العدد 2874 - الإثنين 19 يوليو 2010م الموافق 06 شعبان 1431هـ

الواقعية حين تهزم المهارة

انتهى الحلم الإفريقي بحدث تاريخي للإسبان الذين أصبحوا ثامن منتخب ينال شرف الفوز بكأس العالم، وأكدوا بذلك الهيمنة الأوروبية على هذه البطولة في الفترة الأخيرة، فبالرجوع إلى المونديال السابق 2006 نجد سيطرة أوروبية على المراكز الأربعة الأولى، تقلصت في هذه المرة إلى سيطرة ثلاثية بعد أن دفع الأوروغواي نفسه بين كبار القارة العجوز، ولكنه فشل في كسر سيطرتهم.

مونديال 2010 يمكن بالفعل أن نطلق عليه مونديال المتناقضات، وذلك على صعيد المنافسة الأوروبية الأميركية، ويمكن وفقاً لذلك أن نقسمه إلى فترتين، الأولى تمتد إلى مباريات الدور ربع النهائي، والثانية تبدأ من ربع النهائي وما بعده.

شهدت الفترة الأولى اكتساحا أميركيا وسقوطا أوروبيا مريعا، كان عنوانه الأبرز الخروج المذل لحامل اللقب ووصيفه (إيطاليا وفرنسا) من الدور الأول، وانضمت لهما منتخبات رشحت للخروج أيضاً من الدور الأول وهي اليونان وسلوفينيا وصربيا إضافة إلى الدنمارك وسويسرا، بينما تمكن ممثلو القارة الأميركية جميعاً من التأهل إلى ثمن النهائي بعد أن تصدر أربعة من المنتخبات الخمسة مجموعات التأهل، ووحده منتخب تشيلي أخفق في تصدر مجموعته التي ضمته وبطل العالم المنتخب الإسباني، وبذلك حقق الأميركيون الجنوبيون 9 انتصارات وتعادلين وخسارة وحيدة (كانت أمام بطل العالم)، فيما كانت القارة العجوز تعاني الأمرين، وتواصلت تلك المعاناة في الدور ثمن النهائي، فسقطت 3 منتخبات من اصل المنتخبات الأوروبية الستة المتأهلة لهذه المرحلة، مقابل تأهل 4 فرق من أصل خمسة أميركية تواجدت في هذا الدور.

انعكس الأمر بدءاً من الدور ربع النهائي، حيث أقصيت 3 منتخبات أميركية وتأهل الأوروغواي وحيداً بينها لنصف النهائي، بينما شق الفرسان الثلاثة القادمون من القارة العجوز طريقهم للدور التالي، وتمكنوا فعلاً من السيطرة على المراكز الثلاثة الأولى، لتتكرس سيطرتهم للمونديال الثاني على التوالي على هذه المراكز المتقدمة.

بنظرة على النتائج التي آل إليها المونديال الإفريقي، يمكن للوهلة الأولى أن نتعرف على مدى التفوق الأوروبي في المواجهة ضد القادمين من جنوب القارة الأميركية، فالسيطرة على المراكز الثلاثة الأولى ليست بالأمر السهل، والأدهى من ذلك أن الفوز الإسباني باللقب الأول رفع عدد الألقاب الأوروبية إلى 10 متفوقة في ذلك على نظيراتها المنتخبات الأميركية التي اكتفت باللقب التاسع منذ مونديال 2002، ولم يحفظ ماء وجه القارة الأميركية الجنوبية إلا بواسطة من تأهل من الباب الضيق، وأعني الأوروغواي، ذلك المنتخب الذي لا يكاد يضم نجوماً من الطراز الرفيع، ولكنه بالعزيمة والإرادة حقق ما عجز عنه كبار القارة، وقد يكون جدول البطولة خدمه نوعاً ما، ولكنه أثبت في المقابل جدارته، وقاده الملهم فورلان إلى العودة للواجهة، وحقق هو شخصياً لقب أفضل لاعب في البطولة، وفي ذلك بارقة أمل لعودة أميركية مرتقبة من ريو دي جانيرو في المونديال المقبل.

قد تكون السيطرة الأوروبية اعتيادية لدى البعض نتيجة التفوق العام لتلك المنتخبات، وعلى رغم تواجد الكثير من نجوم البرازيل والأرجنتين وغيرها في ربوع القارة العجوز، إلا أنهم عجزوا عن قيادة منتخبات بلادهم أو التفوق على منتخبات أوروبا، والسبب برأيي أن الفرق الأميركية مازالت وفية لتقاليدها القديمة وهي المستوى الفني الرفيع لأفرادها، بينما العمل الجماعي لايزال يصب في صالح الأوروبيين، وهذا هو سبب التفوق الكبير لمنتخبات تبدو فنياً أقل من نظيرتها الأميركية، أثبت هذا المونديال أن كلمة السر هي الواقعية التي يتعامل بها الأوروبيون في مواجهاتهم ضد الأميركيين، فتفوق العمل الجماعي على الفنيات الفردية للأميركيين.

ماهر الملاح

العدد 2874 - الإثنين 19 يوليو 2010م الموافق 06 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً