العدد 742 - الخميس 16 سبتمبر 2004م الموافق 01 شعبان 1425هـ

أميركا تقصف النجف الأشرف بالمنجنيق

إن ما يحدث اليوم من مواجهات دامية بين أفراد جيش المهدي التابعين إلى السيدمقتدى الصدر من جهة، ورجال الشرطة والحرس الوطني العراقي، وقوات الاحتلال الأميركي - التي تحاصر النجف القديمة بالمدفعية والدبابات أرضاً وتقصفها جواً بطائراتها الحربية ومدفعيتها بعيدة المدى - من جهة أخرى يشكل جريمة بحق تلك البقعة المقدسة لدى المسلمين في العالم كافة، التي تتشرف وتحظى بوجود ضريح الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ومقبرة وادي السلام القديمة التي تحوي رفات وقبور نبيي الله آدم ونوح (ع) والعلماء الأعلام والأولياء والصالحين والمؤمنين، وهي تقصف من قبل الطائرات الأميركية بحجة تحصن قوات جيش المهدي فيها، فلم تسلم البيوت وسكانها من ذلك القصف العشوائي الذي تقوم به الطائرات الحربية بصورة مستمرة على مدينة النجف ليلاً ونهاراً للقضاء على كل جيوب المقاومة الوطنية ورموزها في كل العراق الجريح.

لقد فشلت الحكومة المؤقتة في العراق الجريح، في احتواء تلك الأزمة، وعملت على تصعيد الفتنة لكونها تستمد قوتها وتأمر بما تمليه عليها قوات الاحتلال، فسلطتها منقوصة وهيبتها مفقودة، على رغم أن السيدمقتدى الصدر وافق على ما فرضه عليه أعضاء ما يسمى بالمؤتمر الوطني العراقي، وأخذ وزير الدفاع المتغطرس يهدد ويتوعد جيش المهدي بالسحق في غضون ساعات معدودة معتمداً كما يتبجح على قواته وجنوده الذين تدربوا على يد الأميركيين والصهاينة. وفي واقع الأمر ان من يخوض القتال الآن هم جنود الاحتلال الأميركي الذين لم يستطيعوا على رغم مرور أكثر من 21 يوماً من اندلاع القتال أن يسيطروا على النجف أو حتى أن يرفعوا الحصار عن المرقد الحيدري الشريف، وعلى رغم كل ما يمارسونه من أساليب همجية وقصف عشوائي يطول المدينة وسكانها، لا يميزون بين طفل وشيخ كبير السن أو بين امرأة ورجل، ولم يحترموا قدسية تلك المدينة المقدسة ولم يراعوا مشاعر المسلمين في أقطار العالم.

ويذكر أن قوات الاحتلال الأميركي، تستعين بضباط صهاينة لديهم خبرة في قمع الانتفاضة الفلسطينية في حربها على العراق، كذلك تم إرسال عسكريين أميركيين للتدريب داخل الكيان الصهيوني على شتى أنواع القتال وأساليب القمع «البوليسي» والتعذيب ومجابهة حرب العصابات وقمع الشعوب، وكذلك استعانت بخبرات الكيان الصهيوني العسكرية والاستخبارية.

وهكذا استطاع الكيان الصهيوني أن يتغلغل في العراق ويبسط نفوذه عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، ويقوم الصهاينة بشراء الأراضي والممتلكات في العراق والمساهمة في المشروعات الكبيرة التي تشرف عليها الحكومة الأميركية، وتقدم أميركا تسهيلات كثيرة إلى الكيان الصهيوني في العراق.

وتعد السفارة الأميركية في العراق الجريح من أكبر السفارات في العالم، وتتخذ من أكبر القصور الرئاسية الصدامية مقراً لها، إذ تتنعم بخيرات العراق ويعيش دبلوماسيوها في رفاهية ويتنعمون ببذخ العيش، في حين يعيش غالبية العراقيين تحت خط الفقر، ويعمل في تلك السفارة أكثر من 1000 موظف، وقيل نحو 3000 موظف، وستكون طبعاً وكراً للتجسس وخدمة المشروعات الصهيونية ومساعدة نظام الاحتلال الصهيوني في تل أبيب.

ولم يتوقف الأمر على كل هذا، فأميركا ستحتفظ بقواعد عسكرية في مناطق مختلفة من العراق، وستربط العراق وتورطه في معاهدات واتفاقات عسكرية واقتصادية ونفطية عدة لسنوات كثيرة، وستبقى في المنطقة وستكون مصدر قلق وإزعاج للدول المجاورة للعراق وخصوصاً سورية، لبنان وإيران، فأميركا لم تقطع كل هذه المسافات وتنقل أساطيلها وقطاعات قواتها العسكرية من أجل سواد عيون العراقيين، لتقدم إليهم الديمقراطية والحرية والسلام على طبق من ذهب وتجعل من بلادهم نموذجاً يحتذى به، فهذا ما أظهرته الأيام، ولم يتحقق من كل ذلك سوى القتل والدمار والنكبات والويلات على الشعب العراقي.

وختاماً تمثل عودة المرجع الديني الأعلى السيدعلي الحسيني السيستاني ودعوته أنصاره ومقلديه إلى أن يزحفوا إلى النجف الأشرف انقاذاً للعتبات المقدسة وتخليصها من قبضة المحتل الغاشم الذي أراد أن يقتحم الصحن الحيدري الشريف، ويقترف مذبحة كبرى يروح ضحيتها المئات بل الآلاف من الشعب العراقي في النجف الأشرف، فضلاً عن تدمير وانتهاك حرمة الروضة الحيدرية، وهذا ما يخطط له الصهاينة والأميركيون.

محمد خليل الحوري

العدد 742 - الخميس 16 سبتمبر 2004م الموافق 01 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً