العدد 772 - السبت 16 أكتوبر 2004م الموافق 02 رمضان 1425هـ

«إسرائيل» و فرض الحقائق على الأرض

وط الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية وتعطل عملية السلام، ومع دخول العملية الوحشية «أيام الندم» التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أسبوعها الثالث... استقبلت فلسطين شهر رمضان المبارك بمزيد من الشهداء في قطاع غزة، إذ أثارت العملية العسكرية الواسعة النطاق الجارية حاليا انتقادات لدى كبار الضابط الإسرائيليين الذين يريدون وقفها وهو ما يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الذي كان أمر الجيش بتصعيد الحرب، بدأ يتراجع لمنع وقوع خسائر في الأرواح بين الإسرائيليين، بحسب قوله أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. وانتقدت بعض التعليقات الإسرائيلية العملية العسكرية لعدم جدواها في منع سقوط القسام.

وشغلت الصحف العبرية الخلافات المتصاعدة والانقسام بشأن خطة شارون خصوصا بعد أن أكد أن الانسحاب من القطاع المقرر خلال 2005، سيبدأ في مايو/أيار المقبل على ألا يتجاوز موعد نهايتها 12 أسبوعا كما ذكرت «هآرتس». ومع تعالي أصوات المعارضين للانسحاب خصوصا بعد تهديدات المستوطنين بمئة تظاهرة في وجه شارون، برزت تعليقات تتخوف من عدم تنفيذ الانسحاب أو إسقاط شارون قبل ذلك. فشارون «يغامر» بمستقبله تماما كما فعل بوش في العراق وذلك من أجل تفادي الأسوأ بين الفلسطينيين والإسرائيليين... ويبقى أن هناك من اعتبر أنه يجب استخلاص العبر من تصريحات مستشار رئيس الحكومة دوف فيسغلاس وأن «تخطف» اللجنة الرباعية الدولية الخطة من شارون لأن «إسرائيل» ستواصل فرض الحقائق على الأرض، فحسب.

واعتبر نيهيميا ستراسلر في «هآرتس» أن أميركا شنت الحرب على العراق لحماية العالم من نظام صدام حسين الذي وصفه بأنه النظام الأكثر ظلما في القرن العشرين والذي تسبب بالموت والعذاب لشعبه من جهة ومنطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى. مذكرا بالحربين اللتين خاضهما صدام ضد الكويت وإيران. وزعم أن بوش تفادى بحربه على العراق كوارث أخرى كانت ستحل بالمنطقة والعالم. غير انه رجح أن يدفع بوش ثمن ذلك خلال الانتخابات المقبلة في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني. وبالمقارنة مع الحرب على العراق اعتبر ستراسلر أن خطة شارون للانسحاب من غزة أيضا تهدف إلى تفادي كوارث أخرى ستحل بالإسرائيليين والفلسطينيين.

وذكر أنه في نوفمبر الماضي صرح أربعة رؤساء سابقين لجهاز «شين بت» بأن شارون يأخذ البلاد إلى الهاوية. لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بدأ يتحرك اليوم من أجل منع سقوط البلاد في تلك الهاوية. وأوضح أن شارون يريد القيام بكل شيء من أجل إخراج الـ 7 آلاف مستوطن من غزة، غير انه مثل بوش سيدفع ثمنا باهظا مقابل ذلك. ودعا يوئيل ماركوس في «هآرتس» إلى منع شارون من السقوط. ولاحظ في مستهل مقاله أنه بعد الانتصارين السابقين اللذين حققهما في استطلاعات الرأي بدأ يغرق. غير أنه رأى أن الخطر في ذلك يكمن في أن غرق شارون يحدث في الوقت الذي يستعد فيه لإطلاق خطته التاريخية لإخلاء غزة وشمال الضفة الغربية. وأوضح أن الضغوط التي يتعرض لها شارون هذه الفترة من شأنها أن تؤثر على قدرته على تنفيذ الخطة. وخلص إلى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي لايزال الرجل الوحيد القادر على فك الارتباط مع غزة الأمر الذي ترغب فيه غالبية الإسرائيليين. داعيا إلى عدم تركه يسقط.

وكتب عاموس هاريل في «هآرتس» تحت عنوان «لا رايات بيضاء في جباليا» أكد في مستهلها أن الشائعات عن نهاية قريبة للحملة العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة مبالغ بها. وأوضح أنه على رغم أن القوات الإسرائيلية دعت إلى الانسحاب من الضواحي الشرقية لمخيم جباليا فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعطى أوامره بتوسيع نطاق العملية من خلال إرسال كتيبة ثانية إلى بيت حانون وبيت لاهيا. وأشار هاريل إلى أن السبب في ذلك ليس عسكريا بل يعود لأسباب سياسية. وأوضح أن شارون يعي جيدا عمق الورطة التي وقع فيها. ففي مواجهة الاتهامات من جانب اليمين الرافض لخطة الانفصال الأحادي والذي يرى أن الأخير يقدم الكثير من التنازلات رأى شارون انه من الضروري الآن أن ينفذ عرضا للقوة من دون دفع ثمن باهظ على الساحة العسكرية.

وأضاف أن شارون يدرك أيضا أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من شمال غزة من دون وقف عمليات إطلاق صواريخ «قسام» سيكون كارثيا بالنسبة إليه. لافتا إلى انه طالما أن الجيش الإسرائيلي موجود في غزة من دون سقوط عدد كبير من الخسائر في صفوفه فإن شارون سيكون قادرا على تسديد ثمن قماره السياسي على حد تعبير هاريل. وتحت عنوان «خطف خطة فك الارتباط من شارون» عرض زئيف شيف في «هآرتس» العبر التي يمكن أن تكون استخلصتها جميع الأطراف المعنية بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي بدءاً بالفلسطينيين والإسرائيليين مرورا بالمصريين والأميركيين وصولا إلى المجتمع الدولي واللجنة الرباعية، من تصريحات مستشار رئيس الحكومة. فبالنسبة إلى الفلسطينيين رأى شيف أنهم لابد خلصوا إلى ان حكومة شارون مع خطة الفصل أو من دونها، ليست لديها أية نية في إجراء مفاوضات سلام. وان دعم شارون لخطة «خريطة الطريق» ليس حقيقيا وان «إسرائيل» ستواصل فرض الحقائق على الأرض. أما بالنسبة إلى الإسرائيليين أو الجمهور الإسرائيلي فلفت شيف، إلى ان الخلاصة من برنامج فيسغلاس/ شارون يجب أن تكون ان الاحتلال سيتواصل بالتزامن مع «الإرهاب» والعنف. وأن الحرب ستستمر حتى خلال تطبيق خطة فك الارتباط. كما أن احتمال أن تقوم «إسرائيل» بإخلاء المستوطنات العشوائية فهو ضعيف جدا. أما مصرياً فأشار شيف، إلى ان العبر التي استخلصها المصريون من تصريحات فيسغلاس واضحة. فطالما ان العنف متواصل في غزة فإن القاهرة لن تسمح لممثليها بالعمل هناك لأن ذلك من شأنه تعريضهم لخطر المواجهة المباشرة مع الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وأضاف ان المصريين ربما أدركوا من كلام فيسغلاس أن تعاونهم يجب أن يكون مشروطا من الآن فصاعدا بقيام «إسرائيل» بتنازلات في الضفة الغربية وبالتالي فإن المطلوب زيادة الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية. وبالنسبة إلى الأميركيين فرأى شيف ان واشنطن قد تكون استنتجت من تعليقات فيسغلاس بأن «إسرائيل» لا تملك شريكا فلسطينيا في المفاوضات طالما ان عرفات هو القائد غير أنهم سيلاحظون ان مفهوم «فك الارتباط» صممه شارون من أجل تفادي أي تقدم على المستوى التفاوضي. كما سيستنتجون ان دعم شارون لـ «خريطة الطريق» ليس حقيقيا وان ما من فرصة لينفذ شارون تعهداته إلى الرئيس الأميركي. أما المجتمع الدولي وخصوصا اللجنة الرباعية التي كان من المفترض أن تراقب تطبيق «خريطة الطريق» فرجح شيف أن تكون اتخذت قرارها، بعد تصريحات فيسغلاس، بضرورة فرض شروط قاسية على «إسرائيل» مقابل منح الدولة العبرية الدعم الدولي اللازم لتنفيذ خطة شارون. وخلص المعلق من جانبه إلى ان التوضيحات التي قدمها دوف فيسغلاس بشأن الهدف الحقيقي لخطة فك الارتباط من شأنها أن تدفع ما يسمى بـ «الأطراف الثلاثة» إلى لعب دور فعال في غزة

العدد 772 - السبت 16 أكتوبر 2004م الموافق 02 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً