العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ

قوائم النساء

ظننت لوهلة أن سلوكا نسائيا محليا هو ذلك الذي يحكم كثيرا من النساء - إن لم نقل جميعهن - عند إعدادهن «قائمة» خاصة لكل منهن... قائمة غير مكتوبة ولكنها من الدقة لكي لا تحتاج إلى كتابة، وهي تلك المتعلقة بالمجاملات و«المواجب» والزيارات في الملمات أو المفرحات.

فنادرا ما تجد امرأة لا تحفل بإحصاء من زارها من النسوة، ومن قدمت لها هدية، وما نوع الهدية، وهل تليق أم لا تليق، وهل كانت قد أتت من نفسها أم مجبرة فقط لكي تسجل موقف... وفي المقابل، تراهن يرتبن الأولويات بشكل تعجز عنه حواسيب الدنيا، كأن تقول إحداهن: «لن أذهب إلى حفل زفاف شقيقتها، لأنها لم تأت إلى عزاء والد زوجي»، أو «إنها لا تستاهل هدية غالية... أليست هي التي أهدت إلى ابنة أختي هدية غير لائقة؟!»، وهكذا تبدأ سلسلة من الحسابات التي لا ترحم، ولا تفسح مجالا للنسيان أو التجاوز أو التماس العذر للأخريات، وهكذا تتوارث النسوة هذه الأمور كما يتوارث «الصعايدة» الثأر، أمّا عن جدة (إذ ليس للأب والجد هنا تأثير كبير أو علاقة مباشرة)، وبالتالي فهذه القصص لا تنسى، خصوصا إذا أخذتها البنت عن أمها، وشعرت أن أمها «أهينت» في موقف معين، فكيف تصفو مشاربها لمن تسبب في هذه الإهانة.

ولكنني وجدت أن هذه العادة هي عادة خليجية أيضا، فرددتها إلى القرب الجغرافي وتشابه العادات والسلوكيات إلى حد التطابق أحيانا، ولكنني لمستها أيضا - وإن بصورة أخرى وأخف وطأة - لدى نساء الغرب... إذا هي ليست حالة مجتمعية، وليست لها علاقة بالثقافة المحلية، بل هو طبع نسائي، لا يمكن للرجال تفهمه أو القبول به، ولطالما ردد رجالٌ بأن عفا الله عما سلف، وأن خير الناس هو من يبدأ بإصلاح الأمور وتصفية الأجواء، ولكن هاتِ من يسمع هذا الكلام ويؤمن به، فالأمر يتعلق بـ «كرامة» نسوية خاصة، يقاس عليها مقدار كل منهن ومكانتها.

سيحتاج الرجال إلى أن يقضوا فوق أعمارهم أعمارا أخرى ليفهموا سلوك النساء، وهن الموصوفات بالرقة واللين وخفر وحياء، ولكنهن في مسألة «قوائم» الواجبات، وتقسيمها إلى سوداء وبيضاء، لا تسامح لديهن ولا تراجع.

غيم الشمال

العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً