العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ

لكي لا يتحول الحوار الوطني إلى شمّاعة أو مصيدة

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

إن ما يحدد طبيعة أي حوار بين طرفين أو أكثر هو وجود مصالح ورؤى متناقضة تحاول مختلف الأطراف المشتركة في هذا الحوار التوصل من خلال التحاور بشأنها إلى بلورة أرضية مشتركة من خلال تنازل مختلف الأطراف المشاركة عن مواقفها في القضايا التي يتضح من سير هذا الحوار عدم مساس هذه التنازلات بالقضايا والمصالح الأساسية التي يراها أو يطالب بها. وفي الحال البحرينية التي كثر المنظرون والمتداخلون فيها، بعضهم (وهذا حق له لا يمكن لأحد أن يسلبه إياه) يود المساهمة بالرأي والمشورة والبعض الآخر يتعمد من خلال مداخلاته وكتاباته خلط الأوراق وتبسيط الأمور، بل تسطحيها لغرض في نفس يعقوب.

لكن دعونا نفكك فحوى الدعوة وأطرافها من خلال الاتفاق أولا على ما يأتي:

أولا: في الحال البحرينية المتعلقة بالملف الدستوري، ليست هناك في حقيقة الأمر أطراف كثيرة متعددة تحمل رؤية وتصورات مختلفة ومتناقضة بالشكل الذي يتطلب مشاركة واسعة في الحوار.

ثانيا: يمكن تحديد الأطراف التي تحمل قراءة مختلفة تستدعي رؤية مخالفة للحلول عن بقية أطراف الحوار بما يأتي:

1- الحكومة التي أما بسبب عدم ثقتها بالمواطن ومختلف التيارات والقوى السياسية التي تمثله أو بسبب تسيد وهيمنة عقلية الاستحواذ والتفرد بعملية صنع القرار عملت على وضع صمامات أمان كثيرة من خلال صوغ المواد الدستورية ورفض الاحتكام والتوافق عليها لها رؤيتها الخاصة.

2- الجمعيات المقاطعة ولها رؤية خاصة بشأن الدستور ومنع حق الاستفراد من أي طرف بتعديله من دون التوافق مع الإرادة الشعبية ممثلة بالنواب المنتخبين وحصر الحق التشريعي والرقابي بالمجلس المنتخب، وضرورة تجاوز كل القوانين التي تتناقض مع النصوص الدستورية وحرية التعبير وحقوق المواطن.

3- وهناك تيار واسع وعريض من المواطنين غير المنتمين إلى الجمعيات المقاطعة يتصدرهم الذين مازالوا قابضين على الجمر من أعضاء التجمع الدستوري والذين ليس لهم شكل وشخصية اعتبارية رسمية. هذا التيار يتفق في رؤيته ومطالبه وأولوياته مع الجمعيات المقاطعة، ولكنه يعطي أهمية خاصة للطبيعة التعاقدية للدستور وعدم استفراد أي طرف بإجراء أية تعديلات عليه من دون توافق ممثلي الشعب معه على ذلك. والمشكلة أنه على رغم دعوة الجمعيات المقاطعة إلى الشخصيات والفعاليات الوطنية غير المستقلة للمشاركة في المؤتمر الدستوري فإنها تجاهلتها فيما بعد بل واتخذت قرارات مخالفة لقرارات المؤتمر الدستوري من دون الرجوع إليها أو مشاركتها أو استشارتها! بل لم تكلف قيادة جمعيات التحالف الرباعي خاطرها وتطلب من المستقلين اختيار أو انتخاب من يمثلهم في عملية صنع القرار! وكأن لسانه حالها يقول لهم إنكم تكملة عدد لا غير ولا نحتاجكم إلا للبصم على قراراتنا!

4- الجمعيات التي شاركت في اللعبة البرلمانية (المنبر التقدمي والوسط العربي الإسلامي) التي لا تتفق مع الجمعيات المقاطعة في حصر التشريع والرقابة بالنواب المنتخبين وضرورة تجاوز كل القوانين التي تتناقض مع النصوص الدستورية وحرية التعبير وحقوق المواطن على رغم قناعتها بعدم أهمية آلية تعديل الدستور وكونه يمثل توافقا وصيغة عقدية بين الشعب والحكم.

5- المنبر الإسلامي الذي يختلف جزئيا عن رؤية الدولة وإن كان يتفق معها في الكثير من القضايا ويختلف معها في نسبة النواب المنتخبين إلى المعينين وضرورة منح صلاحيات أكبر ودور أهم للنواب المنتخبين من الناحية التشريعية والرقابية.

وعلى هذا الأساس فإن الزج بأية تيارات وقوى أخرى أو أعضاء مجلس الشورى إنما هو محاولة لتعزيز وتغليب وجهة نظر معينة، ومحاولة التأكد من تسيدها خلال الحوار والخروج بنتائج تخدم الطرف الحكومي والأطراف الداعمة لأجندته والمنتفعة من هباته. والواقع إنه إذا ما صفت النيات وتخلت الدولة وممثلوها عن المراوغة والتصريحات المتضاربة كما لمسنا ذلك مما نشرته الصحافة بعد مقابلة وزير العمل للتحالف الرباعي والجمعيات التسع الذي من الصعب، بل يستحيل وضعها جميعها في خانة واحدة إذ إن بعضها له تاريخه الوطني ومواقفه الواضحة ورؤيته واجتهاداته التي تنبع من قراءته الخاصة لمعطيات الساحة السياسية المحلية، بينما بعضها الآخر تكتلات استدعت وجودها استحقاقات برلمانية أو البحث عن موقع في الساحة السياسية، بل إن بعضها لم يستطع أن يجد 50 عضوا لعقد جمعيته العمومية. وبالتالي لا حاجة إلى وجود وكلاء أو محامين في حضرة صاحب الدعوى والطرف الأساسي في الحوار ألا وهو الدولة إلا لمن يمتلك رؤية تختلف ولو جزئيا عن توجهات وأجندة السلطة السياسية.

كاتب بحريني

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً