العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

مطالبات بآلية وطنية لتوفير النفاذ للمعلومات لتحقيق الاقتصاد المعرفي

في ندوة استضافتها «الوسط»:

المشاركون في ندوة «الوسط» طالبوا بتوفير المناخ المواتي لدخول البحرين إلى مجتمع المعرفة        (تصوير: محمد المخرق)
المشاركون في ندوة «الوسط» طالبوا بتوفير المناخ المواتي لدخول البحرين إلى مجتمع المعرفة (تصوير: محمد المخرق)

طالب خبراء في الاقتصاد المعرفي بآليات وطنية لتحقيق النفاذ الشامل للمعلومات من أجل الوصول إلى الاقتصاد المعرفي.

واعتبر المشاركون في ندوة استضافتها «الوسط» بشأن «الاقتصاد المعرفي»، أن التحول إلى مجتمع معرفي يعني التحول إلى مجتمع مبدع، مشيرين إلى أن دول الخليج تعيش في عصر مجتمع المعلوماتية ويمكن أن تحقق المزيد من التطور إذا عرفت كيف ننتقل إلى المعرفة.

كما أكدوا أهمية دور الدولة في دعم البحث العلمي، باعتبار أن مخرجات المعرفة العلمية سيستفيد منها كل المجتمع ولن تكون محتكرة على طرف ما.

شارك في الندوة كل من: المدير التنفيذي في مؤسسة كانو للخدمات الاستشارية هيثم القحطاني، الأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث عبدالله الصادق، عضو الجمعية العربية للاقتصاد المعرفي هديل العبيدي.

وفيما يأتي نص المناقشات التي دارت خلال الندوة:

ما هو الاقتصاد المعرفي، وما هي أبعاده على النشاط الاقتصادي؟

- القحطاني: الاقتصاد المعرفي هو الذي يوفر المعرفة بكفاءة للأشخاص لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.

ولذلك تشكل المعرفة نسبة في القيمة المضافة في الناتج القومي، فعدة دول أصبح الناتج القومي لها لا يقتصر على النفط والزراعة، وإنما شغلت المعرفة حيزاً كبيراً منه.

إن نمو المؤسسات والمنتجات والخدمات لا يتم إلا من خلال المعرفة، وحتى لو كان هناك صالون حلاقة ولكن فيه خدمات معرفية فهو يتميز عن الصالونات الأخرى.

وحين كنت أبحث في مضمون التكنولوجيا في المنتجات الخليجية، وجدت أنها تتراوح بين صفر و2 في المئة في بعض دول الخليج، وهنا يجب أن يتدخل الاقتصاد المعرفي وإنتاج الخدمات.

وفي دول الخليج التعليم جيد والمهارة متوسطة، فأغلب الناس تتمنى وظيفة متوسطة أو عالية المهارة، وبالتالي من أين نستطيع أن نجد الأنشطة الصناعية إلا من خلال الصناعات والخدمات المعرفية؟

ولا شك أن التحول إلى مجتمع معرفي يعني التحول إلى مجتمع مبدع.

العبيدي: قبل البدء في تعريف الاقتصاد المعرفي ومجتمع المعرفة يجب أن نُعرّف في البداية المعرفة، والتي تمثل المعلومات المتراكمة والناتجة من خلال معالجتنا لها واكتسابنا الخبرة اللازمة لاسترجاعها وتكون على نوعين: المعرفة الظاهرة الصريحة، وهي عبارة عن المعلومات الموجودة والمخزنة لدينا، والتي يمكن الرجوع إليها ونقلها بسهولة، والمعرفة الضمنية، وهي مجموعة المهارات والخبرات المخزنة داخل عقول الأفراد، والتي يصعب نقلها أو تحويلها للآخرين، وهي تشكل التحدي الأكبر في إدارة المعرفة داخل المتجمع لانها تمثل الإبداع والابتكار والاختراع. وتأتي تلك المعرفة من خلال احتكاك الأفراد واكتسابهم المهارات الكافية لتبادل المعلومات والمعرفة بين أفراد المجتمع.

وعليه نعرّف المجتمع المعرفي، بأنه ذلك المجتمع الذي يكون أفراد يمتلكون المعارف بكافة أنواعها، ويتبادلونها مع بعضهم بعضاً لتنمية مجتمعاتهم اقتصادياً، واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات لغرض بناء تلك المجتمعات لتكون أكثر أمناً ومجدية اقتصادياً.

نشرت صحيفة «الوسط» قبل فترة مؤشرات الاقتصاد المعرفي، وبحسب البنك الدولي الذي أصدر هذه المؤشرات، فإنها تقيس مستوى التعليم والإبداع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبحسب المؤشرات فإن البحرين كانت الأولى عربياً في العام 1995، ثم الخامسة في العام 2006، ثم الرابعة في العام 2008، والثالثة في العام 2009، فكيف يتم قياس هذه المؤشرات، وخصوصاً أنه من الواضح أن البحرين تأخرت في هذه المؤشرات؟

- الصادق: إن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تضم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكندا واليابان وكوريا، وانضمت إليها أخيراً «إسرائيل»، وهي ما يطلق عليها بـ»نادي الأغنياء»، نرى أن أكثر من 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول مبنية على المعرفة، وهو ما يؤكد أهمية منتجات المعرفة في الاقتصاد، والتي أصبحت في الوقت الحالي توجهاً عالمياً.

وهناك إحصائية عالمية تؤكد أن معدل النمو السنوي للسكان يبلغ 1,8 في المئة، ومعدل نمو الصناعة 3.8 في المئة، والإلكترونيات 6 في المئة، وتقنية المعلومات 10.2 في المئة، والبرمجيات 14 في المئة.

والمعروف أنه كلما زاد معدل النمو الاقتصادي يتضاعف الدخل، فبالتالي، كلما ينمو أسرع كلما تضاعف الاقتصاد بصورة أكبر، وهذا النمط الآن موجود في معدلات النمو العالية الموجودة في الإلكترونيات والاتصالات وتقنية المعلومات، ومن يريد أن يزيد من الدخل القومي لأي بلد لابد أن يحقق معدلات نمو عالية في قطاعات المعرفة.

وبالتالي فإن الإنتاج الذي يُفترض أن نركز عليه هو الاقتصاد المعرفي.

وفي الاقتصاد نرجع الأمور إلى طبيعة الإنتاج في اقتصاد المعرفة، والإنتاج يخضع إلى 3 طرق، أولها ثبات مردود الغلة، وهو ما يعني أن هناك علاقة ثابتة بين مدخلات ومخرجات الإنتاج، فإذا ارتفعت المدخلات ارتفعت المخرجات.

أما الطريقة الأخرى لزيادة غلة الإنتاج، فهي تناقص مفهوم الغلة، إذ أن زيادة معدلات الإنتاج يعطي مخرجات أقل، إضافة إلى طريقة زيادة مدخلات الإنتاج التي تؤدي لزيادة مخرجات الإنتاج.

فطبيعة اقتصاد المعرفة تخضع لهذه المسألة، باعتبار أن طبيعة الإنتاج تتسم بزيادة المردود، وأبرز مثال على ذلك هو الطباعة، والتي تتسم بخاصية تزايد مردود الغلة، فإذا كانت هناك قدرة على إيجاد صناعات تتسم بهذا الأمر فهو يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج.

وشاءت الصدفة التاريخية أن تتسم منتجات المعرفة بهذه الخاصية، وعلى سبيل المثال فإن برنامج «ميكروسوفت أوفيس»، تكمن الكلفة الحقيقة له في الطبعة الأولى، وبالتالي كلما زادت الطباعة قلت كلفة الإنتاج، إذ أن زيادة العدد تقلل كلفة الإنتاج، وهذا له مدلولات أهمية السوق الكبيرة من الناحية الاقتصادية، فكلما كبرت السوق كبرت القدرة على بيع المنتج بشكل واسع، وبالتالي تخفض الكلفة أكثر، وثم تؤدي إلى تحقيق ربح وقيمة مضافة وزيادة الدخل القومي للاقتصاد، وهذه إحدى المزايا الفنية لمنتجات المعرفة.

وبالتالي فإنه كلما زادت السوق ستزيد الربحية وبالتالي الدخل.

كيف يمكن أن ننتقل إلى اقتصاد معرفي، وأين نحن في البحرين والخليج من هذا الاقتصاد؟

- العبيدي: بالإشارة إلى تراجع البحرين عربياً وخليجياً في مؤشر الاقتصاد المعرفي، سنلاحظ أن البحرين تأخرت في مؤشر الإبداع باعتباره أحد مكونات المعرفة.

ويجب أولاً أن نعرف موقع الاقتصاد المعرفي من ناحية الفهم، ومن أجل ذلك يجب أن نعرف مكان المعرفة في الهرم المعرفي. فالإنسان لا يمتلك من المعرفة إلا البيانات التي يحصل عليها يومياً ويطورها ويستفيد منها في اتخاذ قراره وفي الحصول على معرفة أخرى لتلبية متطلباته، وهي تأتي بعد المعلومة وبعدها تأتي الحكمة.

ومن الواضح أن المجتمعات الغير نفطية انتقلت من مجتمع المعلوماتية إلى مجتمع المعرفة، بينما نحن لا زلنا في عصر مجتمع المعلوماتية ويمكن أن ننتقل إذا عرفنا كيف ننتقل إلى المعرفة.

ولذلك من المفترض أن تكون مدخلات هذا المجتمع هو المعلومة، ويجب أن نفهم كيف نستخدم تقنية المعلومات والاتصالات لدعم الاقتصاد، باعتبار أن تكنولوجيا الاتصال هي الداعم للاقتصاد المعرفي.

وفي البحرين هناك مجتمع معلوماتي إلكتروني، ولكن هناك حاجة لأن تنتقل عن طريق وعي الفرد للخصوصية التي يمتلكها في المجتمع، وألا يكون الفرد مستمع فقط يأخذ المعلومة والمنتج، وإنما صانع قرار ومساهم في إنتاج ذلك المنتج.

لذلك أغلب الدولة تكون قائمة على فكرة الإبداع والاختراع، ووجود المعرفة الضمنية التي نكتشفها من خلال احتكاكنا ومشاركتنا مع بعض، وهذا يتطلب أن يكون الفرد فاعل.

ما الذي قدمته الجمعية العربية للاقتصاد المعرفي على هذا الصعيد؟

- العبيدي: تهدف الجمعية العربية للاقتصاد المعرفي ومقرها في الظهران بالمملكة العربية السعودية، إلى تعزيز الاستثمار والاهتمام بالاقتصاد المعرفي والبحث والتطوير في العالم العربي.

كما أن الجمعية تعتبر أول جمعية من نوعها في العالم العربي، وقد تكون الأولى من نوعها كذلك على مستوى قارتي آسيا وأوروبا.

إن جوهر إنشائها يكمن في توجيه انتباه المخططين الاستراتيجيين وغيرهم إلى أهمية الاقتصاد المعرفي ودوره في التنمية الاقتصادية البحتة وتنويع مصادر الدخل عن طريق إيجاد وخلق المعرفة واستثمارها الاستثمار السليم، وذلك من خلال توافر كثير من العوامل المساعدة كالاستثمار الجريء والبحث والتطوير والتعليم والتركيز على رأس المال البشري.

وإن تركيز الجمعية هو على الشركات الكبيرة والصغيرة التي تعتبر ركيزة الاقتصاد

و استطاعت الجمعية تجميع الشركات للاقتصاد المعرفي، فإن ذلك يعتبر بحد ذاته إنجازاً كبيراًَ، ناهيك عن أن الجمعية ستحاول ربط القطاعين العام والخاص لتحقيق الهدف الرئيسي والمتمثل باستدامة التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية.

مؤشر البحرين في الاقتصاد المعرفي في انخفاض، فما هي الخطط الاقتصادية لرفع هذا المؤشر؟، وخصوصاً أنه من المعروف أن الاقتصاد المعرفي يتطلب أن تكون شبكة الإنترنت مفتوحة أمام الجميع، في الوقت الذي نشهد فيه قمع للوسائل المعلوماتية؟

- القحطاني: حين نتحدث عن المؤشرات، فهي كثيرة، وليس هناك مؤشر ثابت، فهناك على سبيل المثال مؤشر أوروبي يعتمد على الإبداع، وهناك مؤشر الكم والذي يعتمد على القطاع المؤسسي والاقتصادي، وهو الذي يقوم على قدرة الاقتصاد في توليد وتبني ونشر المعرفة في الإنتاج، وهناك مؤشر آخر يعكس البيئة الاقتصادية في كثير من المؤشرات، وهو المقياس الذي يقيس جاهزية البيئة الاقتصادية.

البعض يرى أن الدول النفطية دول غنية، ولكننا في الواقع لسنا دول غنية، وخصوصاً بالمقارنة مع دولة مثل كوريا الجنوبية، والتي تعتمد نصف منتجاتها على الخدمات، ونصفها خدمات معرفية، وهذا يعني أن النفط ليس ثروة وإنما قد يكون نقمة علينا إذا كان سيؤدي إلى تراخي في الإنتاج.

مؤشر الاقتصاد المعرفي في عدد من دول الخليج يتراوح بين 5.5 إلى 6.3، وهذا يعني أننا كبيئة اقتصادية جاذبة، قادرة على التحول إلى مجتمع معرفي، وهناك علاقة كبيرة جداً بين الناتج المحلي مع الأداء الاقتصادي، ونعتقد أن الدول الخليجية في منتصف الطريق، ونستطيع التحول إذا وجدنا توجه حقيقي إلى الاقتصاد المعرفي.

وكثيراً ما نقرأ عن الخطط الاقتصادية، ونجد أن هذه الخطط موجهة لقطاعات الصناعات أو المنتجات، ولكن بدلاً من تطوير قطاع السياحة أو الصناعة فقط، لماذا لا نلجأ إلى الخدمات كثيفة المعرفة، مثل خدمات الرعاية والتشخيص الطبي، وهناك خدمات كثيرة التقدم مثل المناظير والطائرات وغيرها، وإذا كنا في الدول الخليجية لا نستطيع أن نمر بجميع هذه الصناعات، فيمكن أن نختار مما هو موجود لدينا من قدرات، فلو اخترنا صناعات محددة يكون لنا دور أساسي فيها، سنسير في طريق الاقتصاد المعرفي.

كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، ركزت على قطاعات معينة في طريقها للاقتصاد المعرفي، وهولندا ركزت على الورود والأنظمة الصحية والطاقة.

فإذا كانت كوريا الجنوبية قد بدأت في الخمسينات، فإن النفط تم اكتشافه قبل ذلك بكثير.

ويجب الإشارة إلى أن هناك ما يسمى بـ»وثبة الضفدع» التي تتطلب التركيز على بعض الصناعات والخدمات، ودول الخليج بخير وناتجها القومي جيد ولكن هناك حاجة للتركيز على قطاعات معينة من أجل الوصول إلى الاقتصاد المعرفي.

العبيدي: أبرز الأمثلة على الاقتصاد المعرفي هما تجربتا كوريا الجنوبية وماليزيا، باعتبار إن الأولى كانت إلى عهد قريب دولة نامية أما الآن فأصبحت من الدول التي يشار إليها بالبنان تقنياً واقتصادياً، وكلنا يتذكر العمالة الكورية لدينا التي كانت تأتي برواتب متدنية نسبياً، وبعد نجاحهم اقتصادياً وصناعياً طالبت حكومتهم بأن ترفع رواتبهم على غرار من يأتون إلينا من دول متقدمة، وتمكن الكوريون من النجاح لأنهم بدأوا بما يسمى «نقل التقنية وتوطينها لديهم».

أما التجربة الماليزية فقد تكون هي التجربة التي يجب أن نستفيد منها لأنها دولة إسلامية، وهذا هو وجه الشبه بيننا وبينهم، ففي العام 1990 وقف رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد مخاطباً رجال الأعمال بماليزيا بقوله: «أتمنى أن يكون الماليزيين الذين يولدون اليوم وفي خلال الأعوام المقبلة، آخر جيل من مواطنينا يكونون قد عاشوا في دولة نامية»، والهدف الآخر الذي أعلنه مهاتير هو أن يأخذ ماليزيا إلى دولة متقدمة في العام 2020.

هذا يعني أن هناك قطاعات يمكن أن تنقلنا إلى الاقتصاد المعرفي، وإذا كانت هولندا انطلقت من خلال الورود، فكيف هي السياسة القطاعية في البحرين؟

الصادق: الأهم أن تكون هناك رؤية وقناعات بهذا الشأن، والواضح أن مستقبل التنمية جيد للاستثمارات، وكتعريف لعملية التنمية فهي الانتقال من قطاعات ذات إنتاجية منخفضة إلى قطاعات ذات إنتاجية ضخمة.

وبما أننا انتقلنا من الزراعة إلى الصناعة إلى الإنتاجية المعرفية ذات المردود الأولي، فيجب الانتقال من الصناعات المنخفضة إلى الصناعات ذات الإنتاجية الأعلى.

وأبرز مثال على ذلك هو الآلة الكاتبة والحاسب الآلي، فالحاسب الآلي دمر الآلة الكاتبة ولكنه ليس تدمير عدمي إنما هو تدمير خلاق ونقل إلى إنتاجية أعلى.

ولو أتينا إلى المعرفة، فإنها تنقسم إلى قسمين، قسم للأفكار وقسم للمهارات، وميزة الأفكار أنها سلع مشاعة، وبالتالي ميزة هذه الأفكار أن الجميع يستفيد منها من دون وجود عراقيل.

بينما المهارات تعتبر سلاح التنافسية، ومن الصعب جدا نقلها، إذ يمكن نقل فكرة التلفزيون ولكن لا يمكن نقل مهارة المهندس، وهنا تأتي أهمية الدولة في دعم البحث العلمي، لأن مخرجات المعرفة العلمية سيستفيد منها كل المجتمع ولن تكون محتكرة.

المعرفة يمكن نقلها إلى أفكار قد تنطلق إلى العامة، بينما القسم الآخر هو المهارات، وهذا يعني أن الفكرة يمكن أن تشاع ولكن الشخص هو من يخلق المهارة، كيف يمكن تحويل الأفكار إلى مهارات معرفية؟

- العبيدي: المعرفة هي أفكار ومهارات، والمهارات هي لتنفيذ الفكرة، فالإعلام الجديد على سبيل المثال، يمكن تطوير مهاراته في مجال معين ولكنها تبقى مكتسبة بحسب الحقل الذي حدده، والمعرفة يتم اكتسابها من خلال تطوير المهارات والأفكار، ولكن تبقى المعرفة الداخلية التي كلما نمت نما الإبداع والابتكار، ويكون الفرد خلاق بتطبيق فكرة معينة، وإذا بدأ يطبق هذا الأمر بابتكار آلية، في حينها يكون مطلوب، ويكون جواز سفره معرفته الضمنية وهي مهاراته ودرجة الابتكار والإبداع.

ما هي خريطة طريق انتقال دولة مثل البحرين للاقتصاد المعرفي؟

- القحطاني: في ماليزيا وفي الفترة من 1984 إلى 2002 تضاعف الناتج القومي 20 إلى 30 ضعف، لأنه كانت هناك رؤية واضحة لتحقيق ذلك.

كل شيء يبدأ بحلم، وعندما تكون هناك إرادة حقيقية لدى جميع الأطراف يبدأ التحول من الحلم. وفي مجال خريطة الطريق، كنت أبحث في تصنيف المنتجات والخدمات عالية المعرفة، فمن المنتجات التي صنفت على أنها تقود إلى الاقتصاد المعرفي، هي المنتجات الصيدلانية والأمور الفضائية والطيران والمعدات الطبية الدقيقة والحاسب الآلي والتلفزيون والراديو والمحاسبة.

والسيارات الحالية أكثر تعقيداً من السيارة التي مشت على سطح القمر في الثلاثينيات نتيجة لتراكم المعرفة.

ويجب الإشارة إلى أن لائحة مؤشرات الإنتاج وقدرة الإنتاج والمهارات وقدرة الأبحاث والبنية التحتية والحكومة، كلها تعتبر مدخلات.

وحين خرج الغاز في منتصف الستينيات في البحرين كان هناك تفكير في كيفية استغلال الغاز، إما بالاتجاه إلى الألمنيوم أو الخدمات، وتم اتخاذ قرار استخدامه في مختلف الصناعات.

لذلك يجب الاختيار بين الصناعات التي تقود إلى الاقتصاد المعرفي، بدءاً بالابتعاث للجامعات، فالمشكلة أن الابتعاث يتم لدراسة تخصصات الهندسة الإلكترونية والكيمياء بعشوائية تامة، في حين أنه يجب أن تُوجه الأبحاث والبعثات للإنتاج لأنه ليس هناك ترف فكري.

وفي اعتقادي أن الحكومة والقطاع الخاص على حد سواء، لهما دور كبير في قيادة الطريق إلى الاقتصاد المعرفي.

الصادق: نحن بحاجة إلى إنتاج معرفة علمية تضم أفكار غير مشفرة، ومهارات مشفرة، ولا شك أن الأفكار هي مهمة الدولة، وهناك ثالوث مهم في هذه المسألة، يتمثل في الجامعات ومراكز البحوث العلمية والصناعة، ويجب على الحكومة دعم وتمويل هذا الثالوث.

والواضح أن القطاع الخاص بدأ يهتم بالمعرفة العلمية، فهناك مصارف استثمارية تتجه للاستثمار في البحث العلمي، وتوزع محافظ للبحث العلمي، وميزة هذه المحافظ هي تزايد مردود الغلة.

لذلك يجب أن يكون هيكل السوق مناسباً لهذا النوع من الاستثمار، ومع اقتصاد المعرفة سننتقل من اقتصاد السوق الحر إلى اقتصاد السوق غير الحر.

كما أن الانتقال إلى اقتصاد المعرفة ليس بالأمر البسيط، وإنما يتطلب أموراً أخرى لها علاقة بقانون المنافسة والسوق الكبيرة، ولابد من وضع خطة متكاملة في هذا الشأن.

العبيدي: إذا أردنا بناء مجتمع معرفي بحريني متقدم ومتكامل، فيجب تطوير الاقتصاد، والاقتصاد لا يكون متطوراً إلا إذا بني على معرفة، فالاقتصاد الذي لا يبنى على معرفة سرعان ما يتلاشى ويتهالك والدمار يكون مصيره، ولا يمكن مقارنة الاقتصاد غير المعرفي بالاقتصاد المعرفي، إذ أن الأخير يكون مستداماً ويكون نتاجه له أثر على تقدم الأمة ونهضتها، وكذلك يسهم في خلق فرص وظيفية لا حدود لها ومن ثم يأخذ بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة صناعياً لتصبح الأمة منتجة فاعلة، ويكون لأفراده دور في صناعة قراراته من خلال الإبداع والابتكار.

وملامح مجتمع المعرفة من خلال الاقتصاد المعرفي تعتمد على التعليم والتنمية الاقتصادية ومراكز البحث والتطوير.

لذلك من أجل وضع ملامح خارطة الطريق لمجتمع المعرفي، يجب في البداية ردم الفجوة الرقمية المتنامية بين الأفراد وذلك من خلال تفعيل دور تقنية المعلومات والاتصالات، بحيث تحقق النفاذ الشامل للمعلومات لكل أفراد المجتمع، ويتم ذلك من خلال وضع آليات وطنية قوية. وبعدها نبدأ بالوعي المعلوماتي للأفراد لأهمية المتجمعات المعلوماتية الآمنة والمتكاملة.

وكذلك نقل الأفراد من مجتمعات معلوماتية إلى معرفية من خلال ورش العمل للوعي المعرفي، وكذلك لإكساب الأفراد المهارات اللازمة لتطوير معارفهم والتنقيب عن معارفهم الضمنية من خلال احتكاكهم بالمجتمع ليكونوا مبدعين ومنتجين لعقول مبدعة معرفياً.

إضافة إلى البنى التحية الداعمة للمجتمع المعرفي من خلال تقنية المعلومات والاتصالات، والتعاون بين القطاع الحكومي والخاص والشراكات القوية والداعمة إلى الاستثمار المعرفي، وتطوير التعليم ليتبنى الرؤى المعرفية الهادفة لتوعية الأفراد، وبناء مراكز البحث والتطوير لتبني الإبداع والابتكار، وكذلك بناء مراكز المعرفة.

وهذه النهضة المعرفية يجب أن تكون شاملة لجميع القطاعات وكل مناحي الحياة لكي نتجه إلى مجتمع معرفي بملامح بحرينية.

هل استطعتم في مركز البحرين للدراسات والبحوث أن توجهوا الدولة للاقتصاد المعرفي؟

الصادق: هناك مشروع مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، يقوم من خلاله المركز بعمل مسح من خلال شبكة خليجية يمولها الاتحاد لمدة ثلاثة أعوام، وذلك من أجل التعرف على المستوى التكنولوجي في كل دولة من دول الخليج.

ومن أجل ذلك بدأ المركز بمراسلات مع كل من ينتج تكنولوجيا في البحرين، لخلق شبكة محلية ستكون قادرة على قياس المؤشرات التكنولوجيا في البحرين بشكل أدق.

العبيدي: نحن بحاجة لردم الفجوة الرقمية بين الأفراد، ففي بلد معين نجد مناطق حضرية ولكن لا يتوافر لسكانها المعلومات، لذلك أهم خطوة في بناء خارطة الطريق المعرفي هو وضع بعض الآليات الوطنية لتحقيق النفاذ الشامل للمعلومات ومن ثم حوكمة المعلومة، وحماية المبدع من فرد آخر. ويجب أن نبني محتوى إلكتروني إن لم يكن معرفي وإنما معلوماتي، وأن يكون متكامل سليم ومحمي فكرياً وغير مكتسب من محتوى آخر حتى نتمكن من إيجاد ملامح وطنية تخص البحرين لوحدها، وهذا يمكن الوصول إليه من خلال ورش عمل لتوعيتهم معرفياً بقيمة المعلومة، لأنه بذلك سيكتسب تلك المهارة.

العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • سواح | 5:37 ص

      و كيف يعني أسرار الدولة ؟؟؟

      و كيف تكون فيه اسرار الدولة بيد كل واحد و بعدين أسرائيل تغلبنا في الحرب؟؟؟

اقرأ ايضاً