العدد 751 - السبت 25 سبتمبر 2004م الموافق 10 شعبان 1425هـ

الأجساد هلّت، فلتسقط لغة الضاد!!

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

في حديث مع إحدى دارسات الإعلام في جامعة البحرين، طلبت فيه مشورتي في التخصصات الفرعية التي تطرحها الجامعة والتي تعتبر من المتطلبات الرئيسية للتخرج في هذا التخصص، ومنها (الصحافة، الإذاعة، الملتميديا، العلاقات العامة...).

استغربت مشورتها هذه وخصوصا أن الجميع يعلم علم اليقين أن صاحبتنا هذه لا تميل إلى أي من هذه التخصصات بمثل ما تميل إلى الإذاعة التي تسري في عروقها مسرى الدماء وهي تجيد ذلك فعلا بشهادة كل من سمع طريقة إلقائها فقط، هذا إذا ما استثنينا الجوانب الأخرى الواجب توافرها في أي مذيع سواء تلفزيونيا أو في الراديو...

ولما لمست مني علامات الدهشة والاستغراب بادرتني بالقول: حلمي أن أظهر على شاشات التلفزيون لأقدم برامج مفيدة تستقطب عدداً كبيراً من المشاهدين، برامج تطرح الرأي والرأي الآخر... برامج فيها من الإثارة العقلية ما يطغي على كل التفاهات التي أخذت تجمد عقولنا وتحصرها في حدود الترفيه... وأي ترفيه هو... برامج لا أجد لها وجودا في الراديو... أو لا يمكن أن يكون لها التأثير ذاته مقارنة بالتلفزيون... لكن كل ذلك يبدو كما وصفته «حلماً» سرعان ما أفيق منه محطمة القلب حينما أتذكر ألا مجال لي ولأمثالي من المحجبات على شاشات تلفزيوننا المحترم!!

هذا الحديث جرني إلى متابعة بعض القنوات الفضائية العربية لأرى إن كانت تتمنع هي الأخرى عن مذيعات من صنف صاحبتنا هذه أم لا... والنتيجة لا أظنني أول من توصل إليها فلابد سبقني الكثيرون لاكتشاف أن عدد المذيعات من هذا النوع لا يتجاوز أصابع اليدين!!

عموماً، لست في صلب الخوض في لماذا وكيف ويجوز أو لا وغيرها من الأسئلة التي تفرض نفسها عنوة عند التطرق إلى مثل هذه القضية. إنما ما وددت نقله هو ملاحظات أخرى أظن أن مصدر إثارتها في ذهني غيرتي على بني جنسي!!

كثيرون يحنقون على الأهالي الذين يمنعون بناتهم عن الظهور في التلفزيون وبأي شكل من الأشكال ويوصمونهم بالرجعيين والمتخلفين... ولكن نظرة واحدة إلى شاشاتنا العربية ستعطي ألف عذر لهؤلاء وربما تشن حملة مؤيدة لآرائهم.

اللوم لاشك يقع على وسائل الإعلام التي شكلت من المرأة جبهة تروج من خلالها لبرامجها التي لا تغني ولا تسمن من جوع إلا بسيلان لعاب فلان أو علان من رجالنا الشرقيين، وخصوصا أولئك الذين حكمت عليهم ظروفهم وبيئتهم أو جيوبهم الإقباع بين أربعة جدران تفصلهم عما يجري خارجها من «هوايل».

هذه البرامج التي صورت المرأة جسدا يتمايل وصوتا مائعا تكاد لا تميز حروفه وكلماته وصورة جميلة مزخرفة من الخارج شتان بينها وبين داخلها... هذه البرامج التي تراقصنا معها وسمحنا لها بأن تدخل بيوتنا، بل وباتت مثلنا الأعلى الذي نسعى إلى الاقتداء به ونحن عن بواطنه جهلاء لا نعي حتى أبجدياته الصغيرة.

وإن كان لنا لوم على وسائل الإعلام فليس ذلك إلا لأنها سمحت بانتشار زلات النساء فاتخذتها مصدرا للكسب وربح ألوف بل ملايين الدنانير... ومع ذلك يبقى من اللوم نصيب ينال أولئك «الصبايا» وإن تجاوزن الخمسين من العمر!! أولئك اللاتي سمحن لأنفسهن بالانسلاخ عن المألوف حتى يتميزن بالطلة البهية والشهرة المجيدة فانسلخن حتى من جلودهن وعاداتهن بل وحتى من أنفسهن... المسألة كلها «تجارة» و«التجارة شطارة» قد يربح منها عدة أفراد ويخسر آخرون، ولكن في حالنا هذه مَن البائع ومَن المشتري ومن المستفيد والجاني للأرباح ومَن الخاسر للعقل والمبدأ والنفس والجسد؟!...

ولا يسعنا إلا أن نهنئ والدي كل فتاة ظهرت على الشاشة فساهمت بمؤهلاتها الفائقة في صعود فضائيتها إلى القمة فتربعت وفضائيتها على عرش المجد في عالم لا يعرف إلا الأجساد سبيلا لبلوغ الأهداف. فليسقط الاحتشام ولتحيا «الميوعة»... والتجارة شطارة!!

مع القراء

مكالمات غريبة أتلقاها كل يوم، بعضها يحمل الكثير من العتب لتأخر نشر الرسالة ليومين أو ثلاثة، وأخرى تشكو التلاعب في بعض عباراتها أو حذفها ما يخل بمضمونها (طبعا في نظر من ذاق مرارتها).

مكالمات أسمع خلالها الكثير من العبارات غير المعقولة إلا في ساعات الغضب الذي سرعان ما يمتص وتهدأ ثورته بمجرد الاستماع إلى وجهة النظر الأخرى ووضع النقاط على الحروف نرجع بعدها «صافي يا لبن حليب يا قشطة»... لكن هذه المحاولة لم تعط مفعولها هذه المرة كون صاحبة المكالمة «ليس لديها وقت لتضيعه معي» طالما أني أجبتها بصراحة لا أحاول تزيينها... وفي لحظة شرحي لطريق آخر سيرضيها بلا شك يبدو أن عطلا أصاب هاتفها فأغلق بقوة وأنا مازلت أتمتم بعباراتي!!... أعتذر عن ضياع وقتك

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 751 - السبت 25 سبتمبر 2004م الموافق 10 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً