العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ

الأنصاري في الجنادرية: محكومون بالتوافق بين الوطن والدين

أشار المفكر محمد جابر الأنصاري في المهرجان الثقافي والفكري للجنادرية بالرياض في ورقته الفكرية التي قدمها بعنوان «الهوية الدينية والهوية الوطنية والثقافات المشتركة» إلى أن الهوية الدينية اعتقاد راسخ في النفوس، كما أن الهوية الوطنية واقع قائم في الحياة ولا يمكن التضحية بأحدهما في سبيل الآخر، ودعا إلى أن تحكمنا إرادة التوافق للخروج من هذه الإشكالية بين الهويتين، منبها إلى أن مشروعات الإصلاح والتقدم التي تناقضت مع إيمان الناس لم يكتب لها النجاح، إلا أنه شدد على الأهمية البالغة لمنهج تفسير الدين الداعي إلى الحكمة والتعقل والتسامح ونبذ منهج الغلو الذي نهى عنه القرآن الكريم.

وتتبع الباحث جذور التوافق بين المفهومين منذ صدور الدعوة في العهد النبوي، مشيرا إلى أن رسالة النبي الكريم إلى ملك البحرين العربي المنذر بن ساوى تضمنت قبول الإسلام بالوطن ونظامه السياسي في حال القبول بالعقيدة، وكان هذا موقف الإسلام في جميع الحالات المماثلة.

وفي العصر الحديث، طرحت الحركة الوطنية المصرية شعار «الدين لله والوطن للجميع» لبناء وطن مستقل لمواطنيه جميعا. كما كشف الأنصاري من خلال التتبع التاريخي لفكر الملك المؤسس والموحد، عبدالعزيز آل سعود، أنه كان يؤمن بأن «حب الوطن من الإيمان» ويعلنه منذ وقت مبكر للغاية بمسار التطور في بلده، وهو العام 1929 للميلاد.

وفي الختام، نوّه الأنصاري بتطور لافت في الفكر الإسلامي بالطرح الجديد لمحمد سليم العوا الداعي إلى التمييز بين «شرعية الفتح» و»شرعية التحرير» بالنسبة لأهل الذمة الذين أصبحوا شركاء في الوطن. ذلك أنه بشرعية الفتح في الماضي أصبح أهل الكتاب أهل ذمة، ولكن عندما ناضل المواطنون جميعا من مسلمين وكتابيين على قدم المساواة في الحقل الوطني لتحرير الوطن من المحتل الأجنبي أدت «شرعية التحرير» إلى استحقاق «المواطنة» للجميع سواء بسواء. وأشار إلى أن المثال الأوضح في يومنا هو النضال للفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي حقيقة لابد أن يأخذها في اعتباره أي فصيل «إسلامي» يساهم في هذا النضال المشترك.

وقد شاركه في هذه الندوة، عدد من الباحثين كان أبرزهم الشيخ علي الأمين من رجال الدين في لبنان الذي دعا إلى صيغة وطنية جامعة في بلاده للتعايش بين الطوائف مع احتفاظ كل بمعتقده، وقد تلت الندوة مناقشة مفتوحة حضرها الرئيس السوداني الأسبق المشير عبدالرحمن سوار الذهب.

كما التقى محمد جابر الأنصاري بمشاركين في ندوات أخرى في الجنادرية من ضمنهم رئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران الشيخ محمد علي تسخيري، ورئيس الجامعة الأزهرية سابقا أحمد عمر هاشم، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أحمد المتوكل.

العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً