العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ

تنامي ظاهرة رفض الدروز للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال

إنقاذ الدروز من جريمة الخدمة هو حق قومي وطني إنساني

القدس المحتلة - محمد أبوفياض 

07 يونيو 2004

أكد «ميثاق المعروفين الأحرار» أن تنامي ظاهرة رفض الخدمة القسرية المفروضة على الشباب العرب الدروز في الـ 48 في جيش الاحتلال الإسرائيلي، هي النتيجة الطبيعية لما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من جرائم في كل أماكن وجوده وخصوصا في مناطق الـ 67 وهو النتيجة الطبيعية لخرق العزلة التي فرضت على العرب الدروز منذ 56 سنة، ولانطلاق ميزة التواصل التي ابتدأها منذ ثلاث سنوات الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وميثاق المعروفين الأحرار.

وأوضح «الميثاق» في بيان له أن الأمر غير الطبيعي هو التعتيم الإعلامي الذي فرضته وسائل الإعلام الإسرائيلية على هذه الظاهرة وخصوصا أن هذه الظاهرة تقف حجر عثرة أمام مؤامرة فرض الخدمة الوطنية على كل عرب بلادنا، حتى وجدت نفسها عاجزة أمام الحقائق التي أخرجها «الميثاق» إلى حيز النور.

واعتبر البيان ان تضع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست على جدول أعمالها هذه الظاهرة، بعد أن نشرت الأرقام والحقائق عن الرافضين وهو أمر يثير القلق، فهذه اللجنة أهم لجان الكنيست وتبحث الأمور الأمنية المهمة، وتوقف البيان عند التصريحات الاعلامية التي واكبت هذا النشر الاعلامي المكثف ووصفها بـ «المقلقة» وبالذات التحريض على التجمع الوطني الديمقراطي ورئيسه عزمي بشارة وعلى الميثاق ورئيسه المحامي سعيد نفاع.

واضاف: «ان التحريض الذي يصوغونه بأن هنالك دولا معادية ومنظمات ارهابية معادية وراء تنامي ظاهرة الرفض، تحريض خطير يبغون من ورائه وضع الأرضية لضرب وقمع الأطر المناهضة للتجنيد والرافضين»، وقال «ردود الفعل التي لا تحصى والمحرضة والتي بلغت حد المطالبة بالترحيل من هذه البلاد، دليل قاطع على المدى الذي بلغته ظاهرة الرفض وعلى العنصرية التي تعشّش في اذهان رجالات السلطة وزبانيتها».

وأكد ميثاق المعروفين الاحرار في ختام بيانه على ان «رفض الخدمة وانقاذ العرب الدروز من براثن هذه الجريمة وعودتهم إلى حضن شعبهم وامتهم، هو حق قومي وطني إنساني سنمارسه، بكل الوسائل المتاحة على رغم التحريض الأرعن، فلا هذا ولا أية إجراءات يمكن أن تثنينا».

يذكر أن «ميثاق المعروفين الاحرار» كان قد ذكر في بيان سابق له ان السلطات العسكرية الاسرائيلية اعتقلت خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين فقط ما يربو عن 40 شابا عربيا درزيا، وحكمت عليهم احكاما متفاوتة لرفضهم الخدمة العسكرية.

وأفاد المحامي سعيد نفاع نقلا عن بعض الشباب الدروز المحررين اخيرا من السجون العسكرية الإسرائيلية أن الكثير من المحكومين يقضون فترات سجن لأكثر من مرة نتيجة لرفضهم الخدمة واصرارا على تحرّرهم من الخدمة ومثل هذا العدد واكثر هو من نصيب كل جيل يدعى للخدمة.

واشار نفاع الى ان السلطات العسكرية ووراءها الصحافة الاسرائيلية تتعمد فرض التعتيم الاعلامي على عدد الرافضين الدروز وعدد المحكومين سجنا منهم في حين تشير بالبنان إلى كل رافض يهودي للخدمة، كل ذلك حتى لا تظهر حقيقة الرفض المستمر والمتزايد والمتنامي بين الشباب الدروز.

يذكر ان المحكمة العسكرية الاسرائيلية كانت قد حكمت أخيرا على الشاب وهاد ياسر خير من بيت جن بالسجن لمدة ثلاثة أشهر لرفضه الخدمة الاجبارية مبدئيا، وذلك بعد ملاحقته طويلا واخراجه من على مقاعد الدراسة الجامعية.

كذلك حكمت على الشاب صقر قاسم نفاع ايضا من بيت جن للمرة الخامسة ولمدة شهر إذ كان صقر الذي بدأت ملاحقته وهو على كرسي دراسته الثانوية قبل اكثر من سنة، رفض الانصياع للاوامر العسكرية فاعتقل أربع مرات ولكنه كل مرة يخرج من السجن يصر على موقفه المبدئي بعدم الخدمة الاجبارية وكانت آخر مرة قبل أيام إذ حوكم وفرضت عليه مدة سجن جديدة لشهر.

وعبر ذوو الشابين عن دعمهم لموقف الابناء وحملوا السلطات الاسرائيلية كامل المسئولية عن أي أذى يلحق بأبنائهم، مطالبين السلطات الاسرائيلية باحترام شعور أبنائهم القومي واعفائهم من الخدمة الاجبارية.

وكان «ميثاق المعروفين الاحرار» قد حيى الشابين وهاد وصقر، واصدر بيانا عاما وزع بآلاف النسخ في كل قرى العرب الدروز جاء فيه:

«الميثاق يرى أن التجنيد الاجباري هو مسّ في حقوقنا القومية والإنسانية المتعارف عليها في كل الدول المتحضرة في العالم، فأبناء الأقليات القومية في الدول المختلفة معفيون من الخدمة الالزامية فكم بالحري اذا كانت الدول التي يعيشون فيها في حالة حرب مع أبناء شعبهم».

وكان عضو الكنيست الليكودي ايوب قرا طالب مطلع الشهر الجاري وزير الأمن الإسرائيلي شاؤول موفاز، بتشكيل ما اسماه بـ «طاقم خاص» لتقصي الحقائق عن تزايد نسبة رافضي الخدمة العسكرية بين الشبان العرب أبناء الطائفة العربية الدرزية. وأبدى قرا، قلقا كبيرا من المعطيات عن ارتفاع نسبة الشبان العرب الدروز الذين يرفضون الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الاسرائيلي، ووجه رسالة بهذا الخصوص الى موفاز. وحمل قرا، من دون خجل، حكومة «اسرائيل» المسئولية عن انخفاض نسبة الجنود الدروز.

وحاول قرا - الذي يعتبر بين اعضاء الكنيست من الليكود الذين يعارضون خطة فك الارتباط كما انه هاجم رافضي الخدمة العسكرية من اليهود - ان يربط رفض الشبان العرب الدروز اداء الخدمة في جيش الاحتلال بالتمييز اللاحق بأبناء الاقلية العربية الفلسطينية في الداخل. وعلى زعم القرا في «شكواه» الى موفاز ان المعلومات التي نشرت لم تفاجئه وسببها تجاهل الحكومة لقضايا الجنود المسرحين ومستقبلهم وان مواصلة هذه السياسة تساهم بشكل فعلي في تباعد الشباب الدرزي عن الخدمة. من جهة ثانية اعتبر عضو الكنيست مجلي وهبة، وهو الآخر من الليكود ومقرب من شارون، ان سورية تقف وراء جمعيات وحركات سياسية عربية في الداخل، وصفها وهبة بـ «المتطرفة» وتعمل في صفوف الطائفة من أجل تشجيع الشباب على رفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال من دون نجاح ملموس حتى الآن.

وكان وهبة قد حمّل في بيان أصدره التجمع الوطني الديمقراطي مسئولية دعم هذه الحركات المناهضة للتجنيد الاجباري البغيض المفروض على الشبان العرب الدروز. وطالب الحكومة بعدم منح الجهات المتطرفة امكان استغلال نقاط الضعف في الطائفة.

وفي تعقيبه على هذه التصريحات قال النائب عزمي بشارة إن التجمع الوطني الديمقراطي هو حزب سياسي ويضم ناشطين عربا من جميع الطوائف الذين يعارضون محاولات الفصل بينهم وبين مواقفهم العربية، ويعارض التجمع الوطني في برنامجه التجنيد الالزامي المفروض على أبناء الطائفة الدرزية، كما عبر التجمع عن موقفه الرافض لخدمة العرب في أجهزة الأمن بشكل عام، وهذا موقف معلن ورسمي للتجمع. وتاريخيا وفي العام 1949 شرع الكنيست الاسرائيلي قوانين فرضت الخدمة العسكرية الاجبارية في الجيش على جميع مواطني «اسرائيل»، فيما عدا أولئك الذين يقرر وزير «الدفاع» استثناءهم... هذا القانون عدل سنة 1951. وبما أن المبدأ أن القوانين يسري مفعولها على كل من يعتبر مواطنا فمعنى ذلك أن هذا القانون يسري كذلك على العرب، ولذلك جاء تخويل وزير الدفاع بالاستثناء كمخرج لهذه المسألة، فتجنيد العرب حينها لم يكن واردا بالحسبان ومن دوافع امنية، ومن المفارقات أن بعض القوى السياسية المعارضة آنذاك رأت في الاستثناء مسّا في العرب ووقفت بحزم خلال مداولات الكنيست عن القانون وصلاحية الاستثناء، وأيدت بل دعت الى تطبيق قانون الخدمة العسكرية على كل المواطنين دون تمييز وبضمنهم السكان العرب بما في ذلك الفتيات العربيات بتعليل أنه يساعد في تحرر الفتيات العربيات من تخلفهن ومن جميع انواع الاضطهاد الاجتماعي والقيود المتوارثة عبر مئات السنين!

وفي العاشر من يوليو/ تموز 1954 نشر مكتب الصحافة الحكومي بيانا جاء فيه: إن وزير الدفاع قرر أن يدعو الى التسجيل للخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي الشبان العرب الذين ولدوا ما بين 10 سبتمبر/ أيلول 1934 و12 مارس/ آذار 1937 بموجب قانون الخدمة العسكرية.

على رغم هذا البيان لم يُستدعَ الشباب العرب للخدمة العسكرية، وعدم الاستدعاء هذا أثار مرة أخرى هذه القوى معتبرة إياه جزءا من سياسة التمييز العنصري تجاه المواطنين العرب. منذئذ لم يُستدعَ الشباب العرب للخدمة العسكرية مستثنون بناء على التخويل المعطى لوزير «الدفاع»، عدا العرب الدروز الذين ابطل استثناؤهم العام 1956 ثمرة لمؤامرة حيكت يومها ضدهم خصوصا وضد العرب عموما. وأبطل عمليا استثناء المتطوعين من العرب مسلمين أو مسيحيين والاستثناء لم يجئ طبعا تفهما لمشاعر العرب الوطنية ولا كتمييز عنصري ضدهم مثلما أدّعت القوى المذكورة أعلاه عندها، انما لأسباب أمنية محضة، واستعمل طبعا ذلك حجة للسياسة التي اتبعت ضدهم في شتى مجالات الحياة، ومازال ذلك مستعملا

العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً