العدد 830 - الإثنين 13 ديسمبر 2004م الموافق 01 ذي القعدة 1425هـ

قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات المقدم من الحكومة

الرؤية القانونية للمنبر الديمقراطي التقدمي (2-2)

حسن علي اسماعيل comments [at] alwasatnews.com

محام بحريني

الاقتراح البديل لا ينص على منع الجهة المختصة من استخدام الأسلحة النارية:

على رغم ان الاقتراح البديل أصاب حين أجاز خلافاً لنصوص الحكومة سالفة البيان في المادة (10) - وهي تسري على المسيرة والتجمع - لقوات الأمن حضور الاجتماع والمسيرة والتجمع بناء على طلب من لجنة النظام المنصوص عليها في المادة (9)، وأجاز في المادة (13) - وهي تسري على المسيرة والتجمع أيضاً - للجهة المختصة التدخل لفض الاجتماع والمسيرة والتجمع إذا شابها اعمال عنف أو شغب تهدد سلامة المواطنين وممتلكاتهم وذلك بالتنسيق مع لجنة النظام للمحافظة على الأمن والنظام العام، وأصاب أيضاً حين أبقى على نص المادة (11) من مشروع بقانون الحكومة - وهو نص يسري كذلك على المسيرة والمظاهرة والتجمع - المتعلق بمنع اشتراك أي شخص في اجتماع عام أو مسيرة أو مظاهرة أو تجمع وهو يحمل سلاحاً ولو كان مرخصاً بحمله، إلا ان هذا المقترح قد وقع في خطأٍ حين نص في المادة (9) مسايراً لنص الحكومة على ان لجنة النظام المشار إليها تتألف في حال عدم انتخاب المجتمعين هذه اللجنة من موقعي الإخطار حتى ولم يحضروا الاجتماع أو المسيرة أو التجمع، ذلك انه كيف يمكن ان تعطى هذه اللجنة تلك الصلاحيات المهمة والخطيرة من دون حضور أعضائها الموقعين على الإخطار؟

كما ان المقترح البديل في الوقت الذي ينص على حق الجهة المختصة (وزارة الداخلية) في فض الاجتماع أو المسيرة والتجمع في حال العنف والشغب للمحافظة على الأمن والنظام العام، فانه اغفل النص على تحريم ومنع الجهة المختصة من استخدام الاسلحة النارية في فض التجمعات السلمية واعتبارها جريمة يعاقب عليها القانون وهى تشمل بالضرورة تحريم القنابل المسيلة للدموع والرصاص والرش المطاطي، وواقع الحال يشير إلى انه كيف فقدت البحرين الشاب محمد جمعة شهيداً في ظل مرحلة الاصلاح نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة في ظرف لا يستدعي استخدامها .

ثالثاً: عقوبات متعددة وقاسية تجعل من ممارسة الحق في التجمع السلمي من دون ترخيص جريمة.

حين تقرأ العقوبات التي اشتمل عليها مشروع بقانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات المقدم من الحكومة كأنك تقرأ باباً من أبواب قانون العقوبات، إذ يتضمن (أي مشروع الحكومة) 10 نصوص عقابية تعادل نصف نصوص القوانين الأخرى التي تنظم حق التجمع والتظاهر (وهي 20 نصاً). هذة العقوبات هي:

- عقوبة الدعوة أو التنظيم للاجتماع العام أو المسيرة من دون ترخيص: كل من دعا أو نظم أو عقد اجتماعاً عاماً أو مسيرة أو مظاهرة أو تجمعا غير مرخص به، وكل من استمر في ذلك على رغم صدور الأمر بفضه مجرم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تتجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

- عقوبة الإعلان ونشر الدعوة على رغم العلم بعدم الترخيص: لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تتجاوز خمسمئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من أعلن أو نشر بأية وسيلة من وسائل النشر الدعوة إلى اجتماع عام أو مسيرة على رغم علمه بعدم الحصول على الترخيص.

- عقوبة الشروع في ارتكاب الجريمة: الحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 500 دينار أو بإحداهما لكل من شرع في ارتكاب الجريمة المشار إليها في البند الأول.

- عقوبة سوء النية في الحصول على ترخيص: 4 أشهر والغرامة 500 دينار أو إحداهما لكل من توصل بسوء نية إلى الحصول على ترخيص أو بناء على تقديم بيانات كاذبة أو معلومات مضللة أو بإخفاء وقائع جوهرية كان من شأنها التأثير في تقدير السلطة المختصة بإصدار الترخيص (م 23).

- عقوبة الاشتراك على رغم تحذيرات الأمن: 6 أشهر والغرامة 500 دينار أو إحداهما لكل من اشترك على رغم تحذيرات الأمن العام له في اجتماع عام أو مسيرة أو مظاهرة من دون ترخيص (م 24).

- عقوبة الاشتراك في غير الزمان والمكان المحددين : 6 أشهر والغرامة 500 دينار أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من اشترك في اجتماع عام أو مسيرة في غير الزمان والمكان المحددين. (م 24).

- عقوبة عدم الاستجابة لأمر تعديل خط سير المسيرة : 6 أشهر والغرامة 500 دينار، لكل من لم يستجب للأمر الصادر بتعديل خط سير المسيرة أو المظاهرة أو التجمع.

- عقوبة الاستمرار في الاشتراك على رغم صدور الأمر بالفض: 6 أشهر والغرامة 500 دينار لكل من اشترك في اجتماع عام أو مسيرة أو مظاهرة على رغم صدور الامر بفضه.

- عقوبة حمل السلاح: سنة والغرامة 500 دينار أو إحداهما لكل من اشترك في اجتماع عام أو مسيرة أو مظاهرة أو تجمع وهو يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبئاً ولو كان مرخصاً به.

- عقوبة مضاعفة لكل من استعمل مركبة في مسيرة من دون إذن خاص: أجازت المادة (20) من مشروع بقانون الحكومة لقوات الأمن معاقبة كل من استعمل مركبة في مسيرة أو مظاهرة أو تجمع من دون إذن خاص من وزير الداخلية بسحب رخصة القيادة إدارياً وشهادة تسجيل المركبة ولوحتها المعدنية ورخصتها لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً، في حال ارتكاب ذات المخالفة خلال سنة، وتكون العقوبة سحب الرخصة لمدة لا تزيد عن ستين يوماً وجوبية بالنسبة لسحب شهادة التسجيل وللوحة المعدنية لمدة ثلاثة أشهر.

فضلاً عن ذلك، فإنه يعاقب طبقاً لنص المادة (26) بالحبس مدة لا تزيد عن 4 أشهر والغرامة التي لا تتجاوز 500 دينار.

- عقوبة الحبس والغرامة إلى أعضاء مجلس إدارة الشخص الاعتباري أو القائمين على إدارته: يعاقب مشروع قانون الحكومة في المادة (27) أعضاء مجلس إدارة أو القائمين على إدارة أية نقابة أو جمعية أو نادٍ أو هيئة رياضية أو شركة، بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 500 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

- إذا أذنوا بعقد اجتماع عام بمقرها من دون أن يكون مرخصاً به.

- إذا لم يطلبوا من قوات الأمن العام فضه بمجرد علمهم بانعقاده.

- عقوبة الغرامة والحل والتصفية للشخص الاعتباري: إضافة لذلك فإن الشخص الاعتباري وفقاً (النقابة والجمعية والنادي... إلخ) في الوقت نفسه يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تتجاوز خمسة آلاف دينار، إذا ارتكب أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون باستخدام مقره، بل يجوز للمحكمة في حال الإدانة حله أو تصفيته.

- تطبيق أية عقوبة أخرى أشد: إذ تنص المادة (30) على ألا تخل أحكام هذا القانون بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر.

هكذا يعاقب مشروع الحكومة الناس لمجرد المشاركة في ممارسة حق التجمعات السلمية غير المرخصة، وهو الحق الذي أباحه الدستور، وكفلته المواثيق الدولية، وهكذا يضع هذا المشروع أعضاء مجالس إدارات النقابات والجمعيات والأندية أو الهيئة الرياضية أو الشركات في مصاف المجرمين إذا سمحوا باجتماع غير مرخص في مقارهم، في حين أن الاجتماع لا يحتاج إلى الرخصة.

الاقتراح البديل يخالف عقوبة الحبس في حدها الأدنى:

إذا كان الاقتراح البديل قد ألغى كل العقوبات التي جاء بها مشروع الحكومة، واكتفى بمعاقبة المنظمين للاجتماع العام بغير إخطار أو رغم صدور حكم قضائي بمنعه، بالحبس مدة لا تزيد عن 48 ساعة وبغرامة لا تتجاوز 300 دينار، وزاد هذه المدة إلى الحبس مدة لا تزيد عن 5 أيام وبغرامة لا تتجاوز 500 دينار في حال المظاهرات والمسيرات والمواكب، فإن هذا الاقتراح:

1- يخالف قانون العقوبات على رغم تحفظاتنا على الكثير من أحكام هذا القانون، وتتمثل هذة المخالفة في أنه لا توجد في قانون العقوبات، عقوبة حبس مدتها 48 ساعة أو 5 أيام، فالمادة 54 عقوبات تنص على أن «الحبس هو قضاء المحكوم عليه المدة المحكوم بها في أحد السجون المخصصة لهذا الغرض طبقاً للقانون. ولا يقل حده الأدنى عن عشرة أيام ولا يزيد حده الاقصى على ثلاث سنين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك».

2- وينص الاقتراح على معاقبة المنظمين بالحبس لمجرد عدم الإخطار، في حين أنه يكفي النص على عقوبة الغرامة، ويجمع بين عقوبتين من دون يكون هناك خيار بينهما، أي لابد من النص أو (بإحدى العقوبتين).

3- يغفل الاقتراح أن العقاب على مخالفة أحكام هذا القانون يتعين أن يشمل قوات الأمن أو الجهة المختصة أيضاً، فهما من الأطراف الرئيسية في هذا الاقتراح، إذ كان يتعين النص على معاقبة كل من يخالف أحكام هذا القانون.

لنص أفضل يقرر العقوبة في تنظيم حق التجمعات السلمية يحتاج إلى مناقشة مستفيضة ودقيقة آخذين في الاعتبار ما ينص عليه قانون العقوبات.

إن المنبر الديمقراطي التقدمي وهو يقدم هذة الرؤية، يرى في أحكام مشروع قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات المقدم من الحكومة ضربة قاصمة لحق المواطنين في التجمع السلمي ولحقهم في حرية الرأي والتعبير، وينسف ما نص عليه الدستور في هذا الشأن، فجاءت وجهته نحو تقييد الحرية لتعرقل عملية التحول الديمقراطي، ويرى «المنبر» في المقترح البديل على رغم إيجابياته، وجود عيوب شكلية وموضوعية تحتاج إلى مزيد من المناقشة، ويحسب أن قيام لجنة متابعة قانون التجمعات العامة بتنظيم ورشة عمل لإعداد قانون بديل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح

إقرأ أيضا لـ "حسن علي اسماعيل"

العدد 830 - الإثنين 13 ديسمبر 2004م الموافق 01 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً