العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ

البطالة والتأمين ضد التعطل

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

تشير البيانات الرسمية بحسب إحصاءات 2001 إلى أن قوة العمل في البحرين بلغت نحو "308 آلاف" إذ يشكل البحرينيون 41 في المئة فقط بينما يشكل غير البحرينيين "الوافدين" 59 في المئة، وهذا امر مخجل، وبلغ عدد موظفي القطاع العام/ الحكومي 293,31 العام 2001 اي ما يعادل 51 من حجم القوة العاملة، وتشير بعض الأرقام الرسمية إلى أن معدل البطالة بلغ نحو 13 - 16 في المئة العام 2002 ويتوقع أن تصل النسبة إلى 35 في المئة في العام 2013 بحسب دراسة ماكينزي إذا لم تدخل إصلاحات جذرية على سوق العمل، إذ يقدر أعداد العاطلين عن العمل حاليا بـ 20000 بحريني، هذا علاوة على أن حوالي ثلث العمالة البحرينية ممن يعملون في وظائف لا تفي بمستوى مهاراتهم، بالإضافة إلى أنه بحسب التقديرات أن هناك حوالي 10000 بحريني سيدخلون سوق العمل خلال العقد المقبل، ما سبق يبدو أن الأوضاع بشكل عام تتحول من سيئة إلى أسوأ، ما يمثل تحديا من نوع آخر.

فنحن الآن بصدد مشكلة نعجز عن حلها علما بأننا قد نقع في مشكلة أكبر منها بسبب عجزنا عن حلها في الوقت الجاري وبالتالي يتحول الوضع من مأسوي إلى كارثي، فلا يمكننا تجاهل مشكلة البطالة لأنها قنبلة موقوتة ستنفجر حتما لا مفر منها، ولكن إن تصدينا لها مبكرا سندرك عواقبها والا ستهلكنا.

مشكلة البطالة ليست مشكلة وخصوصا في البحرين فقط فجميع دول العالم تعاني من شرورها ولكن بدرجات متفاوتة يعتمد بشكل كبير على إدارة الحكومة لهذا الملف وأبعاده، وفيما يأتي تجارب لبعض الدول تعاني من مشكلة البطالة وسبل معالجتها : فدولة مثل مصر على سبيل المثال تعاني من مشكلة البطالة ومصر لها خصوصيتها أيضا بسبب الكثافة السكانية الهائلة جدا، وقلة مواردها الا أننا نجد حكومتها تتعاطى مع الملف من خلال تطبيق نظام التأمين ضد البطالة إذ اقترحته وزارة الاقتصاد المصرية بحيث يشمل عمال مصر كافة بما في ذلك العمالة الموسمية، وبحيث يكون العامل المستفيذ من هذا التأمين أصبح عاطلا عن العمل من دون اختياره أو ألا يكون قد فقد وظيفته بسبب خطأ منه، وأن يكون قادرا على العمل مرة أخرى وألا يرفض أي عمل مناسب يعرض عليه، بحيث يتم سداد اشتراكات تقدر بـ 1 2 في المئة من الرواتب من العامل نحو 32 في المئة من أصحاب العمل أي في حدود 53 في المئة، بحيث تكون هناك فترة تحمل أسبوعا على الأقل ويتم صرف التعويض لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة.

بالحاظ أن التأمين ضد البطالة يتم إدارته في الولايات المتحدة وبريطانيا والكثير من الدول الأوروبية من خلال الحكومات بالتعاون مع النقابات العمالية ومنظمات الأعمال التي تمثل اصحاب الأعمال، إذ يستمر الحد الأقصى لمدة سداد المنافع يترواح بين: 26 أسبوعا في الولايات المتحدة الاميركية، 30 أسبوعا في المملكة المتحدة، 45 أسبوعا في كندا، وما بين 25 - 40 أسبوعا في غالبية الدول الأوروبية. إذ تكون هناك فترة تحمل تتراواح بين أسبوع في الولايات المتحدة وبريطانيا، وأسبوعين في كندا، وما بين أسبوع إلى أسبوعين في غالبية الدول الأوروبية.

يكون هنالك حد اقصى للمنافع التي يحصل عليها المستفيد كنسبة من الراتب الذي كان يحصل عليه قبل الفصل وتتراوح هذه النسبة ما بين : 55 - 60 في المئة في كندا والولايات المتحدة، 50 - 60 في المئة في بريطانيا وغالبية الدول الأوروبية وتنخفض هذه النسبة كلما زادت مدة البطالة، والسبب الأساسي لانخفاض هذه النسبة هو دفع وتشجيع العمال على سرعة البحث عن عمل آخر، بحيث تتم ادارة هذا النظام اساسا من خلال الحكومات ولا توجد على الاطلاق لشركات التأمين في ادارة هذا النظام، بل في الولايات المتحدة تقوم كل ولأية بإدارة نظام التأمين وذلك في إطار فيدرالي. وفي جميع الدول الأوروبية وأميركا وكندا يتم توفير هذا التأمين في إطار تنسيق كامل مع نقابات العمال ومنظمات الأعمال، بشرط أن يكون العامل قد عمل على الأقل لفترة متصلة في الفترة السابقة على الفصل يتم تقديرها اما بالساعات أو بعدد أيام، ففي كندا مثلا يجب الا تقل عن 720 إلى 910 ساعات عمل، وفي الولايات المتحدة لا تقل عن ستة أشهر. يقوم العامل المستفيد من هذا التأمين بتقديم تقرير أسبوعي إلى الجهة المختصة بإدارة نظام التأمين يتم فيه ذكر أي أعمال قام بها المستفيد ويكون قد حصل على أجر منها، أي وظائف تكون قد عرضت عليه، وتقوم الإدارات المختصة بهذا النوع من التأمين بإنشاء إدارة مستقلة لتوفير فرص العمل، التدريب، إعادة التأهيل اللازمين لإيجاد فرص عمل مناسبة، على أن يتم تحديد قدر اعانة البطالة الشهرية على أساس ما يأتي:

حجم راتب العامل خلال فترة الأشهر الستة إلى العام الاخير على الأقل السابق لفصله، عدد ساعات او ايام العمل في خلال فترة الأشهر الستة إلى العام الأخير على الأقل السابق لفصله، حجم البطالة في الولاية او النطاق الجغرافي التي يعيش فيه، الحال الاجتماعية للعامل، متوسط حجم البطالة على مستوى الاقتصاد القومي.

تعد البطالة واحدة من أهم القضايا الوطنية، فمن حق كل مواطن أن يجد فرصة مواتية للعمل، بغض النظر عن مدى كفاءته أو مستوى قدراته، لذلك يجب على الحكومة أن تسعى لحل المشكلة أو تقليلها من خلال وضع التشريعات والاستراتجيات الملائمة، أو تفعيل نظام التأمين ضد التعطل الوارد في نظام التأمينات الاجتماعية والمتضمن دخلا ثابتا للمواطنين العاطلين إلى أن يتسنى لهم الحصول على عمل يتناسب مع كفاءاتهم وخبراتهم، التي ينبغي أن تتظافر فيها جميع الجهود المخلصة رغبة في حلها، فالقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الوزارات والأجهزة لابد لها من الالتفات جيدا لهذا الملف الساخن وتحريكه والعمل على حلحلته من خلال وضع استراتيجية وطنية للإحلال الوظيفي من خلال إجراء مسوحات دورية للأعمال التي يقوم فيها الوافدون كافة واستبدالهم وفق خطة مدروسة بمواطنين، من خلال تأهيل العمالة الوطنية ضمن جدول زمني محدد وجذب الاستثمارات الخارجية وخصوصا تلك التي تخلق فرص عمل على نطاق واسع، والنظر في المناهج التعليمية الثانوية والجامعية والتدريبية وربطها بسوق العمل، من خلال سن التشريعات التي تحث أرباب العمل والتجار في المؤسسات العامة أو الخاصة بتشغيل المواطنين، فتح وزارات الدولة كافة أمام المواطنين وأخص بالذكر وزارة الدفاع والداخلية والحرس الوطني.

نجد الحكومة عاجزة عن حل ملف البطالة، على رغم أن الكرة لاتزال في ملعبها، فإننا نجدها تكابر وتتوارى، فمشروع ماكينزي على سبيل المثال قد تناول الموضوع بشكل لا يخلو من الصدقية والشفافية ونأمل أن تدعم التجربة بتجارب أخرى تعزز جوانبها، حتى لا نتفاجأ في يوم من الأيام نصحو ونجد أنفسنا نغرق في بحر البطالة، وخصوصا أن الحكومة لا تزال لا بصمات لها تذكر حيال التخفيف من وطأتها، فالبطالة كما تعلمون بأنها آفة قد تفتك بالمجتمع حين تحرم المواطن من التمتع بالعيش الكريم، لذلك يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن يأخذ دوره في محاولة منه جادة في سبيل حلحلة المشكلة وهذا ما نجده من خلال تشكيل لجنة وطنية للعاطلين عن العمل، من أجل تنفيذ البرامج والأنشطة المطالبة بحل قضية البطالة وسبب تشكيل هذا اللجنة في الوقت الراهن يعود إلى عدم شمول الموازنة العامة للحكومة للعام 2005 - 2006 للضمان الاجتماعي والضمان ضد التعطل علاوة على ضعف أداء النواب وبالتالي ركود القضية، نأمل أن توفق اللجنة في تحقيق أهدافها كما نأمل أن تتفاعل الحكومة مع نشاطات وبرامج اللجنة ودعمها

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً