العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ

اقتصادات دول مجلس التعاون تعيش أفضل أوقاتها

في ضوء الارتفاع التاريخي لأسعار النفط

تشير الكثير من الدراسات إلى أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستسجل معدلات نمو قوية في العامين و وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. أيضا سيساهم ارتفاع الأسعار في تمكين دول الخليج بشكل عام من تسجيل فوائض في الموازنات العامة نظرا إلى أن النفط هو المصدر الرئيسي للإيرادات.


معدلات نمو مرتفعة

يتوقع تقرير صادر عن ستاندرد تشارترد بنك أن يحقق الاقتصاد القطري أعلى نسبة نمو بين اقتصادات دول المجلس تبلغ في المئة في العام بينما تتوقع مجلة «غالف بيزنس» التي تصدر في دبي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي القطري في المئة في العام (لاحظ الجدول المرفق). ويأتي هذا الإنجاز القطري على خلفية التطورات الاقتصادية التي تشهدها البلاد وخصوصا في مجالات النفط والغاز والكيماويات. يتوقع أن تصبح قطر في غضون السنوات الخمس المقبلة المصدر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم تماماً كما هو الحال مع السعودية فيما يخص تصدير النفط. كما تشهد قطر تطورا نوعيا في قطاع الخدمات مثل التعليم وخير دليل على ذلك قيام بعض الجامعات الأميركية الرائدة مثل (كارنجي ميلون ورايس) بفتح فروع لها في المدينة التعليمية في الدوحة.

يلي قطر في النمو الاقتصادي كل من الكويت والسعودية. في الحقيقية ينتظر أن يحقق الاقتصاد الكويتي نقلة نوعية في الأداء نظرا إلى زوال الخطر الذي كان يسببه نظام صدام حسين. وتشهد البلاد حركة اقتصادية غير عادية إذ تتخذ الكثير من الشركات الأميركية العاملة في العراق من الكويت مقرا لها. يبقى أن فقدان التعاون بين الحكومة والجهاز التشريعي المتمثل في مجلس الأمة يعطل الكثير من المشروعات الحيوية المقترحة. على سبيل المثال لا يزال البرلمان يرفض تمرير مقترح مشروع يمنح بموجبه للشركات النفطية المتخصصة حق التنقيب وتطوير النفط في شمال البلاد. وتبلغ كلفة ما يعرف بمشروع الكويت مليارات دولار ويهدف إلى زيادة الحصول على معدل إنتاج إضافي يبلغ ألف برميل يوميا. تكمن حجة البرلمان في وجود بند في الدستور الكويتي يمنع منح شركات أجنبية حق امتلاك مصادر حيوية في البلاد. على كل حال لا بد من إيجاد حل لهذه المعضلة حتى يتسنى للكويت أن تستفيد من مقدراتها وخصوصا أن التهديد الذي كان يمثله نظام صدام حسين تسبب في خسارة اقتصادية لا حصر لها.

أما النمو الاقتصادي السعودي فيعود إلى أهمية القطاع النفطي ودوره المحوري في تنشيط الحركة الاقتصادية في المملكة. يذكر أن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم إذ تنتج عادة , ملايين برميل يوميا. إلا أن زيادة الطلب العالمي على النفط في العام (بسبب عدة عوامل منها مشكلة تأمين النفط في العراق والنمو الاقتصادي في الصين والأزمة السياسة في فنزويلا) سمح للسعودية بزيادة إنتاجها إلى نحو , ملايين برميل يوميا إذ تزامن ذلك مع الارتفاع الكبير في الأسعار الأمر الذي ساهم في حصول الخزينة السعودية على أموال طائلة. كما تشهد السعودية محاولات جادة من قبل السلطات لتحرير الاقتصاد والسماح للمستثمرين السعوديين والأجانب على حد سواء بلعب دور ريادي في الحركة الاقتصادية.

وتأتي الإمارات في المرتبة الرابعة من حيث النمو الاقتصادي إذ يتوقع أن تبلغ نسبة النمو فيها في المئة في العام . فضلا عن النفط تعتبر دولة الإمارات خصوصا إمارة دبي أهم مركز تجاري في المنطقة بأسرها. من جهة أخرى تحاول إمارة رأس الخيمة الاستفادة من تجربة دبي في الانفتاح الاقتصادي وذلك عن طريق إنشاء مناطق حرة وجلب المستثمرين. ويتوقع على نطاق واسع أن تواصل دولة الإمارات في تميزها الاقتصادي على رغم رحيل راعي نهضتها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ويتوقع أن يحقق الاقتصاد البحريني نموا يبلغ , في المئة أي أقل بقليل عن نسبة , في المئة التي حققتها في العام . بيد أن من المحتمل أن يساهم اتفاق منطقة التجارة الحرة مع أميركا في الدفع بالحركة الاقتصادية في البحرين إلى آفاق جديدة. ومن المتوقع أن يصدق الكونغرس الأميركي على الاتفاق في وقت لاحق من العام . ويأتي أداء الاقتصاد العماني في المرحلة الأخيرة. المعروف أن سلطنة عمان لم تستفد كثيرا من ارتفاع الأسعار وذلك على خلفية تقلص الإنتاج النفطي. في الفترة الأخيرة تعمل السلطات بجد لزيادة إنتاج الغاز لغرض التصدير.


توظيف الفوائض المالية

يرى تقرير ستاندرد تشارترد بنك أن إيرادات دول مجلس التعاون مجتمعة ستبلغ مليار دولار في العام بزيادة قدرها مليار دولار عن العام وذلك بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط إذ وصلت إلى مستويات قياسية في بعض الفترات باقترابها من حاجز دولاراً للبرميل الواحد. ويتوقع أن تنجح الموازنات في تحقيق فائض مالي قدره مليار دولار ويمثل هذا الرقم في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون مجتمعة. يذكر أنه في العام بلغ حجم الفائض المالي في الموازنات العامة مليار دولار أي في المئة من حجم اقتصادات دول مجلس التعاون. ويتوقع أن تحقق الكويت أكبر نسبة فائض مالي تبلغ في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام . يذكر أن الكويت ولسنوات عدة اتبعت سياسة متحفظة للصرف بإنفاقها أقل من المبلغ المخصص في الموازنة على خلفية التهديد الذي كان يشكله النظام العراقي السابق.

ختاماً الأمل كبير في أن تتمكن دول مجلس التعاون من الاستفادة من الفوائض المالية لمعالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها وخصوصا البحرين، السعودية وعمان والتي تعاني من تفشي حالة البطالة. تبلغ نسبة البطالة في المئة في البحرين ونحو في المئة في السعودية وأقل من ذلك في عمان. وينتظر من الكويت أن تستفيد من الفائض المالي في تحريك النشاط الاقتصادي بعد سنوات عجاف إذ لا توجد ذريعة لعدم الصرف وذلك نظرا إلى زوال الخطر الذي كان يمثله النظام العراقي البائد. كما يتوقع أن تستغل الإمارات الفوائض المالية في تعزيز مكانتها الاقتصادية في المنطقة. بينما يتوقع أن تستغل قطر الفوائض المالية في التقليل من الدين العام.

يذكر أن قطر اقترضت مبالغ طائلة في السنوات الماضية لغرض تطوير اقتصادها وخصوصا القطاع النفطي. ربما يمكن اعتبار الفوائض المالية هدية من الخالق سبحانه وتعالى لدول الخليج للاستفادة منها لحل المشكلات الاقتصادية التي تواجهها وتوفير سبل العيش الكريم لأبنائها. ما يهم هو كيفية الاستفادة من هذه النعمة الإلهية فهل تكون حكومات دول مجلس التعاون الخليجي عند مستوى المسئولية؟ هذا ما ستكشفه لنا السنوات القليلة المقبلة

العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً