لم يكن تسلم عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة الخليج العربي، إلا وساماً جديداً يضاف الى كوكبة الأوسمة التي رصعت تاريخ المملكة الحافل باستحقاقات العصر الإصلاحي الجديد الذي اطلقه جلالته قبل عقد كامل.

درجة الدكتوراه الفخرية في مجال العلوم الإنسانية التي تسلمها جلالته في 17 مايو/ أيار الجاري 2010 لدى استقباله مستشار وزير التعليم العالمي بسلطنة عمان رئيس مجلس أمناء جامعة الخليج العربي محمد البندري ورئيس جامعة الخليج العربي خالد العوهلي، كانت إضافة نوعية جديدة وفارقة لسلسلة الإنجازات التي تحققت في عهد جلالته، إنجازات ليست تحسب في رصيد الملك القائد فحسب، بل تحسب في رصيد مملكة البحرين بأجمعها.

استحقاق الملك حمد للدكتوراه الفخرية التي واكبت استحقاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود شهادة الدكتوراه الفخرية في مجال خدمة العلوم والتعليم الطبي من جامعة الخليج العربي في 4 مايو الجاري 2010، جاءت استحقاقاً للجهود التكاملية لجلالتهما في النهوض بجامعة الخليج العربي الى آفاق تطوير جديدة تستشرف احتياجات إقليم الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي للعقد للألفية الجديدة، إذ أعلن خادم الحرمين الشريفين لدى زيارته التاريخية لمملكة البحرين والتي استمرت من 18 وحتى 19 أبريل/ نيسان الماضي 2010م، عن مبادرته الملكية ببناء مدينة طبية تتبع جامعة الخليج العربي بالبحرين كهدية باسم شعب المملكة العربية السعودية لأشقائه في البحرين وفي دول مجلس التعاون الخليجي والتي تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين وتبلغ كلفتها مليار ريال سعودي، تلك المبادرة الملكية التي اتبعها جلالة الملك حمد بن عيسى بهبة أرض تبلغ مساحتها مليون متر مربع تخصص لبناء «مدينة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية».

إن لحدث منح الدكتوراه الفخرية رمزيته ولجامعة الخليج العربي رمزيتها، فالدكتوراه التي تمنحها الجامعات الدولية المرموقة كدرجات علمية شرفية للشخصيات المتميزة، تأتي تقديراً وعرفاناً لإنجازات الشخصيات البارزة دولياً أو إقليمياً، وتعتبر في العالم بأجمعه أرفع درجة علمية تكريمية يمكن أن تُمنح تكريماً للشخصيات المستحقة التي برزت إنجازاتها على أصعدة عديدة، وكانت جامعة أوكسفورد الانجليزية وهي الجامعة الأكثر عراقة في العالم الغربي هي أول من سنّ هذا التقليد الأكاديمي الأبرز العام 1470م، وليترسخ هذا التقليد كواحد من ابرز تقاليد الجامعات الدولية العريقة الى يومنا هذا.

وفيما تعتبر هذه الدكتوراه الفخرية هي الأولى من نوعها التي تمنحها جامعة الخليج العربي التي تمثل رمزاً من رموز المؤسسات الخليجية المشتركة، تضيف الجامعة تقليداً أكاديمياً عريقاً يسجل محطة تاريخية استثنائية في مسيرتها التي تأسست العام 1979، لتقوم بالدور الجليل للتعليم العالي والجامعي في تطوير المجتمع الخليجي وتوفير احتياجاته من المتخصصين والخبراء في شتى المجالات المهنية ذات الأهمية للمجتمع، متوائمة والظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لدول مجلس التعاون وملبية كصرح أكاديمي لما تواجهه من تحديات حضارية، ومرسخة كمؤسسة وحدوية خليجية مشتركة بين جميع أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي لما يربط دول المجلس وشعوبه من وشائج تاريخية وتطلعات مشتركة نحو مستقبل زاهر يكون أحد نتاجها خلق نوع من التلاحم الوجداني والوحدة الفكرية والتقدم العلمي لأفراد المجتمع الخليجي الواحد، ما يحقق للمنطقة الرقي الحضاري والنهضة التنموية في شتى المجالات.

تلك الرمزية البالغة الكثافة والدلالة التي قال عنها جلالة الملك حمد بن عيسى لدى تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية ورداء الجامعة ووشاحها إن: «جامعة الخليج العربي ساهمت عبر مسيرتها الممتدة في خدمة البحث العلمي والدراسات التخصصية والتعليم العالي في المنطقة في إعداد أبناء دول الخليج العربي وتأهيلهم وتدريبهم وفقا لأحدث المستويات العلمية والتخصصية والتطبيقية المتطورة»، مؤكداً حرص جلالته على دعم جامعة الخليج العربي التي هي إحدى أركان التعاون الخليجي المشترك، منوهاً بدور الجامعة في إعداد أبناء دول الخليج العربي وتأهيلهم وتدريبهم، مؤكداً أهمية الاستمرار في دعم البحوث العلمية والعمل على تطويرها.