العدد 835 - السبت 18 ديسمبر 2004م الموافق 06 ذي القعدة 1425هـ

المنطق السعودي له مشروعيته ومجاله ليس اتفاق التجارة الحرة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ما مواقع القوة الخليجية، وكيف يمكن للدول الست المنضوية في مجلس التعاون الخليجي أن تستفيد من تلك المواقع في خضم المتغيرات التي تمر بها المنطقة؟ هذا سؤال مشروع وينبغي أن يكون في مقدمة الأسئلة المطروحة على طاولة البحث عند اجتماع القمة الخليجية في البحرين هذا الأسبوع. ولكن ليس من المتوقع لمجلس التعاون التطرق إلى مثل هذه القضايا الاستراتيجية لأنه لم يكن معنياً بها منذ بداية تأسيسه حتى الآن، وبقيت هذه الأمور خارج إطار التعاون المعمول به بين الدول والأعضاء.

ولعل جزءاً من الجواب نجده في الاجتماع الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في المنامة مطلع هذا الشهر لمناقشة «أمن الخليج» واشتركت فيه دول المجلس مع الدول الثلاث الأخرى المرتبطة جغرافياً بالمجلس (العراق، إيران واليمن) مع الدولتين صاحبتي الوجود العسكري في الخليج (أميركا وبريطانيا) ومجموعة من الدول الأخرى التي ترتبط مصالحها بالخليج (فرنسا، اليابان، استراليا، الخ...). وعلى رغم أن اجتماعات المؤتمر الأمني كانت مغلقة فان الحوارات ومحتويات النقاش خرجت إلى العلن ولاسيما مداخلة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وهي المداخلة التي تطرق فيها إلى موضوع الاتفاقات الثنائية، الأمنية والاقتصادية بين دول المجلس والدول الأخرى (أميركا).

على أن مداخلة الأمير سعود لم تكن تتناول موضوعاً واحداً فقط على رغم أن الأنظار توجهت إلى ذلك الموضوع دون غيره (اتفاق التجارة الحرة بين البحرين وأميركا). فالأمير سعود أشار الى ان العالم يحتاج إلى الخليج (قاصداً بذلك أميركا أساساً) أكثر من حاجة الخليج إلى هذه الدول، والسبب هو أن جميع المؤسسات الحالية تقول إن العالم سيعتمد أكثر وأكثر على النفط ولاسيما خلال عشرين سنة مقبلة، وان الحاجة تكبر، والمنطقة الوحيدة التي تستطيع ان تلبي النمو المطلوب هي السعودية تحديداً ودول الخليج عموماً (بما في ذلك الدول غير الأعضاء في مجلس التعاون).

والمنطق الذي ذكره الأمير سعود في حديثه مدعوم بالأرقام المتوافرة حالياً. فالخليج لديه 60 في المئة من احتياط العالم من النفط و37 في المئة من احتياط الغاز العالمي. والسعودية لوحدها لديها 25 في المئة من احتياط النفط العالمي ويبلغ أكثر من 260 مليار برميل، وهناك المزيد من الاحتياط الذي لم يكتشف بعد.

السعودية منطقها مباشر أيضاً في هذا المجال، فهي تستطيع إنتاج نحو 11 مليون برميل يومياً حالياً تستخرجه من أكثر من ألف حقل نفطي. والسعودية تمسك بهذا الإنتاج ولديها شركة عملاقة وهي «أرامكو» التي تتطلع إلى رفع قدرتها الإنتاجية حالياً إلى 15 مليون برميل يومياً لمواكبة الزيادة في الطلب على النفط. والشركة تقول انها تستطيع توفير هذا الإنتاج اليومي على مدى 50 سنة مقبلة على الأقل، وان الحقول السعودية لم تستنفد سوى 28 في المئة من مخزونها، وهذا يعني أن هناك المزيد تحت الأرض لإبقاء السعودية أهم مصدر للطاقة في العالم حتى منتصف القرن الحادي والعشرين (الاحتمال هو أن العالم يجد بديلاً عن النفط بعد 2050). وعلى هذا الأساس فإن السعودية تحاور الدول الصناعية الكبرى من منطلق قوة أكثر من منطلق الحاجة، ولذلك كان خطاب الأمير سعود في الاجتماع الأمني مفاجئاً لمن حضره.

المنطق السعودي له ما يبرره على المستوى الاستراتيجي، ولكن ومع الأسف فإنه فهم باتجاه أقل من ذلك وتم نقل الحديث من موضوع يتعلق بأمن الطاقة في العالم وربطه بأمن الخليج، وهو حديث مشروع، إلى موضوع تفصيلي (اتفاق التجارة الحرة) الذي لا يؤثر على جوهر التوجه السعودي للمشروع. أملنا في ان تتوصل الدول الخليجية الى اتفاقات تحفظ مواقع قوتها من دون ان تحدث الفرقة بينها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 835 - السبت 18 ديسمبر 2004م الموافق 06 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً