العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ

السعداوي يكشف الورق ويبوح بالأسرار في «غبار»

خلال عرض خاص في صحيفة «الوسط»

الثراء هو صفة الجلسة التي يحفها الفنان والمخرج البحريني عبدالله السعداوي بوجوده وبحديثه وعرض نتاجه الفكري/ الفني حينما يكون في أي مكان، وكانت صحيفة «الوسط» حضية بأن تستضيف مجلسا له وزنه من خلال عرض فيلم السعداوي «غبار»، والذي فتح نافذ حوار على مدلولات هذا الفيلم الفكرية، بنتيجة لما سببه من أفكار متفاوتة بشأن محتوى الفيلم.

وفي حديث لمحمد جناحي حول الفيلم بعد الانتهاء من عرضه، تقدم بشكره لصحيفة «الوسط» على استضافتها لعرض فيلم السعداوي «غبار»، مؤكدا بالقول «هذا ليس بالشيء الجديد على الوسط الذين سبق لهم دعم السعداوي والمطالبة بتفريغه واستضافة عرض مسرحيته متروشكا».

واستطرد جناحي قائلا: «إذا كنا سنتكلم عن غبار، فلا بد أن نذكر الظروف التي أدت لإيجاد العمل، من رفض سيناريو للأستاذ أمين بعنوان أيام يوسف الأخيرة وعمل آخر لعبدالله السعداوي كان من المفترض أن تنتجه وتموله شركة البحرين للإنتاج السينمائي، ولكن مفاجأة التخلي عنهما والظروف الصعبة التي عشناها انعكست بشكل إيجابي في إيجاد فيلم غبار، وأنا سعيد بتجربتي مع السعداوي الذي استفدت منه الكثير».

الفنان عبدالله السعداوي تقدم بشكره للوسط في بداية حديثه معتبرا استضافة الفيلم «البادرة الثانية من الوسط، وهي الصحيفة التي برزت للواقع لتحدث حركة في المجتمع وحراكا ثقافيا وسياسيا، وهي تتكلم عن نفسها بنفسها أكثر مني ومن أي شخص، وأنا أشكرها وأشكر الحضور والأشخاص الذين حضروا عرض الفيلم حتى لأكثر من مرتين».

وكان المخرج خليفة شاهين قد توجه بالسؤال للسعداوي خلال مناقشة الفيلم بشأن الطموح والخطوة التالية التي يسعى لها السعداوي في نشاطه الفني، إذ أجاب السعداوي بـ «أطمح لعرض الفيلم في أكثر من مكان، وهو ما سنقوم به لاحقا في الجمعيات والأندية، والشباب الذين أعمل معهم أخذوا الفيلم وأرسلوه لمهرجانات منها مهرجان دبي السينمائي، وهم متحمسون لإرساله لأكثر من مكان»، مضيفا «أما عن إنتاج فيلم آخر فالإنتاج بالنسبة لي هو نتيجة لتجمع المواقف مع بعضها البعض، وحينما تتصادم الغيوم يهطل المطر ويحدث الإبداع، وما دفعني إلى إنتاج هذا الفيلم هو كثرة إلحاح أصدقائي الذين اشتركوا معي في الفيلم بإنتاجه والمشاركة به في المهرجانات».

وكان كاتب الوسط الزميل سيد قاسم حسين قد توجه للسعداوي بسؤال بشأن أقل تكلفة لإنتاج الفيلم القصير بتقديره، فذكر السعداوي «هذا الفيلم تكلفته قليلة، وتقدر بنحو خمسين دينارا فقط، إذ كنا نشتري الأشرطة وجهاز لحفظ المعلومات، ولم يكلفنا الكثير، وخصوصا أننا كنا نصور من دون نص مكتوب، إذ نذهب للمواقع ونصور، والمخيلة هي التي تعمل الأشياء وتمنتج الأحداث، وبعد ذلك نرسم النص».

ويكمل السعداوي الحديث بالقول «في بعض الأحيان كان المشهد يفرض نفسه بنفسه، وكثير من المشاهد كانت تأتي لوحدها، كأن كائنا يرمي عليك الأشياء وعليك تجميعها وترتيبها وعمل سياقاتها، وكل ما قمت به، كوني أتعامل مع الفن، هو محاولة رصد الواقع، لأن الكثير من الظواهر في المجتمع تأتي وتتحول بعد ذلك لقوانين تتحكم في البشر دون أن يعون، وأحيانا ينساقون ورائها، فقمت برصد هذه الظواهر وكتابتها واستخدامها في مسرحيات أو أفلام».

وتسائل حسين مجددا عن ماهو تصوير اللقطات العفوية دون نص وإعادة تجميعها، فأجاب السعداوي «نحن فعليا لم نكتب النص، ولكن النص أتى لاحقا، وهي مسألة صعبة إذا لم يكن المخرج متمكنا وعلى دراية بما يقوم به».

الزميلة منصورة عبدالأمير تساءلت عن حقيقة قصة الفيلم والكائن الخيالي المتمثل فيه، والذي وجد فيه السعداوي محاولة لمعالجة فكرة معينة، يقول عنها «كنت أريد أن أصور الجنة، ولكن لضحالة خيالنا قمنا بتصويرها بهذه الطريقة، في طرح لإشكالية الزمن، وتصوير لكيفية بناء الصورة ومحوها، وكيفية بناء الذاكرة ومحوها، مثلما مسحت المرأة من حياة هذا الكائن وذاكرته، اعتبرناها مثل الجنة ونزول آدم وحواء منها».

ويضيف عبدالله السعداوي بالقول «قديما كانوا يقولون لا تصدق كل ما تسمعه أذناك، ولكننا اليوم في زمن يقال فيه لا تصدق كل ما تراه عيناك، إذ صارت أجهزة الكمبيوتر قادرة على تغيير كل شيء في الصورة، وصارت الحقيقة مثل إبرة في كومة قش كبيرة».

وأسر السعداوي لحضوره بسر، مبتدئا ذلك بالقول «يمكن أن أكشف لكم اليوم سرا صغيرا، رغم أن الأسرار لا تعطى إلا للريح كي تقوم بتوزيعها في كل مكان، وأنتم لستم بالريح، إذ كثيرا ما أتعذب حينما يحدث شيء، ولا يفارق مخيلتي، ويظل في جسدي يعذبني ويطرد النوم عني إذا ما اختفت طفلة أو تعذب شخص حتى مات، أظل أكتم هذه الأشياء في نفسي وأخرجها بعد ذلك في صورة عمل».

ويضيف «في لحظة الانفجار، أشعر أنني محتاج إلى هذه اللحظة كي أطرد ما يشغلني عن مخيلتي، ودائما ما تكون هذه أشياء مرت، وصارت طي النسيان، مثل الولد الصغير الذي اختفى أو البنت فاطمة التي اختفت، إذ لا يمكن أن يفارقونني، ويدفعوني لأن أكتب فيهم سيناريو عمل، ومثلهم مثل والدتي ووالدي الذين لا يفارقاني، وقضيت سنين طويلة وأنا أتذكرهما وأفكر بهما، فكانت هذه السنين معذبة وممتعة في آن واحد، وكثيرة هي الأشياء التي تعذبني، وهو ما جعلني مع الليل صديقين حميمين لا يمكن أن نتفارق، نكره بعضنا ونحب بعضنا، يسرق مني النوم كليا حينما تأتي اللحظة هذه، وليس هناك بيني وبينه أي نوع من البوح، فتظل كل تلك الأشياء التي تعذبني حتى تخرج في يوم من الأيام على شكل سيناريو أو شيء آخر».

العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً