك؟ أما في الحال الثانية فإنه سيواجه تحذيرات مستمرة ومتكررة من قبل أسرته ورفاقه الذين ينتمون إلى طائفته نفسها، تتعلق بعدم الاختلاط بالزملاء من الطائفة الأخرى، وبمرور الوقت فإن السؤال عن الطائفة الأخرى أو محاولة التعرف على أبسط مفاهيمها ومعتقداتها المذهبية يكون حراما بالنسبة إليه، وكأنه (تابو). وفي أحايين كثيرة تستغل فكرة الطائفة الأخرى للتخويف في التربية.

وهكذا كانت تنشئة كثير من المواطنين في البحرين، ساعدها في ذلك غياب الحس الوطني لدى القائمين على أدوات التنشئة والمؤثرين فيها بضرورة العمل من أجل تغيير التنشئة السياسية التي كانت تسمى آنذاك بتنشئة اجتماعية لظروف قانون أمن الدولة. واليوم فإن الأوضاع اختلفت تماما، وأصبحت هناك فرص عدة لتعديل التنشئة السياسية التي جعلت انتماء المواطن للطائفة أولا، ثم للمنطقة قبل الوطن. ولتحقيق ذلك لابد من وجود توجه وطني شامل لمعالجة الخلل في العلاقات بين المواطنين الذي يجعل هويتهم قاصرة، وغير واضحة. وللحديث صلة..

العدد 635 - الثلثاء 01 يونيو 2004م الموافق 12 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً