قال الله تعالى «ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين» (الاعراف:85) وقال رسوله «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الايمان»، أود أن أشير إلى ظاهرة اجتماعية انتشرت في بلدنا الحبيب بين المحلات التجارية وخصوصاً ما يسمى بـ «السوبرماركت» وهي ظاهرة قد ابتليت بها الأمم السابقة من قوم مدين - قوم شعيب إذ كانوا يبخسون الناس أشياءهم وقد أخذهم الله بعذاب اليم، وها نحن نعود إلى ما كان عليه قوم مدين ونرى المنكر منكراً ونقف لنتفرج من دون الأخذ بكلام المولى القدير واتباع نصيحة قائد الأمة والتجاهل التام لكل ما يخالف ديننا الحنيف ويضر بأفراد المجتمع الإسلامي، ولا أريد أن أطيل عليكم إذ لوحظ من بعض المحلات التجارية عند التردد عليها لشراء الاحتياجات اليومية الغاء التعامل مع فئة خمسة فلوس وفي بعض الأحيان العشرة فلوس، إذ لا توجد هذه الفئات على «الكونتر» ما جعل الظن بأنه تم إلغاء هاتين الفئتين من قبل حكومتنا الرشيدة، ومما لاشك فيه وتم التأكد منه ان هاتين الفئتين موجودتان ومتوافرتان، ولا يخفت عليكم ان هذه الظاهرة تؤدي إلى الاضرار بالمواطن وبخس ممتلكاته بطريق لا يرضي الله ولا رسوله، وتمت الشكوى من بعض المواطنين على بعض المحلات التجارية المعنية لدى إدارة حماية المستهلك وتم التحقيق في ذلك، ولكن ادعت بعض المحلات الكبرى للأسف أنه يتم إعطاء الزبون بديلاً عن «الفكة» ما يساويها من البضائع الموجودة كإعطائه مثلاً (علكة) وهذا ادعاء كاذب بدليل أنه لا يتم حتى تنبيه المواطن بأن له «فكة» ويتم بخس ماله وهو لا يشعر.
وكلامي هذا أوجهه إلى كل مواطن يغمض عينيه عن منكر ظناً منه أنه شيء هيّن، ولا يأخذ في الحسبان ما نهى عنه الله ورسوله وإنه والله الذي خلق السموات والأرض كما قال فيه: «وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم» (النور:15) وأنت مسئول أمام الله عن ذلك لأن كلام الصادق المصدق يقول: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» ولا تنتظر أن يكبر ذلك المنكر في يوم ليصبح منكراً لا نستطيع رده إذ من سولت له نفسه أن يخلط الحلال والحرام في ماله بشيء بسيط فهو أهل لأن يتمادى في ذلك ويجعل فئة خمسة فلوس إلى خمسمئة فلس.
ونداء ثالث إليك أيها التاجر ان هذه المبالغ البسيطة من وجهة نظرك غنى لك ولكنها لن تغنيك بشيء غير غضب من الله تعالى ومحق البركة من مالك ولا اقول إلا كما قال الله تعالى «ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون» (هود:34).
وفي نهاية كلامي أسأل الله أن نكون ممن جعلهم الله يقولون الحق ويسعون من أجل مجتمع صالح صحيح بإذن الله والتعاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونكون وإياكم من الذين قال الله فيهم «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم» (التوبة:71)، وأرجو أخذ هذه القضية في الاعتبار من الجانب الديني قبل الجانب الاجتماعي ومراعاة الله الرقيب علينا وعليكم في ذلك والله الموفق والهادي.
فريدة خليل ارحمه
العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ