العدد 717 - الأحد 22 أغسطس 2004م الموافق 06 رجب 1425هـ

بوش منشغل بـ «خريطة الطريق» للبيت الأبيض

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

مع تواصل الحديث عن ضغوط أميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون لتفكيك مستوطنات عشوائية هنا وهناك في الضفة الغربية وتنفيذ خطته للانسحاب الأحادي من قطاع غزة، وفي ظل الضربة التي وجهها حزب ليكود لرئيسه شارون برفضه ضم حزب العمل إلى الحكومة من أجل تأمين حكومة إئتلافية لتنفيذ خطة الانسحاب من غزة، سارعت أميركا على ما يبدو في دعم صديق البيت الأبيض آرييل شارون. فآخر الأنباء الأميركية تفيد بحسب «نيويورك تايمز» وفي خبر افتتاحي نقلا عن مسئولين أميركيين وإسرائيليين أن إدارة بوش عدلت سياستها في ما يتعلق بموضوع الاستيطان ووافقت على توسيع البناء في بعض التكتلات الاستيطانية في الضفة الغربية وذلك رغبة منها في منح رئيس الوزراء الإسرائيلي دعما سياسيا في ظل ما وصفته بـ «الهيجان السياسي» الذي تشهده «إسرائيل».

وذكرت «نيويورك تايمز» أن واشنطن طالما دعت «إسرائيل» خلال السنوات الثلاث الماضية، لتجميد جميع النشاطات الاستيطانية بما في ذلك النمو الطبيعي الناتج عن زيادة معدل الولادات وغيرها من العوامل. وكانت إدارة بوش تعتبر أي إعلان عن توسيع الاستيطان بمثابة انتهاك. غير أنها لفتت نقلا عن المسئولين أنفسهم إلى أن الإدارة الأميركية تدعم اليوم بناء بعض الشقق السكنية في بعض المجمعات الاستيطانية في الضفة. مشيرة إلى أن هذه السياسة الجديدة لم يتم الإعلان عنها رسميا.

وخرجت السياسة الجديدة إلى الضوء عندما أعلنت حكومة شارون انه سيتم نشر مناقصات لبناء ألف وحدة سكنية في الأراضي المحتلة. في السياق نفسه لفتت الصحيفة الأميركية إلى تصريح مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس الأخير بهذا الخصوص من أن الأميركيين طلبوا من الحكومة الإسرائيلية إطلاعهم على كل نشاطاتهم. غير أن رايس رأت في الوقت نفسه أن توسيع الاستيطان لا ينسجم مع التفاهمات الأميركية الإسرائيلية في إطار «خريطة الطريق». ونقلت «نيويورك تايمز» عن المسئولين عينهم أن رايس كانت تلمح في تصريحها إلى فريق من المستشارين التقنيين يرأسه مسئول بارز في مكتب الاستخبارات التابع لوزارة الخارجية الأميركية. هذا الفريق الذي من المقرر أن يسافر إلى «إسرائيل» الشهر المقبل لفحص حدود البناء في المستوطنات بالإضافة إلى الإطلاع على مواقع المستوطنات العشوائية التي تعهد شارون تفكيكها. أما التفسير العملاني لهذا التطور في الموقف الأميركي من قضية المستوطنات فتشرحه وجهة نظر يوري آفرني، وهو صحافي إسرائيلي وناشط سلام، في مقالة له نشرها موقع «إنفرمايشن كليرينغ هاوس» الأميركي على الإنترنت، ومفاد رأيه أن الانتخابات الرئاسية الأميركية فرصة مفتوحة بالنسبة إلى الدولة العبرية، وان «خريطة الطريق» ماتت لأن الرئيس الأميركي جورج بوش منشغل بالعثور على «خريطة الطريق» إلى البيت الأبيض. ولفت آفرني، بداية، إلى انه صحيح أن الحوادث في الولايات المتحدة تؤثر على «إسرائيل» لكنه رأى أن المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية هي فرصة مفتوحة بالنسبة إلى الدولة العبرية. لأن المرشحين إلى البيت الأبيض لا يجرأون على إثارة غضب الإسرائيليين والناخبين اليهود خلال فترة الانتخابات. ولاحظ آفرني، أن الحكومات الإسرائيلية تحاول أن تجعل الخطوات المثيرة للجدل تتزامن مع الانتخابات الأميركية. وأعاد إلى الذاكرة أن «إسرائيل» أعلنت في العام 1948 استقلالها بشكل أحادي عندما كانت حملة الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان الانتخابية في ظروف حساسة. وأوضح أن ديفيد بن غوريون راهن يومها على عجز الإدارة الأميركية عن اتخاذ أية خطوة حساسة خلال الحملة الانتخابية. وأضاف المعلق الإسرائيلي أن ترومان كان بحاجة إلى المال في تلك المرحلة، وقام بعض المليونيرات اليهود بتزويده بالمبلغ المطلوب. فما كان من الرئيس الأميركي إلا أن اعترف بالكيان الجديد ليرد الجميل لليهود. وأكد آفرني، انه منذ ذلك الوقت أصبحت «إسرائيل» تلجأ إلى هذا التكتيك للفوز بدعم الولايات المتحدة لأية خطوة حساسة ترغب في اتخاذها. وفي العام 1967 أيضا شنت «إسرائيل» ما يعرف بحرب الأيام الستة بعد الحصول على موافقة الرئيس الأميركي ليندون جونسون الذي كان يطمح في تلك الفترة لولاية ثانية في العام 1968. أما اليوم فلاحظ المعلق الإسرائيلي أن الظروف مناسبة لـ «إسرائيل» لتستخدم تكتيكها المعتاد. فرئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون يدرك أن بوش يناضل من أجل حياته السياسية لذلك فلن يجر الرئيس الأميركي على التسبب بمشادة مع «إسرائيل» بشأن أي موضوع كان. واستنتج انه من الآن وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل يمكن لشارون أن يفعل ما يشاء. وعزا المعلق الإسرائيلي سبب موت «خريطة الطريق» إلى أن الرئيس بوش اليوم لم يعد مهتما بهذه الخريطة لأن تركيزه محصور بالعثور على ما وصفها بـ«خريطة الطريق» التي تقوده إلى البيت الأبيض. فمطالبته «إسرائيل» بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية تحولت إلى أضحوكة، بعد أن أعلن آرييل شارون عن خطط لبناء 600 منزل جديد في مستوطنة معاليه أدوميم. غير أن المعلق الإسرائيلي لفت إلى أن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا مصلحة في إعادة انتخاب بوش. فشارون يخشى من المرشح الديمقراطي جون كيري، بالرغم من انه يعلن المواقف نفسها لبوش في ما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. علما أن جد كيري يدعى كوهين (في إيحاء إلى يهودية انتماء الرئيس المنافس لبوش). موضحا بأن شارون يدرك من خبرته انه ليس من الضروري أن يكون هناك انسجام بين ما يقوله المرشح قبل انتخابه وما يقدم عليه بعد فوزه في الانتخابات. من هنا رجح آفرني، أن يتخذ شارون أية خطوة من شأنها أن تسمح لبوش بأن يقوم بإنجاز تاريخي في الشرق الأوسط. مختتما بسخرية: من يدري فقد يقوم شارون بتفكيك بعض البيوت المتنقلة في الضفة قبل أسبوع من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية!. وقد يكون في السياق، حديث آفي بيكر في «هآرتس» عن جانب آخر، من العلاقة بين أميركا والدولة العبرية، وتحديدا عن اليهود في أميركا. فقد لاحظ أن المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة يعيش في هذه الفترة عصره الذهبي. لافتا إلى أن واشنطن ستحتفل رسميا بالعيد الـ350 للجالية اليهودية في سلسلة احتفالات خلال شهر سبتمبر/أيلول المقبل. وأضاف انه في أوج العصر الذهبي لليهود في الولايات المتحدة، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، بات اليهود الأميركيون في نظر الحزبين الأميركيين، العامل الرئيسي لترجيح كفة مرشح على منافسه. وعزا المعلق الإسرائيلي ذلك إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المميز لليهود الأميركيين وإلى كونهم الصوت الطاغي في بعض الولايات. ولاحظ بيكر، أن اليهود اندمجوا في المجتمع الأميركي أكثر من أي مجتمع آخر، وعلى كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ووصلت نسبة زواج الأميركيين من يهود إلى 50 في المئة وفي بعض المناطق إلى 80 في المئة. غير أن بيكر، لاحظ في المقابل أن اليهود في «إسرائيل» يجدون صعوبة في «هضم» النجاح الباهر الذي أحرزه اليهود في الولايات المتحدة. لأن ذلك يتعارض مع ما يعرف في الحركة الصهيونية بـ «المنفى المحزون». هذا بالإضافة إلى التنافس الموجود بين بعض المجموعات اليهودية في الولايات المتحدة وأخرى في «إسرائيل»

العدد 717 - الأحد 22 أغسطس 2004م الموافق 06 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً