العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ

قصة الاحتفالية ترجع إلى العام 2002

مي آل خليفة في حديث صريح مع «الوسط»

على مدى عامين تابعت صحيفة «الوسط» موضوع آثار البحرين وأهمية المواقع الاثرية فيها، وبمناسبة مرور نصف قرن على اكتشاف حضارة دلمون التقت «الوسط» مع المهتمين بتاريخ البحرين وآثارها وكان هذا الحديث مع الشيخة مي بنت محمد آل خليفة الكاتبة والمؤرخة ومؤسسة مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث والتي عملت وكيلا مساعدا للثقافة والتراث الوطني وهي أول من أشار وبصفة رسمية «قبل عامين» إلى هذه الاحتفالية. وفي حديثها مع «الوسط» تم توجيه عدة أسئلة بهذا الخصوص وكان لابد من مقدمة تاريخية منها قبل الحصول على الاجوبة، وسألناها: ماهي خلفية الاحتفالية؟ تقول الشيخة مي: تحتوي البحرين هذه المملكة الصغيرة على تراث إنساني يمتد إلى ما يقرب أربعة آلاف عام قبل الميلاد ويشكل حقبا تاريخية مهمة تركت معالمها في عدة مواقع اثرية أهمها موقع قلعة البحرين والذي هو عبارة عن تراكم حضاري نقرأ من خلاله تطور الحياة والحضارة والشأن اليومي لأهل البحرين على هيئة سجل نبدأ من طبقاته الدنيا في فترة دلمون ونعبر إلى فترة تايلوس ومن ثم إلى الفترة الإسلامية وبعدها نصل إلى قلعة البحرين والتي رسمت في الخرائط الخاصة ساحل الخليج قبل أكثر من خمسمئة عام وورد ذكرها في النصوص الهرمزية والبرتغالية، ولأهمية هذا الموقع وما آثاره من تساؤلات لدى الباحثين وعلماء الآثار وخصوصا فيما وجد من نصوص مسمارية تذكر حضارة تسمى دلمون وتقع في بحر الخليج، دعت المهتمين بالآثار مثل البروفسور غلوب والبروفسور بيبي إلى الاتفاق مع حاكم البحرين آنذاك المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ومستشاره السير تشارلز يلجريف لتوقيع اتفاق تقوم من خلالها البعثة الدنماركية من مقاطعة «آرهوس» بمملكة الدنمارك بالتنقيب عن آثار البحرين وانتهت تلك المهمة بحقيقة ثابتة هي أن دلمون هي البحرين التاريخية ومن هذا الاكتشاف تحول موضوع الاهتمام بالآثار إلى حدث محلي مهم أدى إلى سلسلة من عمليات التنقيب والاكتشافات في كل دول مجلس التعاون الخليجي، ومن هذا الاكتشاف اطلت البحرين بوجهها الحضاري وأكدت دورها ومكانتها في سجل الحضارة الإنسانية وأصبح موضوع آثار وتاريخ البحرين شأنا عالميا خصصت من أجله منح دراسية وأبحاث علمية انتهت بزيارات كثيرة لفرق عالمية للتنقيب عن الآثار. ماذا عن اليوبيل الذهبي ومتى طرح مشروع الاحتفالية وما أهميتها بالنسبة لمملكة البحرين؟ - في بداية عملي بقطاع الثقافة والتراث الوطني وتحديدا الشهر الأول أي مايو/ أيار 2002 ومن خلال رغبتي في تطوير العلاقات الثقافية مع الجمهورية الفرنسية تم لقاء رسمي مع سفيرة فرنسا آنذاك «انيتا لميدو» تناولنا خلاله عدة موضوعات كان اهمها موضوع اليوبيل الذهبي وتلك هي المرة الأولى التي يطرح فيها مشروع الاحتفالية وحرص الجمهورية الفرنسية على المشاركة مع مملكة البحرين ومملكة الدنمارك في هذا الحدث العالمي المهم آنذاك لم يكن هناك تصور للمشروع المذكور، ومنذ ذلك اللقاء بدأت مع فريق العمل التابع للقطاع ومجموعة من المتطوعين والمهتمين بالشأن الثقافي أي «لجنة أصدقاء المتحف» بالاعداد لهذا الحدث ووضع خطة كاملة واتخذ قرار تصميم شعار للمناسبة نفذه الفنان أنس الشيخ واعتمد في جميع المراسلات الخاصة بالاحتفالية. كما سعينا إلى مشاركة القطاع الخاص في البحرين للمساهمة في هذا الحدث وكان اهتمامي الأول انجاز وتنفيذ المشروع في فترة متزامنة مع تنفيذ مشروع آخر بالأهمية ذاتها وهو تسجيل موقع قلعة البحرين وادراجها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي الخاص باليونسكو وقد تولى رئيس بعثة التنقيب الفرنسية «بروفسور لومبارد» مهمة التنسيق بين مملكة البحرين والفريق المؤلف من عدة جهات رسمية وأهلية ومؤسسة اليونسكو من أجل وضع الخطة المقدمة واستيفاء كل الشروط المطلوبة من أجل اعتراف اليونسكو بالموقع، وكان ذلك يعني اننا في الوقت الذي كنا نعد فيه لاحتفالية اليوبيل الذهبي كنا مطالبين بانجاز الشروط وأهمها المحافظة على خصوصية الموقع والبيئة المحيطة، وتنفيذ مشروع متحف خاص بالموقع تعرض فيه المكتشفات الاثرية ويكون مركزا للمعلومات. ما أهمية ذلك المتحف؟ وهل تم تنفيذه فعلا؟ - في زيارتي الرسمية للدنمارك في يونيو/ حزيران 2003 كان جدول الأعمال ينقسم إلى قسمين الأول خاص بالاحتفالية والثاني يتعلق بمتحف الموقع وشروط اليونسكو. بخصوص الاحتفالية تم الاتفاق مع متحف موسكارد على الآتي: 1- نقل الارشيف المهم والذي يحتوي على سجل كامل لتقارير بعثة التنقيب الدنماركية وتطور الاكتشافات الاثرية في موقع قلعة البحرين ومعبد باربار والرسوم والصور والوثائق ومن أهمها أول مساهمة لدعم بعثة التنقيب وهي عبارة عن مبلغ 1000 جنيه استرليني مساهمة خاصة من حاكم البحرين المغفور له الشيخ سلمان بن حمد، وكانت كلفة نقل هذا الارشيف وعرضة في متحف البحرين الوطني تقدر بـ 26 ألف دينار بحريني استطعت الحصول عليها كمساهمة كريمة من «بنك البحرين والكويت» في أكتوبر/ تشرين الأول .2003 2- ترتيب استضافة فرقة موسيقية من مملكة الدنمارك تقوم بعزف مقاطع موسيقية مستوحاة من البحرين الفها «بول اولسن» الذي كان ضمن فريق البعثة الدنماركية وكان من المفترض ان يساهم مسئول قسم الموسيقى سابقا عصام الجودر بتأليف مقاطع محلية تصاحب الفرقة الدنماركية. وقد استطعت توفير كلفة الحفل وقدرها 12 ألف دينار من شركة بتلكو التي ساهمت مشكورة بتحمل كامل الكلف. 3- ومن أهم نتائج تلك الزيارة معرفة إمكان مشاركة الملكة مارجريت ملكة الدنمارك والتي لها اهتمام خاص بآثار البحرين في حضور هذه الاحتفالية، وقد أسفرت الاتصالات عن موافقتها المبدئية على الحضور في انتظار الدعوة الرسمية. هذا ما تم الاتفاق عليه مع إدارة متحف موسكارد بخصوص الاحتفالية إلى جانب ترتيب زيارة لفريق التنقيب لمعبد باربار وفعلا حضر الفريق في بداية العام الجاري، أما بخصوص متحف الموقع، فأثناء زيارة الدنمارك تم ترتيب زيارة لمتحف الموقع الوحيد لديهم المدرج في قائمة التراث الإنساني العالمي وبما ان موقع قلعة البحرين كان أيضا يتطلب تجهيزه بمتحف مشابه تم الاتفاق مع المؤسسة التي قامت بتصميم متحف الدنمارك، لزيارة البحرين من أجل إنشاء متحف لموقع القلعة ليكون افتتاحه مزامنا للاحتفالية وكذلك لكونه شرطا أساسيا من شروط اليونسكو. وقد قام المهندس «كلاوس» بزيارتين للبحرين الأولى في أغسطس/ آب 2003 والثانية في ديسمبر/ كانون الأول بعد أن انهى الرسومات المطلوبة في فترة قياسية ونظرا لأهمية الحدث تفضل مجلس المناقصات بترشيح المهندس والشركة المنفذة وتم رصد مبلغ 500 ألف دينار مناقلة من المشروعات الأخرى على أن يتم توفير بقية المبلغ وقدره مليون دينار لذلك الغرض. وعلمت لاحقا بأن المشروع بكامله قد توقف وخوفي الآن من تنفيذ مشروع بديل يتم اعداده محليا من دون أية خبرة في تصميم وتأسيس المتاحف الاثرية والتي لها مواصفات عالمية كانت أحد أسباب اختيار المهندس الدنماركي الذي نفذ عدة مشروعات مماثلة. 1- فعلا تم التنسيق قبل عام ونصف لهذا المؤتمر ودعوة أكثر من أربعة وثلاثين شخصية عالمية معنية بالآثار وكان ترتيب المؤتمر من مسئولية الفريق الفرنسي المشارك على ان يساهم القطاع الخاص في كلفة المؤتمر وكل ما يتعلق بالمطبوعات والترتيبات وهنا لابد أن أذكر أن المرحوم يوسف الشيراوي كان اشد المتحمسين لهذا المؤتمر لعلمه بأهمية مثل هذه المؤتمرات لإبراز وجه البحرين الحضاري إلا أن المؤتمر الغي أو أجل مثل مشروع المتحف! ماذا عن القلعة ذاتها وكيف أعدت خطة الترميم؟ - على مدى سنوات رصدت مبالغ كبيرة لترميم القلعة لم ينتح عنها في الواقع المردود المطلوب من أعمال الترميم لذلك دعيت المهندس التونسي سالم بالحاج والذي عمل سابقا في ترميم قلعة الرفاع وبيت الشيخ عيسى بن علي وتولى مشكورا هذه المهمة الصعبة وانجزها في فترة زمنية قصيرة وكلفة أقل بكثير مما رصد لها في السابق، ولابد أن نذكر أن قلعة البحرين هي جزء من تاريخ البحرين الحديث مكمل للتركيبة الهرمية التراكمية للموقع المسمى بموقع قلعة البحرين ولا نستطيع الفصل بين الاثنين، فالاحتفالية ليست اكتشاف القلعة أو الانتهاء من ترميمها، فالقلعة موجودة منذ أكثر من خمسمئة عام ولكن الاكتشاف هو للموقع الاثري الممتد في باطن الأرض وحول القلعة. في نهاية هذا اللقاء اود أن اجدد شكري وخالص تقديري لكل من ساهم وشارك في الاعداد لهذه الاحتفالية واخص بالذكر الداعمين الرئيسيين: بنك البحرين والكويت - شركة بتلكو - بنك البحرين الوطني - بنك إنفستكورب - مجموعة الساحل الجنوبي - وكذلك لجنة أصدقاء المتحف من المتطوعين المهتمين بتاريخ وآثار البحرين

العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً