العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ

إذاعة البحرين... فشلتونه!

حمد الغائب hamad.algayeb [at] alwasatnews.com

منوعات

واجهات الدول المتقدمة هي إعلامها بجميع أشكاله المختلفة، المقروء والمرئي وكذلك المسموع، إذ يتم احترام دول وجمهوريات برمتها من خلال واجهاتها الإعلامية بشتى أنواعها الآنفة الذكر، ويتم تقدير واحترام أفراد شعوب هذه الدول من خلال احترام إعلامها لنفسه ومواطنيه، كما ولمستوى حرية الإعلام بجميع ألوانه وفئاته كذلك تأثير مباشر في احترام الآخرين لنا، فإذا كنا نمارس الحرية الإعلامية في إعلامنا الرسمي فهذا يعني (بالنسبة إلى من في الخارج) أننا قطعنا شوطا طويلا في احترام البشر والمواطنين على هذه الأرض على وجه التحديد وهذا هدف في حد ذاته.

ولكن الواقع الذي نعيشه بعيد جدا عن تلك المفاهيم، ومن هنا سنأخذ إذاعة البحرين نموذجا به الكثير من العثرات التي يندى لها الجبين، ولن أطيل عليكم...

فإذاعة البحرين على رغم تاريخها الطويل والحافل في مجال الإذاعة كون إذاعتنا من رواد العمل الإعلامي في الوطن العربي ومن المفترض أن يقوم المسئولون الحاليون ببناء طوابقهم العلوية من هذا الصرح على أساس متين هو موجود أصلا، إلا أن المتتبع لهذه الإذاعة لا يلمس شيئا مبشرا بالخير لا في الحاضر ولا في المستقبل! كما هو موجود في إذاعات أصغر عمرا وأقل خبرة، فهي إذاعة رسمية أكثر من اللازم، فلا نرى شيئا اسمه الرأي والرأي الآخر، وكل ما نراه هو شعار إما معنا أو ضدنا.

برامجها مسكينة مجترة من أول ما فهمنا إلى يومنا هذا، وهي: «صباح الخير يا بحرين» وإن تغير وصار «البحرين تصبح» أو العكس، وبرامج الأسرة ومشكلاتها الموسمية لأخذ الآراء من أناس معينين بعينهم وكأن ما في هالبلد إلا هالولد، والمسلسلات العربية التي عفا عليها الزمن والتي لو فتحت إذاعات بلدانها فلن ترى لها وجوداً أصلاً وهي برامج ومسلسلات أثبتت فشلها الذريع، ناهيك عن كثر المحطات الإذاعية التي يصعب عدها من كثرها... واحدة للأخبار وأخرى للأغاني الشعبية والثالثة للأغاني الجديدة وإذاعة القرآن الكريم... ولا من واحدة منها استطاعت أو استطاع المسئولون فيها أن يثبتوا جدارتها أو أنها تظهر وتتميز وسط الكم الهائل من الإذاعات العربية المحيطة، وهم بهذه الطريقة يطبقون الاهتمام بالكم وينسون الكيف وهو الأهم!

ولنأتي إلى البرنامج الصباحي «صباح الخير يا بحرين» والذي يعتبرونه أكبر إنجاز في الإذاعة ومن أنجح البرامج المباشرة التي تتفاخر بها وزارة الإعلام! فهو في نظري أكثر برنامج أساء إلى سمعة البحرينيين في الداخل والخارج، فجميع الاتصالات الخدماتية المجراة عبارة عن «طرارة» (استجداء) من المسئولين، تأتي بأسلوبين الأول مباشر، والثاني بالمدح والإشادة والتمجيد.

كما أن هذا البرنامج (الفذ) كذلك أصبح فرصة من ذهب ووسيلة ناجحة لبعض أصدقاء الإذاعة فهم أفراد في هذا المجتمع يحصلون على أهدافهم أو هم يحاولون عن طريق سرد المديح والنفاق والتملق والصعود على الأكتاف، والمذيعة (الله يهديها) تجبرنا عن طريق عدم قطع حديثهم على سماع هذا المديح والإطراء وأبيات الشعر الرديء الذي أخاله كتب قبل الاتصال بربع ساعة! كما والاكتفاء أحياناً بتوصيل (المسجات الخاصة) والسلامات والتحيات والأشواق الحارة إلى المسئولين وزوجاتهم وأمهاتهم عبر الاثير و«إللي ما يشتري يتفرج»! إذ إن كثيرا من مشارَكات بعضهم لا داعي لبثها عبر الاثير بل يجب عليهم إرسالها إلى من كتبت لأجله وهم ليسوا بنكرة بل هم معروفون بالنسبة إلى هؤلاء الأصدقاء ومعروفة مكاتبهم وأماكن وجودهم، لأن هذه النوعية من المشارَكات أخذت الوقت من أناس في أمسّ الحاجة إليه أولاً وأساءت سمعتنا ثانياً... فأصبحنا شعباً منافقاً متملقاً نقول في العلن عكس ما نقوله في مجالسنا، ويخرج هذا البرنامج من أهدافه الخدماتية إلى أهداف فردية مصلحية تخدم أصغر شريحة في المجتمع وهم لا يمثلون إلا أنفسهم.

وإن وسعنا الدائرة قليلاً لنبحث في أسباب تدني مستوى الإذاعة واتجهنا إلى كم هي بعض الطاقات الفنية القديمة التي أتت بخبرات جاهزة لتستثمرها الإذاعة ولم تحسن استثمارها فهي كثيرة، وكم هي الإحباطات التي يتعرض لها هؤلاء الفنيون المبدعون من معدين ومذيعين ومتخصصين في هذا الحقل من خلال مسئولين لا ناقة لهم ولا جمل في الحقل الإعلامي الإذاعي على وجه الخصوص، فهي كثيرة.

القائمة تطول، وعلى المسئولين في الإذاعة إن كانوا حريصين فعلاً على مصلحة الإذاعة وسمعة المواطن البحريني والبحرين أجمع أن يسعوا إلى التطوير من خلال عمل اجتماعات تشاورية مثلها مثل جميع الحقول الإعلامية الناجحة، يتم من خلالها طرح خطة عمل طويلة الأمد وخطة تنفيذية قصيرة الأمد وليس ببرنامج متخبط يمشي على البركة.

الكثير في الجعبة لا تسعه المساحة، والأكثر سيجده المسئولون لو (تكرموا) واحترموا موظفيهم وفنانيهم من خلال أخذ آرائهم واقتراحاتهم على محمل الجد.

أملي أن أعاود فتح إذاعة البحرين لأرى التطور الذي أنشده وينشده كثيرون مثلي فلا أحد يستطيع أن يزايد على غيرة البحريني على بلده ووطنه، وإلا فإني مضطر إلى أن أتجه إلى سماع محطة أخرى وأنا غير مجبور على شيء لا أريده فالفضاء مليء بالإذاعات التي يمكن أن نسمعها والأهم أنها تحترمنا بالدرجة الأولى

إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"

العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً