العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ

المحافظون والأحرار والعمال في بريطانيا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من المتوقع اليوم في بريطانيا أن يفصح كل من حزب المحافظين وحزب الديمقراطيين الأحرار فيما إذا كانا قد توصلا إلى صيغة مشتركة لتسلم الحكم بعد النتيجة غير الحاسمة للانتخابات العامة التي جرت في 6 مايو/ أيار 2010. المحافظون والأحرار كانوا يتبادلون الحكم في بريطانيا طوال القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك قبل نشوء حزب العمال الذي انطلق في مطلع القرن العشرين... ومنذ ذلك الحين استبدل حزب الأحرار، ونافس حزب المحافظين على الحكم قرابة المئة سنة المنصرمة.

إنه من المفيد النظر إلى طبيعة التنافس السياسي بين الأحزاب في بريطانيا... فحزب العمال تشكل من جمعيات وحركات اشتراكية كانت نشطة في القرن التاسع عشر، ولأن بريطانيا كانت أول دولة في العالم تدخل العصر الصناعي (عبر ثورتها الصناعية التي انطلقت في القرن الثامن عشر)، فلقد تكونت لديها أقوى وأكبر طبقة عمالية. غير أن الطبقة العمالية كانت مشتتة الاتجاهات، فبعضها كان يؤمن بمقاطعة النظام وبإثارة الفوضى لإيذاء الرأسماليين الجشعين، وبعضها كان يؤمن بضرورة الثورة وقلب النظام الرأسمالي (حتى إن كارل ماركس كان حينها يتوقع أن تكون بريطانيا أول دولة شيوعية)، وبعضها كان يؤمن بالتغيير عبر الأساليب السلمية من خلال ما يتوافر أو ما يمكن تطويره في العملية السياسية.

في القرن التاسع عشر كان الاتجاه المؤمن بالعمل السياسي السلمي يعطي أصواته لصالح حزب الأحرار ضد حزب المحافظين (الممثل المخلص للرأسمالية)... ولكن تغير الرأي السائد لاحقاً داخل أكثرية هذه الفئة من الطبقة العاملة، إذ طرح عدد من قادتهم النقابيين في نهاية القرن التاسع عشر فكرة تشكيل حزب خاص بالعمال يجمع كل الجمعيات والحركات الاشتراكية البريطانية التي تؤمن بالعمل من داخل البرلمان. وهذا ما تحقق بالفعل، وانطلق حزب العمال في مطلع القرن العشرين، وأزاح حزب الأحرار ليصبح المنافس الرئيسي لحزب المحافظين.

تغيرت الأمور كثيراً على مر السنوات، وأصبحت الأحزاب الرئيسية الثلاثة في الفترة الأخيرة متقاربة نحو محاور أساسية، ولكن تبقى هناك فروقات أخرى تجذب الناخب نحو هذا الحزب أو ذاك. وفي الانتخابات الأخيرة، كانت الاستطلاعات تتوقع عودة الأحرار كحزب رئيسي منافس للمحافظين بسبب شعبية زعيمهم الشاب نيك كليج، ولكن ما حدث في يوم الانتخابات أوضح أن القواعد الحزبية مازالت متماسكة نحو الحزبين الرئيسيين (المحافظون والعمال). غير أن مربط الفرس هو أن حزب الأحرار (الذي أصبح اسمه حالياً حزب الديمقراطيين الأحرار) يمسك بيده قرار من يتسلم الحكم في هذه الفترة، وقد وضع نصب عينيه تغيير طريقة الانتخابات بما يحقق له الوصول بشكل متكافئ إلى الصدارة في الانتخابات المقبلة، وستبرز قوته هذه الأيام فيما إذا كان مفاوضاً سياسياً بالمستوى الذي يمكنه من تغيير البوصلة نحوه في السنوات المقبلة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:31 ص

      الاجانب يادكتور من فوقنا من تحتنا عن يميننا وشمالا

      يادكتور فليكن شعاركم الاجنبي ومادا يفعل الاجنبي من سرقات ونهب وفساد ومخدرات ودعارة وتلاعب بخيرات البلاد -الدور والمصير قادم على الكل بدون استثناء سنة وشيعة-

    • زائر 3 | 6:02 ص

      يادكتور

      يادكتور فلتكن حملة بخصوص الاجانب ومايفعا الاجانب في البلاد

    • زائر 2 | 3:14 ص

      الله يهداك يادكتور احنا وين

      وبريطانيا .... قول عن مصر سوريا ميانمار موزمبيق زامبيا العراق هذى الدول اللى يذكرون الاوضاع السياسية فيها

    • زائر 1 | 11:23 م

      نحتاج مائتي عام حتى نصل لهم

      من خلال سردك التاريخي يا د.منصور لا ادري كيف ان عقلي يربط ماحدث في القرن التاسع ونهايته يحدث عندنا في بلدنا الآن من خلال ما اراه من مشاركة من يؤمن بالتغيير من داخل البرلمان و توحدوا تحت حزب واحد اسموه حزب واربط كيف ان المعارضة مازالت غير متوحدة والمعارضة بين مؤيد ومعارض للمشاركة في البرلمان ولا ادري ما مصير البريطانيين الذين لم يشاركوا في القرن التاسع عشر في البرلمان ماذا حل بهم لكن جل الذي اريد قوله بان ما يحدث في القرن التاسع عشر يحدث عندنا في القرن الواحد والعشرين اي سنحتاج مائة عام حتى نصل

اقرأ ايضاً