العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

أحمدي نجاد ومعاركه مع الأرحام

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أسبوع تحدّثت عن أوضاع الشيخ هاشمي رفسنجاني في السياسة الإيرانية الداخلية، ومُفاضلته بأحمدي نجاد. اليوم أتحدث عن مشاكل بنيوية بات اليمين المحافظ في إيران مُبْتلى بها، وهي تُهدد مكانته ومستقبله السياسي والتنظيمي.

فطيلة الفترة التي كان المحافظون فيها على رأس السلطة كان الاتفاق والالتئام ضمانتهم الرئيسية أمام خصومهم من الإصلاحيين. وكانت هذه الدعامة الرأسمال الحقيقي الذي جعلهم يخرجون من معاركهم بانتصار مُؤزّر أو لنَقل بأهون الضّرريْن، مع هزيمة للخصوم.

في العام 1993 وعندما انحسر دور اليسار الديني الراديكالي الذي كان أبطاله آنذاك مهدي كروبي وعلي أكبر محتشمي ومحمد موسوي خوئينيها وهادي خامنئي، كان المحافظون مُتّفقين لحدّ التماهي، الأمر الذي جعلهم يسيطرون على المجلس النيابي الرابع بكل سهولة.

وخلال أزمة الطلاب في يوليو/ تموز من العام 1999 في جامعات طهران وتبريز ويزد كان المحافظون أيضاً يُديرون معركتهم من خلال الوحدة التنظيمية والفكرية لمسطرتهم الحزبيّة، الأمر الذي أبعد أيّ فرصة للإصلاحيين لأن يلعبوا على التناقضات، وخصوصاً أنهم كانوا خلالها مُسيطرين على الحكومة ومجلس النواب.

وخلال أزمة الأهليّة في الانتخابات التشريعية في فبراير/ شباط من العام 2004 حين مُنِعَت ترشيحات عدد كبير من الإصلاحيين من مجلس صيانة الدستور كان الحال كذلك، الأمر الذي مكّنهم من تجاوز الأزمة الدستورية، وتحييد الإصلاحيين المعتدلين في «روحانيت مبارز» عن إصلاحيي التطرف في جبهة المشاركة ومجاهدي الثورة الإسلامية.

اليوم لم تعُد الأمور كذلك. فقد أصبح هذا التيار مُنفرط العقد بين دواخله. فبعد صعود منتسبي أقصى يمينه إلى مراكز متقدمة في السلطة التنفيذية وجزء من سلطة التشريع وهم الذين لا يعترفون لا بالمشيخة الحزبية ولا بالعِمَامة الدينية داخل التيارات، باتت الحظوة مقسومة على سماطَيْن من المحافظين. تعميريين وتقليديين، الأمر الذي ولّد حالة من عدم الثقة، أثّرت بشكل سلبي على معركة اليمين المحافظ وبالتالي النظام نفسه الذي تُعتبر اليمينية رئته الحقيقية التي يتنفّس منها في الصراعات الداخلية. الغريب أن مسألة الإجماع (حتى ولو كان نسبياً) باتت غائبة عن هذا الخط الأصولي النافذ. في أحد اللقاءات الصحافيّة بدوريّة «النافذة» تحدث وزير الداخلية السابق مصطفى بور محمّدي وأحد أعضاء «روحانيت مبارز» المحافظة عن توجّهات اليمين التقليدي بشأن مُرشّح الانتخابات العاشرة. فقد أفاد محمّدي، بأن «عدد الأصوات التي نالها أحمدي نجاد داخل تكتّل اليمين التقليدي تفوق الأصوات غير المُؤيّدة بصوتين أو ثلاثة أصوات، لكنها لم تبلغ النصاب القانوني، وهو ثلثا أعضاء الجلسة».

لقد كانت النتيجة 13 صوتاً لأحمدي نجاد و11 صوتاً ضده. وكان المعارضون لنجاد داخل هذا التكتّل يميلون لاختيار مُرشّح أصولي آخر. وكانت مواقف رئيس مجلسي الخبراء والتشخيص الشيخ هاشمي رفسنجاني، ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بمجمع التشخيص الشيخ حسن روحاني، والنائب الأصولي السيد رضا أكرمي، وإمام جمعة شميرانات حجة الإسلام محسن دعا كو واضحة جداً في هذا المجال. (راجع مجلة «عصر إيران» بتاريخ 5 مارس/ آذار 2010).

وإذا ما عَرفنا أن العدد الكُلّي للنواة المركزية لهذا التجمّع الأصولي الكبير الذي هو خارج عن إطار المجلس المركزي للأحزاب تضم 33 فرداً يُعتبرون من الصّف الطليعي جداً في النظام والثورة، ومحل ثقة المرشد الأعلى والحوزة العلمية ومراجع التقليد على اعتبار أن جميعهم من معتمِري الزّي الروحاني البارز فإن الأمر يبدو خطيراً في مسألة الإجماع على وضعيّة الرئيس أحمدي نجاد كممثّل للأصوليين في السلطة التنفيذية.

وإذا ما عُرِفَ أيضاً أن هؤلاء المحافظين الكبار مُوزّعون ما بين رئاسة مجالس دستورية عليا كالخبراء والتشخيص (رفسنجاني) وأئمة الجمعة والجماعة (رضا تقوي) وقيادات عليا في السلطة القضائية (إبراهيم رئيسي) وهيئات التفتيش (بور محمّدي) وممثليات المرشد في الحرس الثوري (موحدي كرماني) والجامعات (عميد زنجاني) ومجلس الأمن القومي (حسن روحاني)، ونواباً في البرلمان (أكرمي/ مصباحي/ إبراهيمي) فإن الأمر يُصبح محلّ نظر أيضاً.

إن الطريقة التي تسير بها الطّوّافة المحافظة في إيران ليست على ما يُرام. وباعتقادي، لو أن الجمهورية الإسلامية لم تشهد أزمة داخلية بعد الانتخابات التي خسِر فيها الثالوث (خاتمي، كروبي وموسوي) لالتفت المحافظون إلى أزمتهم التنظيمية التي بات بطلها الرئيس أحمدي نجاد. فالأزمة كانت إيذاناً لهم بضرورة الاصطفاف (كما يُؤمنون) حول ولاية الفقيه وتوقيفيتها التأصيلية فقهياً ودستورياً أمام أي خطر يأتي من الداخل والخارج. وهو ما مكّن أحمدي نجاد من السّير بأمان.

في المُحصّلة، فإن على الرئيس أحمدي نجاد أن يُدرك بأن أزمات الداخل هي التي جمّدت خلافات حلفائه معه. وفي حالة انحسار هذه المعارك «المشتركة» بوجه اليمين، فإن المعركة قد ترتد عليه وإن عبر المؤسسات الدستورية التي يُهيمِن عليها حلفاؤه، وبالتحديد في الهيئة التشريعية ومجمَع التشخيص الذي لا يزال غائباً عن جلساته منذ يونيو/ حزيران من العام الماضي.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 3:36 م

      الى زائر ( 9( تتمة

      ويصف كل من يكون مع ايران بانه يتيمها!!! وهل كنا يوما أبناءها وهل كنا نرتزق منها ؟الا تعرف ان ايتام كلمة خرجت تصفكم انتم ايتام صدام المقبور ، الذين كانوا يأكلون سحته
      اعتقد ان ايران أصبحت شوكة في حلوقكم لن تخرج الا بعملية جراحية واظنكم انكم ستدعمون حربا عليها وستكونون اعوانا ضدها وما ذاك بغريب عليكم فقد بان أثناء دعمكم لمقبوركم

    • زائر 12 | 3:13 م

      زائر 9 : مازن

      لو كان الاحمق رجلاً لقتلته
      من هم أيتام طهران ؟مالك وصفتنا بأيتام طهران؟
      نحن من هذا التراب ولدنا وفيه و زرعنا، ولنا من التاريخ الذي يثبت انا شيعة قبل ان تتمذهب ايران بمذهبنا قبل مئات السنين ، ولم نكن يوماً ايرانين لا لونا ولا عنصراً ولا لغة ، وما كانت زيارتنا لايران الا لقبور أعز ربك قدرها من ال محمد الذين تتبعهم ولاة أمرك تحت كل حجر ومدر حتى قتلوهم ونكلوا بهم . ما تنقم علي ايران ، وما نقمك على ايران الا لأنها اخذت بمذهب ال محمد وتركت مذاهبكم ، ولولا ذلك لكانت عندكم احلى من الشهد للشارب

    • زائر 11 | 2:00 م

      هل توافقني؟

      عزيزي الكاتب، ألا تتفق معي ان أوضاعنا الداخلية اولى بالكتابة عنها من أوضاع إيران؟ نحن نعاني من مشاكل إيران لا تعاني منها، فلم تركها والبحث في مشاكل الدول الأخرى؟ ماذا يعنينا رفسنجاني او اي من الأسماء التي ذكرتها؟

    • زائر 10 | 12:55 م

      إيتام طهران يحبون نغمة مدح ايران

      مايصير ترفع ضغطهم خل الطبق مستور الله يستر عليك

    • زائر 9 | 12:07 م

      انت تغرد خارج السرب : تتمة

      والليل مــــــــات
      والمركبات
      عادت بلا خيل يغطيها الصقيع
      وسائقوها ميتون..
      أهكذا تمضي السنون؟
      ويمزق القلبَ العذاب
      ونحن من منفى إلى منفى
      ومن بابٍ لباب
      نذوي كما تذوي الزنابق في التراب
      فقراء يا قمري نموت
      وقطارنا أبداً يفوت

    • زائر 8 | 11:52 ص

      انت تغرد خارج السرب : تتمة

      والليل مــــــــات
      والمركبات
      عادت بلا خيل يغطيها الصقيع
      وسائقوها ميتون..
      أهكذا تمضي السنون؟
      ويمزق القلبَ العذاب
      ونحن من منفى إلى منفى
      ومن بابٍ لباب
      نذوي كما تذوي الزنابق في التراب
      فقراء يا قمري نموت
      وقطارنا أبداً يفوت

    • زائر 7 | 11:50 ص

      أنت تغرد خارج السرب

      أحمدي نجاد ومعاركه مع الأرحام
      محمد عبدالله محمد
      لم لا تكتب عن وطننا نحن ومعاركنا فيها من أجل بقائنا
      ما دخلنا بأحمدي نجاد ورفسنجاني
      انا لا أفهم البعض
      يقولون له حريق في دارك نشب ، فيرد ان هناك احد الجيران يضرب ولده
      تقول له ان كما قال الشاعر :
      التتمة تحت

    • زائر 6 | 9:22 ص

      أم محمود

      بتزعل عليك ماترضى على نجاد ابوها

    • زائر 5 | 9:19 ص

      مقال رائع جدا

      شكرا للكاتب

    • Ebrahim Ganusan | 3:04 ص

      المشاكل الإيرانية في الداخل والخارج _ تصل للبعض مثل قصص علاء الدين وقصص سندبات

      كل هذه مجريات حزبية متحركة مرتهنة لمصالح هنا وهناك والمستفيد الأول والاخر مسؤل هنا وعمامة هناك والشريحة الكبيرة من الشعب الايراني ترزح تحت نار الفقر ,,, ونجاد ليس اكثر من ألعوبه تتقادفها خلافات حزب المحافظين تعميريين وتقليدين , بس الصورة تصل الى البعض هنا في البحرين مترجمة بصورة أوتوماتيكية بأن انفاس هؤلاء تسبيح وقتلهم للمحتجين فيه اجر وان فلان منصب من السماء وعلان هو الأسمراني وأخر هو اليماني والمرشد هو الخراساني وكل هذه الصورة تترجع عبر بعض مندوبي الخمس والقراءات المضحكة التي يعتمدها البعض

    • Ebrahim Ganusan | 2:52 ص

      الدستور يلزم نجاد يحضر أمام هذه المؤسسات بس وين يحضر والدستور حبر على ورق

      فإن المعركة قد ترتد عليه وإن عبر المؤسسات الدستورية التي يُهيمِن عليها حلفاؤه، وبالتحديد في الهيئة التشريعية ومجمَع التشخيص الذي لا يزال غائباً عن جلساته منذ يونيو/ حزيران من العام الماضي.

    • Ebrahim Ganusan | 2:49 ص

      مايصير ان نجاد حتى المحافظين المتشددين نصفهم ضدك _ انت حسب رؤية أم محمود واليزدي منصب من قبل الإمام الحجة ع

      في المُحصّلة، فإن على الرئيس أحمدي نجاد أن يُدرك بأن أزمات الداخل هي التي جمّدت خلافات حلفائه معه.

    • Ebrahim Ganusan | 2:43 ص

      يعني نجاد طلع بطل أزمات حتى على مستوى حزب المحافطين , قبل الانتخابات

      إن الطريقة التي تسير بها الطّوّافة المحافظة في إيران ليست على ما يُرام. وباعتقادي، لو أن الجمهورية الإسلامية لم تشهد أزمة داخلية بعد الانتخابات التي خسِر فيها الثالوث (خاتمي، كروبي وموسوي) لالتفت المحافظون إلى أزمتهم التنظيمية التي بات بطلها الرئيس أحمدي نجاد. فالأزمة كانت إيذاناً لهم بضرورة الاصطفاف (كما يُؤمنون) حول ولاية الفقيه وتوقيفيتها التأصيلية فقهياً ودستورياً أمام أي خطر يأتي من الداخل والخارج. وهو ما مكّن أحمدي نجاد من السّير

    • زائر 3 | 2:38 ص

      اضافة ثانية

      فهدا المواطن هو الدي عانى طيلة سنين من بعد الحرب بالتمييز وظهور طبقة تجار لا ترحم في ايران
      3- هاشمي رفسنجاني اخد نصيبه في الحكم والسلطة وبات عليه ان يستريح ويترك المجال لغيره (عمري وعمر غيري) ونجاد وفريقه هو فريق شاب ومتطلع للمستقبل وخدوم وصاحب اخلاص لايران والمنطقة

    • زائر 2 | 2:35 ص

      الفرق بين

      الكاتب الفاضل محمد عبد الله محمد
      اشكركم على المقال لكن توجد لي بعض الملاحظات:
      1- الرئيس احمدي نجاد لم يعد هو الجلاد وحلفاؤه هم الضحية بل العكس فهم من قام بايدائه وشن الحملة عليه طيلة التسع سنوات الماضية
      2- ان المواطن الايراني هو اليوم في امس الحاجة لرجل كنجاد يحس بمعاناته وهمومه

    • زائر 1 | 2:24 ص

      شكرا على هذا المقال

      ونريد أن نعرف المزيد من القراءات الموضوعية عن ايران من الداخل.

اقرأ ايضاً