يعتبر مشروع مركز البحرين للمستثمرين (المحطة الواحدة) من أهم المشروعات الاستراتيجية التي تبنتها وزارة التجارة في إطار خطتها للاعوام 2003 - 2006م، وتتلخص فكرة المشروع في تقديم الخدمات التي يحتاجها المستثمر من خلال موقع واحد تتجمع فيه خدمات جميع المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بالمستثمر.
ويستهدف هذا المشروع تسهيل الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات وبكفاءة عالية، واعتماد تقنية المعلومات وسيلة لتطوير الخدمات الحكومية، وتهيئة الأرضية الخصبة لجعل المملكة مركزا إقليميا لاستقطاب المستثمرين العرب والأجانب، وهو ما بنيت عليه رؤية الوزارة المستقبلية.
وأشار تقرير صادر عن وزارة التجارة إلى أن الأهداف المرجوة من مشروع المحطة الواحدة تتلخص في: توفير المناخ الاستثماري الصحي المبني على مبادئ الإفصاح والشفافية، والارتقاء بمستوى الأداء الحكومي لاستقطاب وزيادة الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وإعادة هيكلة الإجراءات، والاتفاق على خريطة تدفق إجراءات جديدة تتسم بالمرونة والوضوح والشفافية ومنح المزيد من الصلاحيات في اتخاذ القرار لممثلي الجهات المشاركة في المركز، إضافة إلى تحديد الهدف المعلن لانجاز كل معاملة بالإضافة إلى الاعتماد على آلية الاتصال والربط الالكتروني بين المستثمر والمركز وبين وزارة التجارة وجميع الجهات المعنية، فضلاً عن الشفافية في عرض المعلومات وجميع الأنظمة والقوانين والاشتراطات التي تهم المستثمر، وهذا بحد ذاته يشكل مفترق طرق وتحديا كبيرا نحو آفاق جديدة في سياسة التعامل مع المستثمرين، وتحولا في فلسفة وسياسة عمل المؤسسات الحكومية من حيث توسعة نطاق الصلاحيات وفقا لمعايير وضوابط متفق عليها من قبل الإدارة العليا بالمؤسسة الحكومية، مع القضاء على ظاهرة ازدواجية الإجراءات بين الجهات الرسمية، والحد من البيروقراطية.
وقد قامت «وزارة التجارة» منذ البداية بوضع البرنامج الزمني للمشروع وفي ضوء هذا البرنامج قامت الوزارة بالبحث عن الموقع المناسب لتنفيذ المشروع، وروعي في اختيار الموقع أن يكون في قلب المنطقة التجارية الجديدة وسهولة الوصول إليه مع توافر المساحة الكافية لمواقف السيارات، وفي النهاية تم الاتفاق مع إدارة مجمع السيف على استئجار الموقع الحالي للمشروع، وتم التفاوض معهم على بنود وشروط الاتفاق الذي تم توقيعه في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2003م.
وبدأت الوزارة في وقت مبكر بالإعداد لتجهيز المركز بأحدث تكنولوجيا المعلومات من أنظمة الحاسوب والأجهزة والمعدات والأثاث وغيرها من التجهيزات الضرورية، لما تتطلبه هذه العملية من وقت للاتفاق مع المجهزين وبعض الشركات المتخصصة، وخاطبت الوزارة جميع الوزارات المعنية والمجلس الأعلى للمرأة لما له من دور في تشجيع ودعم سيدات الأعمال، وتعزيز مكانتهن في القطاع التجاري، وبعض مؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة بخدمات المستثمرين للمشاركة في المشروع، التي أبدت موافقتها للمشاركة، وقامت الوزارة بإعداد عرض شامل لفكرة المشروع وتم عرضها عليهم بحسب البرنامج الزمني للحملة الترويجية لاستقطاب الشركاء، والتي لاقت ترحيب معظم الجهات المعنية، واستغرقت هذه الحملة نحو أربعة أشهر من سبتمبر/ أيلول 2003م حتى ديسمبر/ كانون الأول 2003م، وقد تكللت بالنجاح.
وحرصت وزارة التجارة على مشاركة جميع الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بخدمة المستثمرين في هذا المشروع، ولقد كان لمباركة صاحب السمو رئيس الوزراء وصاحب السمو ولي العهد الأمين للمشروع الفضل الأكبر في تشجيعهم على المشاركة والمساهمة في تكاليف إنشاء المشروع، كما أن مشاركة القطاع الخاص شملت غرفة تجارة وصناعة البحرين وشركة اتصالات ومصرفاً تجارياً وشركة تدقيق حسابات وشركة استشارات مالية وقانونية، وهو ما يعطي للمركز تميزاً في نوعية الخدمات التي سيقدمها للمستثمرين، ويعكس مستوى الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص.
أما بالنسبة إلى موازنة المشروع فلقد اعتمدت الوزارة على رصد الاعتماد المالي في موازنة المشروعات للعامين 2003 - 2004م، والتي تم اعتمادها من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى مساهمات الجهات المشاركة في المشروع لتأكيد مبدأ الشراكة الحقيقية، ولقد تمكنا خلال الفترة من سبتمبر 2003م إلى فبراير/ شباط الماضي من تحصيل معظم المساهمات، وأبدت الجهات الأخرى التزامها بتقديم مساهماتها خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأوضح التقرير أن رغبة الوزارة في الوقوف على جميع المعوقات والمشكلات التي قد تعوق سير العمل في المركز، اتفقت من الجهات الرسمية المشاركة في المشروع على البدء بفترة تجريبية للمحطة الواحدة في قاعة الخدمات الحالية بمبنى الوزارة، ولقد تم ذلك فعلاً اعتبارا من 15 ابريل/ نيسان الماضي، وقامت اللجنة المشرفة على المشروع بمتابعة سير العمل خلال الفترة التجريبية، والتنسيق مع الجهات المعنية لتذليل الصعوبات كافة ووضع الحلول المناسبة لما ينشأ من مشكلات اثناء الفترة التجريبية، ولقد تحققت نتائج ايجابية شجعت على الانتقال إلى المركز الجديد في يوم السبت الموافق 31 يوليو/ تموز 2004م لاستكمال الفترة المتبقية من المرحلة التجريبية التي تنتهي في شهر سبتمبر المقبل.
وأشار التقرير إلى أن آلية العمل في المركز ستكون وفقاً لتشكيل لجنة تنفيذية تمثل فيها جميع الجهات المشاركة في المركز من القطاعين العام والخاص، وستكون مهمة هذه اللجنة متابعة سير العمل وقياس مستوى الأداء الذي سيعتمد على الأهداف المعلنة لكل وزارة أو جهة معنية، وذلك بالتحديد المسبق والمعلن للوقت الذي تحتاجه كل معاملة لانجازها، كما هو معمول به حاليا في قاعة الخدمات الحالية بوزارة التجارة بالنسبة إلى المعاملات التي يتم انجازها والمعلن عن الوقت الذي تستغرقه كل معاملة على لوحة ضوئية كبيرة مثبتة في القاعة، كما تم تحديد الوقت المستغرق للطلبات التي يقوم المستثمر بتقديمها الكترونيا عن طريق موقع الوزارة على شبكة الانترنت والتي تم أخيراً الإعلان عن موافقة مجلس الوزراء على تقديم خصومات نقدية على رسوم السجلات التي يتم تجديدها الكترونيا عبر موقع الوزارة الالكتروني، وذلك تشجيعا من الحكومة على ترسيخ مفهوم التجارة الالكترونية لدى المستثمرين.
وذكر تقرير وزارة التجارة أن مفهوم الموظف الشامل سيكون مطبقاً في المركز، إذ سيقوم ممثل كل وزارة أو جهة معني بانجاز جميع المعاملات المتعلقة بجميع الإدارات والأقسام التابعة لوزارته أو الجهة التي يمثلها، وستكون للمركز قاعدة بيانات شاملة لجميع البيانات والمعلومات الخاصة بجميع الوزارات والتي تهم المستثمر، وسيتمكن من الاستفادة منها بكل يسر وسهولة، كما ستكون هناك آلية لمتابعة وتوجيه المستثمرين بعد حصولهم على الخدمة (الترخيص التجاري) ومساعدتهم في كل ما يمكن تقديمه لهم من مساعدات فنية وإدارية وقانونية تسهم في تطوير وتحسين أدائهم في السوق، وذلك لما يتمتع به المركز من أدوات مساندة فنية وقانونية بالإضافة إلى آلية تطوير الخدمات، والتي تهدف في النهاية إلى الوصول إلى موقع مركز خدمات المستثمرين الالكتروني على شبكة الانترنت.
وأشار تقرير الوزارة إلى أنه تم اعتماد فلسفة رضا المستثمرين في وضع آلية تدفق الإجراءات بالمركز، وذلك من خلال استحداث الآليات المناسبة للتأكد من أن الخدمات المقدمة للمستثمرين تقدم بكفاءة وسرعة عاليتين، ولقياس مستوى أداء المركز بالنسبة إلى الخدمات الموجهة للمستثمرين، وهذا النموذج معتمد لدى البنك الدولي لقياس رضا المستثمرين.
ويتطلع مركز البحرين للمستثمرين إلى طموحاته المستقبلية المتمثلة في تقليص الإجراءات وسرعة انجاز المعاملات، بحيث يتم انجاز المعاملات للتراخيص الجديدة لما يزيد على 80 في المئة من السجلات التجارية خلال 24 ساعة، أما النسبة الباقية فإن 10 في المئة من السجلات يتم انجازها خلال خمسة أيام عمل والتي تتركز أنشطتها في قطاع الخدمات، أما الـ 10 في المئة الأخرى فهي غالبا ما تكون سجلات لتأسيس الشركات التي تتطلب أنشطتها توفير بعض الاشتراطات المتعلقة بصحة البيئة والطاقة والخدمات الأخرى الضرورية. والوزارة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية الأخرى، ومن خلال مركز البحرين للمستثمرين تسعى إلى اختصار الإجراءات وتقليص مدة إصدار تراخيص مثل هذه الأنشطة إلى اقصر فترة ممكنة، علما بأنه في السابق كانت تستغرق إجراءات إصدار مثل تلك التراخيص التجارية مدة طويلة قد تصل إلى عدة أسابيع أو أشهر للانتهاء من إجراءات جميع الجهات الرسمية.
يذكر أن لهذا المشروع عوائد جمة على الاقتصاد الوطني، ويمكن تلخيص أهمها في الآتي: زيادة في حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية بنسبة 10 في المئة إلى 20 في المئة سنويا، فضلاً عن خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، إضافة إلى سرعة انجاز المعاملات للمستثمرين وخلال زمن قياسي.
كما أن هناك معايير تم اعتمادها لقياس درجة نجاح المشروع وتتلخص في النقاط الآتية: السرعة في انجاز الخدمات، بحسب الزمن المعلن لانجاز كل معاملة، والشفافية في عرض وتقديم البيانات والمعلومات، ونوعية الخدمة، من حيث طريقة التقديم ومستوى المنتج، والسهولة والبساطة في تدفق الإجراءات وتقديم الخدمات، إضافة إلى الرضا العام للمستثمرين ورواد المركز.
وقالت الوزارة: «هذه هي طموحاتنا المستقبلية لعمل المركز، إذ نتطلع إلى تحويل المركز إلى محطة خدمات الكترونية، تعتمد في جميع الخدمات التي تقدمها للمستثمرين على آلية الاتصال الالكترونية وبشتى الوسائل المتاحة ومن أي موقع ومن أي مكان في العالم من دون الحاجة إلى المراجعة الشخصية للمركز، وستعتمد الإجراءات وتبادل الموافقات بين جميع الوزارات والجهات المعنية الكترونيا، علما بأن البنية الأساسية لهذه الآلية متوافرة من خلال شبكة المعلومات الحكومية، ومن خلال ما سيوفره مشروع المستثمر الالكتروني الذي تقوم الوزارة بتنفيذه حاليا، بالإضافة إلى ما سيطرأ على الأنظمة الآلية للجهات الرسمية من تطوير مستقبلا»
العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ