العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ

وحدة اليمن تبدو مهددة بعد 20 عاماً على إنجازها

بعد عشرين عاما على وحدة اليمن يبدو التلاحم بين شمال وجنوب هذا البلد العربي مهددا جراء حركة احتجاجية جنوبية تزداد تشددا وتتخذ منحى انفصاليا اكثر فاكثر، وذلك في ظل تحديات كبرى يواجهها اليمن.

واحتفل اليمنيون أمس (السبت) بالوحدة التي تشهد اكبر أزمة منذ الحرب الأهلية في 1994، وذلك بموازاة تغلغل لتنظيم «القاعدة» في البلاد واستمرار التوتر في الشمال على الرغم من وقف إطلاق النار الهش الساري منذ ثلاثة أشهر بين القوات الحكومية والتمرد الشيعي.

وقال رئيس مركز الخليج للأبحاث الذي مقره دبي عبدالعزيز الصقر إن «الوحدة اليمنية السياسية والجغرافية تحققت إلا أن الوحدة الاجتماعية لم تتم بالشكل المطلوب». واعتبر الصقر أن هناك «مسئوليات وإشكاليات» كبيرة تواجهها الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح للحفاظ على الوحدة و»أهمها تحقيق مساواة حقيقية في ما يتعلق بالفرص والتنمية» بين الشمال والجنوب، بينما يرى قسم من الجنوبيين انهم يتعرضون للتمييز وحتى الاستغلال من قبل الشماليين.

وبحسب الصقر «لابد من مواجهة هذه الإشكاليات وإلا فهناك خطر حقيقي على الوحدة اليمنية» بين الشمال والجنوب الذي كان مستقلا حتى 1990.

وتشهد المحافظات الجنوبية بشكل أسبوعي تظاهرات واسعة ترفع خلالها أعلام اليمن الجنوبي السابق وشعارات مطالبة بالانفصال لكن باستثناء كبرى مدن الجنوب عدن التي تشهد انتشارا عسكريا امنيا مشددا.

ولا يوفر علي عبدالله صالح فرصة ليؤكد على التمسك بالوحدة التي تعتبر إنجازه الكبير مهما كان الثمن، وهو يعد بمزيد من اللامركزية وبتعزيز الحوار الداخلي لكن دون نتائج ملموسة حتى الآن.

وقال في كلمة أمام ضباط يمنيين (الأربعاء) الماضي انه لن يسمح «للمجرمين وقطاع الطرق ودعاة الفتنة والتفرقة أن يحققوا مآربهم وستكون لهم المؤسسة العسكرية الوطنية البطلة بالمرصاد» في إشارة على ما يبدو إلى دعاة الانفصال في الجنوب.

من جهته، قال الأكاديمي البريطاني نيل بارتريك الخبير في شئون الخليج وناشر موقع «بارتريك ميد ايست دوت اورغ» المتخصص في المنطقة إن «وحدة اليمن تشكل مصدر قلق حقيقي لدول الجوار وللحكومة اليمنية بالطبع». واعتبر أن المطالب الانفصالية المتصاعدة في الجنوب تشكل مع النشاط الجهادي والتمرد الزيدي الشيعي «تحديات كبيرة» للحكومة اليمنية.

وفي هذا السياق، اكد عبدالعزيز الصقر أن الحركة الانفصالية «ليست أقل خطورة من تمرد الشمال» الذي تسبب بمقتل الالاف ونزوح نحو 250 ألف نسمة إلى أن انتهت جولة القتال الأخيرة بين المتمردين وقوات الحكومة في فبراير/ شباط الماضي.

وإذ شدد الصقر على أن الوحدة «إنجاز مهم يجب التمسك به»، اكد «أن مجلس التعاون الخليجي يرفض مطلقا» أي انفصال في اليمن فيما تتخوف الدول الكبرى من انتعاش النشاطات المتطرفة في ظل انهيار للدولة.

أما بارتريك فقال في هذا السياق إن «دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة حماية وحدة اليمن، إلا أن السؤال هو ماذا ستقوم به هذه الدول لمساعدة اليمن على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بما في ذلك احتواء اليمن جزئيا في المجلس».

وأشار إلى أن «السعودية لطالما كانت حساسة إزاء شئون اليمن (...) والحساسية السعودية تزيد» في إشارة إلى دخول السعوديين خط المواجهات مع الحوثيين بشكل مباشر في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.

وبحسب الخبير البريطاني «هذا يعني أن الخيار العسكري السعودي (لحماية الوحدة) يبقى مطروحا».

في المقابل، لا يستطيع الجنوبيون الاعتماد على أي دعم عسكري خارجي لتحقيق أي شكل من الانفصال وخصوصا في ظل السلاح الثقيل الذي تملكه صنعاء، بحسب خبير أجنبي أقام في اليمن وطلب عدم الكشف عن اسمه.

وقال الخبير إن الحركة الجنوبية «تعاني من غياب قيادة ذات مصداقية» كما أنها «لا تملك بديلا واضحا» مع «صعوبة قيام دولة جنوبية على المستوى الاقتصادي». وأشار إلى أن الموارد الجنوبية موجودة وخاصة في حضرموت وهي منطقة «غير متحمسة للانفصال كما هو الوضع في الضالع مثلا»، على حد تعبيره.

لكن ذلك يقابله بحسب الخبير «غياب تام لاي رد بناء من قبل الحكومة. وبينما كان يمكن إصلاح الأمور قبل سنة أو سنتين، فالوضع لم يعد كذلك الآن». لكن الوحدة إذا كانت مهددة، فهي لن تنهار بين ليلة وضحاها.

وبحسب الصقر «على المدى القريب سيكون هناك قلاقل وعدم استقرار وصعوبة في فرض الحكومة سلطتها على مناطق جنوبية».

أما على المدى البعيد فيمكن أن «تتعاظم الحركة الانفصالية» بحسب الصقر السعودي الجنسية.

إلا انه أشار إلى أن «الجنوب لا يملك المقومات لقيام دولة وهناك بالتالي خطر الوصول إلى دول فاشلة في الجنوب وأخرى فاشلة في الشمال» على حد تعبيره.

أما السيناريو الأسوأ فهو «انقسام الجنوب إلى جنوبين على أسس مناطقية قبلية، واستغلال العناصر الإرهابية لضعف الدولة في الجنوب ونشوء حاضنة لإفرازات أمنية خطيرة» مثل تنظيم القاعدة.

ولا تجمع سائر مكونات «الحراك الجنوبي» على مطلب الانفصال، لكن الانفصاليين باتوا الأقوى بحسب الصقر.

وقال إن «الحراك الجنوبي فيه تيارات مختلفة، فهناك تيار يطالب بالانفصال وآخر يطالب بتعزيز المساواة مع الشمال، إلا أن التيار الأول يتعاظم لان التيار الثاني بكل بساطة لم ينجح في تحقيق مطالبه». أما الخبير الأجنبي فتوقع أن «تستمر الأمور بالاهتراء ولكن دون انهيار تام»

العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:24 ص

      الوحدة اليمنية

      الرئيس علي عبدالله صالح فرصة يؤكد على التمسك بالوحدة التي تعتبر إنجازه (ليست إنجازه والله العظيم) بل إنجاز سالم ربيع علي وإبراهيم الحمدي، فقد كان على وشك توقيع الوحدة قبل مجيد السيد الرئيس علي عبدالله صالح. علي يدعو إلى اللامركزية (وهو مؤسسها وأبوها) وبتعزيز الحوار الداخلي (وهو ييفرض شروطه ورأيه ومن يخالفه الله يرحمه) لكن دون نتائج ملموسة حتى الآن.
      المشكلةأن المرء أي كان إذا جاء بالحقيقة والدلائل التي تدين رئيس ما فقولوا عليه الله يرحمه
      إذن نقول الله يرسل لليمن إبراهيم حمدي آخر لينقذه مما

اقرأ ايضاً