العدد 649 - الثلثاء 15 يونيو 2004م الموافق 26 ربيع الثاني 1425هـ

السياسات الزراعية ساهمت في تطوير الإنتاج المحلي الزراعي

في دراسة تفصيلية عن الزراعة في البحرين

الوسط - محرر الشئون البيئية 

15 يونيو 2004

أشارت دراسة تفصيلية عن الزراعة في البحرين حملت عنوان «استخدام التقانات الزراعية الحيوية لزيادة الانتاج وتحقيق الأمن الغذائي» إلى دور التقانات الزراعية في تطوير الزراعة في البحرين ونشرها والتي شملت عدة مجالات. واكدت الدراسة أن السياسات الزراعية التي تبنتها مملكة البحرين خلال العقدين الماضيين ومنها خطة تطوير القطاع الزراعي والتي تم ادراجها ضمن البرنامج الرباعي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل السعي لتكثيف الانتاج الزراعي والحيواني لتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي من الخضر والألبان وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق قدر مناسب من الأمن الغذائي، ساهمت في تطوير الانتاج المحلي للقطاع الزراعي إذ ارتفع من 13,7 مليون دولار العام 1990 إلى نحو 21 مليون دينار العام 1999 أي بنسبة بلغت 6 في المئة في السنة.

وتؤمن البحرين بدور التقانات الحيوية في تطوير الزراعة ونشرها بغية تعزيز الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة وانسجاما مع الجهود الدولية الرامية إلى تطوير وتطويع التقانات الحيوية الحديثة لتحقيق نتائج مباشرة بانتاج عالٍ أقل كلفة وأقل ضررا على البيئة.

أساليب زراعية حديثة

تم ادخال التقنيات الحديثة في مجالات متعددة شملت المكافحة الحيوية للآفات الزراعية وادخال الزراعة النسيجية بالاضافة إلى الأساليب الزراعية الحديثة مثل نظم الري الحديثة والميكنة الزراعية واستخدام المخصبات وغيرها بهدف رفع مستوى الانتاج وتحسين نوعيته، وتواصل وزارة البلديات والزراعة اهتمامها بنتائج الأبحاث ونقل التقنيات الحديثة والاستفادة من الخبرات الفنية التي توفرها المنظمات العربية والاقليمية والدولية فيما يتصل باستخدامات التقنية الحديثة وآثارها، وذلك للعمل على رفع مستوى الانتاج بأقل الكلف وتقليل المخاطر البيئية الناتجة عن استخدام النظم التقليدية في الزراعة. وتولي الوزارة اهتماما بالغا بتطوير الاجهزة البحثية والارشادية وتشجيعها على بذل المزيد من الجهود لتطوير ونشر استخدام التقنية الحديثة في أوساط المزارعين من خلال تأهيل الكوادر الفنية ورفع قدراتها للمساهمة في تعميم هذه التقنيات ودفع عجلة التنمية الزراعية.

وأشارت الدراسة إلى أن الخطة التي وضعتها الشئون الزراعية تهدف الى زيادة الانتاج الزراعي والمحافظة على الرقعة الزراعية والمحافظة على الموارد المائية من خلال الاستغلال الأمثل لمياه الري. وذلك بتقديم الحوافز والاعانات الزراعية وبرنامج التسليف الزراعي والاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في الأغراض الزراعية وسن القوانين والتشريعات.

وعلى رغم أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة تبلغ 60 ألف دونم فإن المساحة الفعلية التي تستثمر في المجال الزراعي حاليا تبلغ 40 ألف دونم. وتتركز المناطق الزراعية في ثلاث مناطق رئيسية هي: الشريط الساحلي، المنطقة الشمالية من الشريط الساحلي الشرقي والمنطقة الشمالية من الشريط الساحلي الغربي.

تملح التربة والمياه الجوفية

أكدت الدراسة أن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي لا تزيد على 0,7 في المئة في حين أنه يستهلك أكثر من 70 في المئة من الموارد الطبيعية، وتقدر مساهمة القطاع الزراعي من الخضراوات بـ 14 في المئة والتمور 80 في المئة والألبان 35 في المئة واللحوم 3 لكن البحرين وبحكم موقعها الجغرافي تواجه مناخا قاسيا وظروفا طبيعية صعبة تزيد من تفاقم مشكلة تدهور وتملح التربة والمياه الجوفية، إذ تعتبر مشكلة تملح المياه أحد أسباب تدهور وتصحر الأراضي الزراعية في البلاد، إذ تراجعت الأراضي الزراعية بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية فتقلصت إلى 29,5 كم 2 في العام 1988 مقارنة بـ 64 كم 2 في الستينات ولتعاود الارتفاع إلى 35 كم في العام 2000.

ظلت المياه الجوفية هي المورد المائي الوحيد حتى مرحلة متأخرة من السبعينات من القرن الماضي. وأدى النمو السكاني الكبير والمتسارع والمشروعات التنموية الواسعة إلى تطور هائل في معدلات الطلب على المياه أدى إلى هبوط مناسيب المياه الجوفية بمعدلات كبيرة وهذا يهدد المورد المائي الجوفي للبحرين. وأشارت الدراسة إلى أن الري بالمياه المتملحة والذي يقوم به المزارعون بصورة مبالغة يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة وانخفاض انتاجية الكثير من الأراضي الزراعية وبالتالي إهمال الكثير منها من الناحية الزراعية. وتبلغ كمية المياه الجوفية التي تغذي المخزون الجوفي نحو 110 ملايين متر مكعب سنويا، فيما يبلغ الاستهلاك 201 مليون متر مكعب سنويا يعني أن العجز السنوي يبلغ 91 مليون متر مكعب. كما أن عملية الردم البحري للسواحل البحرية أدى الى زيادة ملوحة المياه ويبدو ذلك واضحا إذا ما تمعنا النظر إلى سواحل البحرين خلال العقود الثلاثة الماضية فاختفت الكواكب البحرية (نبع بحري عذب في البحر) التي كانت تغذي المياه الجوفية للأرض والعيون الطبيعية.

وتوقعت إدارة الشئون الزراعة تدهور مخزونات المياه الجوفية وتملحها خلال فترة وجيزة إذا ما استمر الاستهلاك وفق المعدلات الحالية والتي تبلغ سنويا حوالي 201 مليون متر مكعب منها 154 مليون متر مكعب سنويا للاستهلاك الزراعي و54 مليون متر مكعب للاستهلاك المنزلي سنويا، ويبلغ 5,5 ملايين متر مكعب للاستهلاك الصناعي.

استراتيجية جديدة

ونوهت الدراسة إلى أن وزارة شئون البلديات والزراعة وضعف استراتيجية للمحافظة على الرقعة الزراعية ومكافحة التصحر، تهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين هما: الحد من استنزاف المياه الجوفية والمحافظة على الأراضي الزراعية القائمة. واشتملت الاستراتيجية على برامج رئيسية أهمها التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها في الأغراض الزراعية، إذ بدأت المملكة حديثا بتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع إعادة استخدام المياه المعالجة في الري الذي يهدف إلى رفع الطاقة الانتاجية للمحطة إلى حوالي 73 مليون متر مكعب سنويا لتستخدم في ري حوالي 3500 هكتار من الأراضي الزراعية ومشروعات تشجير الشوارع والمناطق البرية في البلاد ورصد لهذا المشروع حوالي 55 مليون دينار، ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية المملكة لمكافحة التصحر ودعم المشروعات الزراعية في البلاد، إذ تقوم الاستراتيجية على الاهتمام أيضا بالمصارف الزراعية لتصريف المياه المالحة من الأراضي الزراعية إلى البحر بغرض حمايتها من التدهور.

وأكدت الدراسة العمل على انشاء وتحديد وصيانة حوالي 90 كيلومترا من المصارف الزراعية الموزعة في مختلف المناطق الزراعية في البلاد. كما تشمل الاستراتيجية تعميم زراعة المحاصيل العلفية ذات الاحتياجات المائية المنخفضة التي ثبت نجاح زراعتها محليا في المشروعات الحكومية الزراعية بدلا من المحاصيل العلفية التقليدية ذات الاحتياجات المائية العالية، وشملت كذلك سن القوانين والتشريعات إذ أصدرت الكثير من القوانين الهادفة إلى المحافظة على المياه الجوفية والأراضي الزراعية، بالاضافة إلى تعميم أساليب الري الحديثة مثل الري بالتنقيط الذي يوفر 60 في المئة من مياه الري والري بالرش الذي يوفر 35 في المئة وتحسين أساليب الري التقليدية إذ تقوم وزارة شئون البلديات والزراعة بتوفير مواد الري للمزارعين بأسعار مدعومة لتشجيعهم على ترشيد استهلاك المياه. وتتضمن الاستراتيجية أيضا الاهتمام بالمصارف الزراعية لتصريف المياه المالحة من الاراضي الزراعية إلى البحر بغرض حمايتها من التدهور، وتهدف الاستراتيجية إلى وضع الضوابط الخاصة باستخدامات الأراضي الزراعية من خلال حصرها ووقف استخدامها لغير الأغراض الزراعية وتحسين استعمالات التربة الزراعية والمحافظة على الغطاء النباتي، وتعزيز دور الارشاد الزراعي والاستمرار في تقديم الدعم والتسهيلات إلى المزارعين.

وفي محاولة للاسهام بشكل علمي وعملي في وضع الحلول الممكنة في ظل الظروف الحرجة التي تحكم العلاقة بين ما هو متاح من الموارد المائية والطلب المتزايد عليها، أولى مركز البحرين للدراسات والبحوث اهتماما خاصا بالدراسات المتعلقة بالمياه من خلال مشروع «استراتيجية تنمية واستخدامات المياه في البحرين».

كما يجري العمل بحسب الخطة المقررة لتطوير مشروع ري الأراضي الزراعية ومناطق أخرى بالبحرين بالكلفة المقررة للمشروع والبالغة قيمتها 52 مليون دينار بحريني، ويستهدف هذا المشروع انتاج 200 ألف متر مكعب من المياه المعالجة المتدفقة من مصنع معالجة المياه في توبلي ليرتفع حجم الانتاج إلى المعدل نفسه في اليوم بحلول العام 2010، وسينفذ المشروع على 14 مرحلة تم اكمال 5 مراحل منها.

نجاح تجارب زراعية حديثة

أثبتت الدراسة أن تربة البحرين معطاءة، فعلى رغم الظروف المناخية الصعبة ومحدودية الأرض ومياه الري وعدم توافر مزارع طبيعية واعتماد الزراعة بشكل رئيسي على مياه الصرف الصحي المعالجة والاستغلال غير المتزن والمتواصل للمياه الجوفية فإن الكثير من التجارب الزراعية تبشر بأن القطاع الزراعي سيشهد تطورا كبيرا في الفترة المقبلة، إذ حقق مشروع الزراعة المتطورة من دون تربة بجامعة الخليج العربي نجاحات فاقت التوقعات كافة منذ بدء التجارب العلمية والبحثية في يوليو/ تموز العام 2001، وقد وصل المشروع حاليا إلى مرحلته الثانية بعد أن تم تنفيذ المرحلة الأولى التي كانت تهدف إلى احتساب الكلفة الانتاجية لوحدة المساحة للموسم الشتوي للمحصول نفسه الذي تمت زراعته في الصيف، وادخال بعض محاصيل الخضراوات ذات القيمة السوقية المرتفعة، وتمت زراعة صنفين من الخيار وخمسة أصناف من الطماطم وصنفين من الفلفل وخس (ايس برج) وفراولة باستخدام الزراعة العمودية، أما أزهار القطف فهي وردة وقرنفل وأوركيدا وجربيرا وليزيانش وجبسوفيل.

ومنذ بداية المشروع وبحسب نائب عميد كلية الدراسات العليا ومدير برنامج علوم الصحراء والأراضي القاحلة بجامعة الخليج وليد زباري فقد تم انشاء أربعة بيوت محمية، اثنان يزرعان بالزراعة من دون تربة واثنان منها بالزراعة التقليدية، وفي المرحلة الثانية تم تحويل جميع البيوت إلى زراعة من دون تربة مع استخدام تقنية النظام المفتوح التي يتم تزويد النباتات بحاجتها من المياه مع اضافة 15 في المئة تصرف لزوم الغسيل.

كما نجحت تجربة زراعة قصب السكر، وتمكنت التربة من تحقيق الانتاج المتميز كما وكيفا في بعض المزارع ويمكن أن تؤدي تهيئة ظروف مناسبة لإنتاج وتسويق قصب السكر إلى قيام نشاط زراعي مهم على أرض البحرين، قد تكون له مردودات مادية جيدة.

مشروع للحاضنات الزراعية

وبهدف تنمية الوعي في القطاع الزراعي باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الكثيرين على الاستثمار في قطاع الزراعة وتأسيس مشروعات جديدة وتشجيع الصادرات للدول المجاورة في المستقبل من خلال تنمية المؤسسات الصغيرة قام بنك البحرين للتنمية بالتعاون مع جهات عدة من بينها وزارة شئون البلديات والزراعة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) وجامعة البحرين بتنفيذ أول مشروع في البحرين والشرق الأوسط للحاضنات الزراعية يتضمن المنتجات ذات القيمة العالية مثل الزهور ونباتات الزينة والطماطم والملفوف والفراولة بكلفة اجمالية تبلغ 200 ألف دينار.

وأكدت الدراسة أن البحرين شهدت خلال السنوات الأخيرة نهضة زراعية تمثلت في التوسع الأفقي في توسيع الرقعة الخضراء وتشجير الشوارع وزراعة النخيل التي يقدر عددها حاليا بـ 190 ألف نخلة فقط بعد أن كانت البحرين فعلا (بلد المليون نخلة)، فقد بلغ عددها في منتصف السبعينات من القرن الماضي 895 ألف نخلة منها 625 ألف نخلة منتجة (70 في المئة من مجموع النخيل) ثم حدث انخفاض بنسبة 11 في المئة فوصل عدد النخيل الى 790 ألف نخلة حتى وصل الى 190 ألف نخلة. والتوسع الرأسي يأتي عن طريق تحسين وزيادة الانتاجية بتشجيع الزراعة المحمية واتباع الطرق الزراعية الحديثة

العدد 649 - الثلثاء 15 يونيو 2004م الموافق 26 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً