العدد 2882 - الثلثاء 27 يوليو 2010م الموافق 14 شعبان 1431هـ

حسن نصرالله... مصلحاً اجتماعياً

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

برز السيد حسن نصر الله رمزاً سياسياً بارزاً، من خلال قيادته لحركة المقاومة ضد «إسرائيل»، التي تُوّجت بتحرير التراب اللبناني وطرد المحتل، في واحدةٍ من الملاحم العربية النادرة في العصر الحديث.

الإعلام دائماً ما يركّز على نصر الله بما يتعلق بالحدث اللبناني، وامتداداته العربية والاقليمية، لكن هناك أبعاداً أخرى في هذه الشخصية الممتدة. فلا يقتصر الأمر على الحضور الجماهيري والتأثير والجاذبية و «الكاريزما»، بل هناك بعدٌ اجتماعي إصلاحي كبير.

الرجل من عادته أن يخرج في مناسبات، دينية أو اجتماعية أو وطنية، ليبعث برسائله السياسية في أوقات يختارها بعناية. ومن عادة الإعلام أن يلتقط تلك الرسائل ليعيد بثها... وفي غمرة السياسة الصاخبة يُنسى الجانب الأهم المتعلق بالمجتمع.

في الأسبوعين الأخيرين، أرسل نصر الله رسائله السياسية، مستثمراً مناسبتين اجتماعيتين: «يوم الجريح» و «يوم تكريم أبناء الشهداء». اليوم الأول كان عرفاناً بتضحيات هؤلاء المعوّقين الذين كانوا جزءاً من ملحمة التحرير، ومن جانب آخر كان تذكيراً للعالم بجرائم العدو الذي تُسوّقه الإدارة الأميركية الجديدة باعتباره راغباً في السلام!

في يوم تكريم أبناء الشهداء، اعترف نصر الله بفضل زوجات الشهداء، ممن تولين تربية أيتامهن وهن في ريعان الشباب، في غياب الكافل والمعيل. وأشاد بدور الأجداد والجدات، فهم من أحن الناس وأرقهم قلوباً على الأيتام، ولنا في تاريخ نبينا الكريم (ص) أكبر العبر، وهو يتقلب يتيماً بين أيدي الكفلاء الأحناف (ع)، من أمّه الطاهرة آمنة إلى جدّه عبدالمطلب فعمّه أبي طالب.

في خطابه أشاد بمؤسسة الشهيد، وشهد للكفلاء الذين ساعدوها بالإخلاص والكرم والعطاء، مشيراً إلى أن التوجه العام أن يعيش أيتام الشهداء في أحضان العوائل والأرحام، بدل عزلهم في مدارس داخلية، لكي يعيشوا حياةً أقرب للوضع الطبيعي ما أمكن. وهو توجّهٌ يدعو إليه الإسلام، وتلتقي معه في ذلك نظريات العلم الحديث.

هذه التجربة الرائدة، أنتجت جيلاً متقدماً معرفياً، استطاع أن يشق طريقه في الحياة بنجاح تام. ويمكن بالمقابل تخيل مصير هذه الكوادر الشابة لو تُركت لتطحنهم رحى الفقر وبؤس اليتم وشظف العيش.

التجربة ثمرة حضارةٍ عريقة، تميّزت بأخلاق الرحمة والرأفة والتحنّن على الضعفاء والأيتام، يقف داعيها الأكبر (ص) ليضمن لكافل اليتيم مجاورته في الجنة. وينصح من شكا إليه قسوة قلبه: «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يَلِنْ قلبك وتدرك حاجتك». وإن مجتمعاً متراحماً متماسكاً يتربّى على مثل هذه القيم، لن تهزمه دبابات الميركافا ولا طائرات الـ إف 18 أو الـ 20.

نصر الله أشار إلى وجود مراجعة دائمة للعمل الاجتماعي، فمع اعترافه برغبة عدد كبير من الكفلاء بتبني أيتام بالاسم، إلا أنها قد تدخل فيها اعتبارات معينة كاسم العائلة أو المنطقة، فيحظى البعض بالدعم ويحرم منه آخرون. من هنا دعا إلى جعل كفالة اليتيم دون تحديد أسماء، تجنباً للإجحاف وضماناً للعدالة والانصاف.

في لفتة أخلاقية نبيلة، أشار نصر الله إلى ضرورة ألا يشعر أي يتيم في مقابل كفيله كأنّه يمنّ عليه، فمَنْ يكفل يتيماً إنما يقدّم صنيعاً لآخرته قبل دنياه، ورعاية الأيتام عموماً إنّما هي بعض الواجب الملقى على عاتق الإنسان الحر الشريف.

المقاومة لم تكن بالنسبة للرجل مشروعاً عسكرياً ذا بعد واحد، وإنّما مشروع حياة... فكراً وثقافةً وكرامةً وتضحيات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2882 - الثلثاء 27 يوليو 2010م الموافق 14 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 4:15 م

      لفتة موفقة

      فعلا لفتة ذكية وموفقة
      ان شاء الله ينتبه لها العاملون في مؤسساتنا الخيريةز

    • زائر 28 | 2:38 م

      إلى الزائر 17

      الظاهر أنت من ضمن الناس اللي بطنهم يعورهم كلما ذكرت فضيلة لأهل البيت عليهم السلام ... أو أحفادهم البررة في هذا الزمان كالسيد حسن نصر الله ... تدري أنت معذور ... لأنك ومن توالي تفتقرون ولو لذرة من الكرامات التي تظهر غصب عنكم آمنتم أو لم تؤمنوا على أيادي أبناء الأنبياء ... وأنى لكم !!! ... أقول ... الله يعينك ...

    • زائر 27 | 1:24 م

      الى الزائر 17

      العالم كله اعترف و احتفل بانتصار المقاومة بقيادة حزب الله الأشراف إلا أنت ، فكلامك غريب جدا ومناف للحقيقة و حرية الرأي لا يجوز أن تبخس الناس أشيائهم هداك الله للقول السديد
      تحياتي / أبو سيد حسين

    • زائر 26 | 1:02 م

      زائر 17

      حرام الرد عليك لان الحقد الذي يغلي في قلبك على سيد المقاومه.....

    • زائر 25 | 12:27 م

      من زائر 17 إلى 21

      لست حاقدا على احد ولن يكون السيد حسن نصر الله بطلا قوميا اسلاميا لانك قلت ذلك.
      القضية قضية افعال وليست اقول. من ينفذ الاجندة الايرانية ليس بطلا قوميا إلا لمن اختلطت لديهم القوميات وفقدوا البوصلة.
      الحماس الزائد والعواطف الجياشة غير العقلانية لا تصنع وطنا ومحنة لبنان هي اجندة حزب الله ووللآته الخارجية وتهديده الدائم بتخريب السلم الاهلي.
      الاصطفاف الطائفي هو المعول الهدام الذي سوقته الثورة الايرانية لضرب القومية العربية وقد نجحت في ذلك بفضل الاسماء المعروفة..!!!!

    • زائر 24 | 11:42 ص

      وهل يحتاج نصر الله لدعاية؟

      الله هداك يا رقم 17، وهل يحتاج نصر الله إلى دعاية من أي كاتب؟ مع احترامي وحبي للسيد. فنصر الله فرض انجازاته على أرض الواقع ولا يحتاج إلى دعاية أو شهادة من محب. يكفي اعتراف اسرائيل بالهزيمة في تقرير فونوغراد، ام انك لا تتابع الاخبار؟ يكفي انه كسر هيبة جيشهم فيما كسرت اسرائيل هيبة الدول العربية مجتمعة منذ خمسين سنة. قليل من الانصاف يرحمك الله. .

    • زائر 23 | 11:36 ص

      إشارة مهمة

      انه درس للصناديق الخيرية وجمعيات رعاية الأيتام، أحسنت على هذه الاشارة، عسى الرسالة وصلت. فكم نحتاج لمثل هذه المراجعات، مع تحياتي وتقديري لكل العاملين المخلصين في مؤسساتنا الخيرية.

    • زائر 21 | 9:33 ص

      الى زائر 17

      لم تستطع الانظمة العربية مجتمعة ان تخرج العدو "اسرائيل" لكن حزب الله اخرجها و اذلها اي اذلال و اذاقها شر هزيمة وهي الان تعيش المذلة وتداعياتها ولن تجدي اعطاءها الحقن من قبل امثالك.ان من بنكر النصر على حزب الله فانه يحمل الحقد بداخله والفرقة بين المسلمين والعروبة
      السيد حسن نصر الله بطل قومي اسلامي رغم كل محاولات البعض تشويه وطمس هذه الحقيقة.

    • زائر 20 | 9:22 ص

      من الزائر 17

      إلى الزائر رقم 19.
      كنت اتمنى ان ترد ردا منطقيا بدل اتهامي بالجنون.
      نعم قد تختلف معي في لرأى وهذا حقك ولكن تهمة الجنون لن تغير من الواقع شيئا.
      الله يصلحك ويمن عليك بنعمة العقل.

    • زائر 19 | 7:48 ص

      اليك الرد :خلونا من الدعاية

      الى الزائر 17 تحية طيبة و بعد
      انصحك بزيارة مستشفى المجانين في اسرائيل لأنه يوجد من يشابه حالتك هناك
      مع الشكر

    • زائر 18 | 7:45 ص

      تقى البتول

      الله ينصرك ياسليل ال بيت محمد صلى الله عليه واله

    • زائر 17 | 7:04 ص

      خلونا من الدعاية

      ليت السيد حسن نصرالله يستمر في عمله الاجتماعي الخيري ويترك عنه السياسة لان وجوده على رأس حزب الله وأدعائه الدائم بالمقاومة سبب الكثير من المشاكل للبنان والوطن العربي.
      تدرك وندرك ان اسرائيل انسحبت من جنوب لبنان اختيارا. كل الدول العربية مجتمعة لم تستطع إجبار إسرائيل على الانسحاب من شبر واحد بقوة السلاح كل ما يحصل دعاية معروفة لثبيت السلاح في يد ميليشيا حزب الله لاستخدامه ضد الطوائف الاخرى في لبنان.
      لم نسمع بإجراء انتخابات لانتخاب قيادات حزب الله. يعني السيد لا يختلف عن الحكام العرب.

    • زائر 16 | 7:01 ص

      امتداد الفقيه

      هذا لأنه ملتزم بخط الفقهاء والمرجعية والتي يستسخفها البعض ممن هو في بلدنا.
      حفظك الله يا سيد.

    • زائر 15 | 6:53 ص

      السلام عليك أيها الطهر الجنوبي

      كاريزما سماحة السيد يشهد لها العدو قبل الصديق .. هو الأب الحاني والمقاوم الشريف .. حفضك الله ياسيد كل الاحرار

    • زائر 14 | 6:44 ص

      لانه ابن علي

      قالها السيد ((نحن أبناء علي وفاطمه والحسن والحسين ))

    • زائر 13 | 6:07 ص

      أحترام الآخرين واحترام القانون الوضعي واجب شرعي

      أتذكر إحدى خطب السيد حفظه الأيام وخصوصا في هذه الأيام التي تكثر فيها المناسبات السيعدة والتي يحتفل فيها الناس بمواليد الأئمة الأطهار (ع)ـ في إحدى خطبه الإجتماعية شدد على ضرورة أحترام حقوق الآخرين بعدم أغلاق الطريق بإقاف السيارات مثلاً، كما شدد على ضرورة إحترام القانون الذي ينظم شؤون الناس من قانون المرور وغيره في جميع الدول وهذا ما يجمع عليه جميع المراجع، أما هنا فلم أسمع معمم يقول ذلك وهو ينتهك حرية الأخرين بمكبرات الصوت، كما أن البعض يغلق الطريق لتوزيع الحلوى على السيارات ويعطل مصالح الناس.

    • زائر 12 | 4:26 ص

      قاعدة رائعة للصناديق الخيرية

      في ظني أن السيج وضع قاعدة استراتيجية للصنديق الخيرية والمؤسسات التي تعنى بالأيتام
      من خلال هذا الإقتباس من المقال
      فمع اعترافه برغبة عدد كبير من الكفلاء بتبني أيتام بالاسم، إلا أنها قد تدخل فيها اعتبارات معينة كاسم العائلة أو المنطقة، فيحظى البعض بالدعم ويحرم منه آخرون. من هنا دعا إلى جعل كفالة اليتيم دون تحديد أسماء، تجنباً للإجحاف وضماناً للعدالة والانصاف.

    • زائر 11 | 4:25 ص

      رجل عظيم في زمن هزيل !!

      السيد حسن نصر الله لا تصفه كلمات فهو رجل عظيم في زمن هزيل !! حفظه الله وجعله ذخرا الى الأسلام ..

    • زائر 10 | 3:27 ص

      قال تعالى:

      ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34))آل عمران.

    • زائر 9 | 3:24 ص

      ابن رسول الله هذا

      صاحب العمامة السوداء والقلب الأبيض ماهو إلا إمتداد لسلالة شريفة طاهرة تصل بنسبها إلى جملة من الأنبياء، فمن كان من صلب نبي وتجمعت فيه ما ورثوه للعالم ,, كان كما قال رسول الله (ص): "علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل"

    • زائر 8 | 3:10 ص

      حسين عصرنا

      الحسين انجب ابنا يجسده في تصميمه وفي رقة قلبه هذا الابن هو ابو هادي.

    • زائر 7 | 2:52 ص

      يا سيد ترى الزعماء يغارون

      إن كلام الإنصاف لهذا السيد الجليل لا يرضي الكثير من زعماء العروبة الذين ادمنوا الذلة والمهانة وليس لهم القدرة من السيطرة على هذا الإدمان عوضا عن الخروج منه لذلك لا يرضيهم كلمة حق تقال في حق هذا البطل العربي.

    • زائر 6 | 2:22 ص

      ندعوا الله أن يحفظه ذخرا لأمتنا

      ولو ولدت هذه الأمة خمسة من القادة مثل السيد حسن لكانت امتنا بألف خير ولكن المشكلة ان غالبية قادتنا يسيرون في الإتجاه المعاكس لمصالح الأمة جاعلين المصلحة الفردية لهم هي المحرك في كل الأمور

    • زائر 5 | 1:59 ص

      غريب الرياض

      نعم نعم للسيد. و لا ننسى مباركة و مساندة الفقيد الجليل سيد حسين فضل الله (رحمه الله)

    • زائر 4 | 1:56 ص

      اللهم احفظه لنا من كل مكروه وسوء.

      هنيئا لنا بهذه الشخصية العظيمة
      أطال الله في عمره وجعله ذخرا لنا.
      ونصره على أعدائه.

    • زائر 3 | 11:39 م

      وما ادراك ما السيد

      فاليتعظ المتعظون

    • زائر 2 | 11:33 م

      من شابه أباه ماظلم

      ليس غريباً على سليل الأنبياء والأئمة الطاهرين هذا الصنيع

    • زائر 1 | 10:23 م

      عبد علي عباس البصري

      السيد حسن نصر الله بالتحديد ليس مصلحا اجتماعيا وأنما هو مصلح سياسيا وأديولوجيا وعسكريا، وما ذكر في المقال هو من نتائح الاصلاح السياسي ، طبيعي باعتبار انه امين عام حزب الله فأدواره يتخللها مثل ماذكر في المقال بس بالتحديد والاساس هو مصلح سياسي اديولجي .

اقرأ ايضاً