العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ

«إدارة الأداء» في وزارة الأشغال والإسكان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

شعرت بالسعادة أمس وأنا أقرأ خبرا بأن وزارة الأشغال والإسكان أعدت «خطة متكاملة للتطوير الإداري» وأن ذلك سيعتمد على نظام «إدارة الأداء» بهدف تطوير نمط العمل في الوزارة لتصبح «مؤسسة ذات توجه استراتيجي» أسوة بالمؤسسات والإدارات الناجحة في الكثير من البلدان المتقدمة.

أول تعليق يذكر في هذا المجال أن من قام بمثل هذا البرنامج يستحق الثناء، وثاني تعليق هو ان هذا البرنامج يجب أن يطبق على جميع وزارات وإدارات المملكة ولاسيما تلك المتعلقة بالخدمات.

«إدارة الأداء» برنامج طبق في القطاع العام في عدد من الدول وحقق نجاحات مهمة في رفع مستوى الخدمات المقدمة الى المواطنين. ففي بريطانيا اطلق في 1991 رئيس الوزراء آنذاك جون ميجور خطة لإدارة الأداء في جميع مؤسسات القطاع العام وبعض الهيئات التي تهم المواطن أطلق عليها اسم Citizen's Charter وهدفت الى تحسين مستوى الخدمات من ناحية الجودة والسرعة في خدمة المواطن وشملت مؤسسات الشرطة، المستشفيات، المراكز الصحية، المدارس، البلديات، شركات الكهرباء، والماء والغاز وغيرها من المؤسسات التي يعتمد عليها المواطن في حياته اليومية.

بريطانيا ليست الوحيدة، بل انها قلدت غيرها، لأن البرنامج ذاته (إدارة الأداء في المؤسسات الخدمية للمواطنين) موجود في الأرجنتين، استراليا، كندا، أميركا، هولندا، ايطاليا، فرنسا، البرتغال، سنغافورة، هونغ كونغ وجنوب افريقيا وغيرها من الدول، جميع هذه الدول طرحت البرنامج على مستوى وطني شامل (وليس في وزارة واحدة فقط) واعلنت ان الهدف من كل ذلك هو تحسين الجودة والسرعة والشفافية وسهولة الوصول الى المسئولين وتسهيل الاجراءات على المواطنين، وتقليل البيروقراطية... الخ. ومن أجل ذلك تحتوي الخطط الوطنية على مؤشرات تفرض على كل مؤسسة اعلانها في كل مكان وكل وقت، وأهم مكان لإعلان المؤشرات هو مدخل المباني والمراكز الرئيسية لكل مؤسسة.

فمثلا على كل مستشفى طوارئ ان يعلن ان «الحد الأقصى للانتظار ساعتان (مثلا) اذا كان الامر اعتياديا»... وتعلن عدة اهداف أخرى. ومقابل كل هدف يتم نشر الاحصائية الشهرية والسنوية التي تخبر المواطن ما إذا تمكنت المؤسسة من تحقيق الهدف المعلن أم لا.

بعد عام من اطلاقه في بريطانيا قامت فرنسا في العام 1992 بتنفيذ مشروع مماثل اطلقت عليه اسم Charte Des Services Publics وتم توسيع مفهوم إدارة الاداء ليشمل مؤشرات عن المساواة، الحيادية، الاستمرارية، المشاركة (مع المواطن)، الجودة، السرعة، الشفافية، عدد الاضرابات والخلافات العمالية التي تم حلها بالتوافق... الخ.

برنامج «ادارة الاداء» الزامي من الحكومي الى المؤسسات ولكنه ليس الزاميا - بلغة القانون - من ناحية المؤسسة والمواطن. فالمواطن لا يستطيع أن يقاضي هذه المؤسسة او تلك اذا لم توفِ بالوعود، ولكنه يستطيع ان ينتقدها ويستخدم المؤشر مدخلا للمحاسبة السياسية والصحافية (ولكن ليس القضائية).

هذا النوع من المراقبة مهم جدا، ويضع الوزير والمدير ومسئول الشركة الكبيرة (مثل شركات الاتصالات التي تخضع لهيئات حكومية لتنظيمها) أمام المحك، ويضغط عليه باستمرار باتجاه تحسين الأداء. ثم إن هذا الاسلوب (إدارة الأداء) يفسح المجال للتطوير، إذ يمكن مقارنة المؤشرات مع بلدان اخرى نود ان نلحق بها او ننافسها.

المشروع الذي أطلقته وزارة الأشغال والإسكان يهمنا جميعا، ويثبت أن هناك من هو مطلع على ما يدور في عالم اليوم. ولقد بدأت دول جارة (مثل دبي) فعلا مثل هذا البرنامج في عدد من مؤسساتها، ونحن أحوج ما نكون الى ذلك، ونحن أهل للمنافسة على أسس واضحة وشفافة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً