العدد 2843 - الجمعة 18 يونيو 2010م الموافق 05 رجب 1431هـ

التنـوع البيولوجـي هو الحياة

أحمد جغلاف comments [at] alwasatnews.com

قال الفيلسوف الكبير ابن رشد: «في الطبيعة لا يوجد فائض». وبهذه الروحية وافق قادة العالم العام 2002 على تحقيق خفض كبير في معدل خسارة التنوع البيولوجي بحلـول سنة 2010. لكن التقرير الثالث حول «التوقعات العالمية للتنوع البيولـوجي (GBO3)» الصادر حديثاً استنتج أن هذا الهدف لم يتحقق. وبعد مراجعة جميع الأدلـة المتوافـرة، بما في ذلك التـقارير الوطنيـة لأكثر من مئة طرف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، يُظهر التقرير أن زوال هذا التنوع مستمر بمعدل غير مسبوق يصل الى 1000 ضعف المعدل الطبيعي للانقراض.

ينتظرنا الكثير من العمل إذا أردنا أن نعكس هذا الاتجاه. لقد بقيت العوامل الرئيسية الخمسـة لخسارة التنوع البيولوجي العالمي ثابتة الى حد ما خلال العقد الأخير، بل انها تزداد حدّة في بعض الحالات. وهي تشمل خسارة الموائل، والاستغلال غير المستدام والجائر للموارد، وتغير المناخ، وغزو الأنواع الدخيلة، والتلوث. ويحذر التقرير من تدهور يتعذر عكسه اذا تجاوزت النظم الايكولوجية حدود الخطر، ما يؤدي الى خسارة واسعة النطاق لخدمات نعتمد عليها الى حد بعيد، مثل تنقية الهواء والماء، وتجديد خصوبة التربة، وتثبيت المناخ، وتلقيح النباتات البرية والمحاصيل.

لا يمكننا بعد الآن أن نبقى غير مبالين. المطلوب عمل فوري لانقاذ التنوع البيولوجي إذا أردنا الحفاظ على نوعية الحياة التي يستخف بها كثيرون منا. وسيكون الفقراء أول من يعاني نتائج استمرار خسارة التنوع البيولوجي، إذ يعتمد عليه كثيرون منهم لكسب رزقهم اليومي. ولكن في النهاية سوف نتأثر جميعاً.

السنة 2010 توفر فرصة ممتازة لإحداث تغيير الى الأفضل. فقد أعلنتها الجمعية العامـة للأمم المتحدة «السنة الدولية للتنوع البيولوجي»، من أجل رفع الوعي حول خدمات لا غنى عنها يوفرها هذا التنوع لصحتنا ورفاهنا وازدهارنا الاقتصادي. ويبرز حدثان رئيسيان بهذا الخصوص. ففي أيلول (سبتمبر)، سوف تناقش الدورة الخامسة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الأولى أهمية التنوع البيولوجي، ودوره في التنمية المستدامة وفي المعركة ضد تغير المناخ، وإجراءات مستقبلية للحفاظ عليه. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، سوف يعقد الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي في ناغويا باليابان.

في ناغويا، سيقوم أطراف الاتفاقية الـ193 ـ تقريباً كل دولة على الأرض ـ بوضع هدف للتنوع البيولوجي حتى سنة 2020، ورؤية حتى سنة 2050، كجزء من خطة استراتيجية شاملة لما بعد 2010 لوقف خسارة التنوع البيولوجي في المستقبل. وسيتم ذلك بمشاركة مجموعة واسعة من المعنيين، بمن فيهم الشباب والسلطات المحلية وزعماء الشعوب الأصلية والبرلمانيون والمنظمات المتعاونة والقطاع الخاص.

إننا نعلم الآن أن خسارة التنوع البيولوجي لا يمكن معالجتها كقضية مستقلة، اذ انها متشابكة مع قضايا مثل الفقر وتغير المنـاخ وشح الميـاه ونمو الطلب والتنمية والنزاع الدولي. لذلك فان خطتنا الاستراتيجية الجديدة سوف تشجع جميع قطاعات الحكومة والمجتمع على القيام بعمل جماعي محدد وملموس. يجب إدماج الحفاظ على مواردنا البيولوجية ضمن اهتمامات المجتمع بكل شرائحه، بما في ذلك نظمنا الاقتصادية وأسواقنا.

إني أناشد الشعوب والحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أن تفعـل كل مـا في وسعها لانقـاذ الحياة على الأرض خلال هذه السنة الدولية للتنوع البيولوجي 2010. ان رفاه أطفالنا مستقبلاً في خطـر، والتجاهل لم يعد خياراً. والتغييرات المطلوبـة لن تأتي من آخرين، وإنما يجـب أن تأتي من كل واحد منا. هذا ما يذكرنا به شعار السنة الدولية: التنوع البيولـوجي هو الحيـاة... التنوع البيولوجي هو حياتنا.

إقرأ أيضا لـ "أحمد جغلاف"

العدد 2843 - الجمعة 18 يونيو 2010م الموافق 05 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • النعيمي2 | 7:55 م

      إني أناشد

      إني أناشد الشعوب والحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أن تفعـل كل مـا في وسعها لانقـاذ الحياة على الأرض خلال هذه السنة الدولية للتنوع البيولوجي 2010. ان رفاه أطفالنا مستقبلاً في خطـر، والتجاهل لم يعد خياراً. والتغييرات المطلوبـة لن تأتي من آخرين، وإنما يجـب أن تأتي من كل واحد منا. هذا ما يذكرنا به شعار السنة الدولية: التنوع البيولـوجي هو الحيـاة... التنوع البيولوجي هو حياتنا.

اقرأ ايضاً