العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ

التطرف الديني استنفد نفسه ولا مستقبل إلا للديمقراطية

المستشرق الفرنسي جيل كيبيل لـ "الوسط":

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

قال المستشرق الفرنسي جيل كيبيل ان قوى التطرف الديني بدأت تخسر مواقفها في "ديار المسلمين" وفي أوروبا وأميركا بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول ،2001 معتبرا أن الانتخابات العراقية لها اثر كبير على السياسة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وقال كيبيل "ان ما حصل في العراق هو شيء مهم للغاية، ففي أول مرة يشهد العالم العربي انتخابات حرة ديمقراطية تحت وطأة المحتل الاجنبي فيما بقية العواصم العربية محرومة من أجواء انتخابية مماثلة".

وقال "ان العراقيين عاشوا تحت النظام البعثي وعانوا الظلم والاضطهاد، واليوم نشاهد كيف خرجت الفئات التي عانت من الدكتاتورية لتدلي بصوتها وتختار من يمثلها أمام عدسة الكاميرا وبصورة لم يتوقعها الكثيرون".

واعتبر كيبيل "ان من بين الدول التي ستتأثر كثيرا إيران، فلقد كانت هناك مخاوف ان تؤثر ايران ودول الجوار على العراق، وما حدث هو العكس، فالايرانيون والسوريون وبقية الدول المجاورة بدأوا يقولون انهم يودون ان يحصلوا على الحق السياسي الذي حصل عليه الشعب العراقي وهو تحت الاحتلال الاجنبي"، موضحا أن هذا التناقض سببه الازمات المتتالية وحالات التطرف التي عصفت بالمنطقة لفترات طويلة.

نقل المعركة

وقال كيبيل: ان العراق سيؤثر من عدة نواح سياسية ودينية واقتصادية. فايران مثلا كانت مركز الثقل بالنسبة إلى المسلمين الشيعة، ولكن مع وجود عراق ديمقراطي يعطي للشيعة حقهم السياسي، شأنهم في ذلك شأن غيرهم، فان العراق سيصبح منافسا لايران في اجتذاب القواعد المتدينة، لان "الجميع حاليا يقارن بين ما لديه وما لدى الآخرين وبين الاقوال والافعال".

وقال كيبيل: "لقد كانت فكرة تنظيم "القاعدة" هي نقل المعركة إلى قلب الغرب، إلى أوروبا واميركا، ولكن ما حصل هو أن المعركة انتقلت إلى قلب ديار المسلمين، وهذا كان عنوان كتابي الاخير الذي ناقش الفكرة التي انطلق منها المتطرفون دينيا وراحوا يسفكون الدماء من أجلها ولكنها عادت عليهم بالوبال".

وأشار كيبيل إلى ان التطرف الديني في أوروبا بدأ يخف، وقال: "قبل اختطاف اثنين من الصحافيين الفرنسيين في بغداد العام الماضي كان بعض الفرنسيين المسلمين "أصلهم من شمال افريقيا" يشحنون الشارع الفرنسي بالشعارات والتظلمات، ولكن الاختطاف وجه الانظار اليهم وهم لم يقصروا اذ قادوا حملة لاطلاق سراح الصحافيين وانقلب الاختطاف على المتطرفين سواء كانوا في بغداد أو افغانستان أو اوروبا".

العلمانية الصارمة

وبحسب القوانين العلمانية الصارمة التي شرعتها فرنسا فيما يخص نزع الحجاب في المدارس قال: "لقد كان هذا خيارا صعبا أمام الدولة الفرنسية، لأن بعض الحركات الاسلامية كانت تفرض وجودها من خلال رمزية الحجاب بين الطالبات، ونحن كفرنسيين وجدنا ضرورة ان تكون المدرسة خالية من جميع مظاهر الدين سواء كانت اسلامية أو يهودية أو مسيحية، ولذلك كان القرار، ولكن هذا لا يعني ان الفرنسية لا تستطيع ان تلبس الحجاب خارج المدرسة، المهم ألا يستخدم أحد موضوع الحجاب للتحشيد السياسي في المدارس والمؤسسات التعليمية".

ولدى إعادة السؤال عليه بشأن الحريات وكيف ان منع الحجاب يعتبر اعتداء على الحريات الشخصية وان هذا يتعارض مع مفهوم الاختيار، أعاد الجواب ذاته: ان فرنسا تنظر إلى المؤسسات التعليمية بشكل جاد وهي محور لكل شيء ولذلك فإنها يجب ان تكون بعيدة عن التحريك السياسي لاسيما الذي يتخذ من الدين منطلقا.

وأضاف: "على أي حال، فان هذه الحال ربما خاصة بنا في فرنسا وكيف ننظر إلى الامور ونعالجها، ولكن اعتقد ان المخاوف التي تنتاب السياسيين في اوروبا من التطرف الديني ستهدأ مع انتشار الديمقراطية ومع انتهاء نفوذ أولئك الذين يحتكرون التفسير الديني ويحاولون فرضه بالقوة على الآخرين".

تراجع مصر

وتحدث كيبيل عن المثقفين المصريين قائلا: "مع الأسف لقد تراجع دور مصر سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهذا يؤكد انه مع انخفاض مستوى الديمقراطية ينخفض أيضا مستوى البلد، فمصر كان يتوقع ان تلعب دورا اكبر ولكن ما نشاهده هو تراجع كبير، والمثقفون المصريون يشعرون بالهوان وهذا انعكاس مباشر للوضع العام".

وعن الدور الذي يمكن ان يلعبه المثقفون بصورة عامة لتقريب وجهات النظر بين الثقافتين الغربية والاسلامية، قال "هناك برامج حوارية مستمرة، والآن بدأنا في باريس برنامجا دراسيا على اساس اختيار أشخاص في اوروبا ومن الشرق الأوسط ومنحهم بعثات من أجل دراسة الفكر الاسلامي والاوروبي والتاريخ والسياسة المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال افريقيا، وستمنح الدرجات الاكاديمية العليا لنحو مئة شخص بدأوا يلتحقون بالبرنامج، وجزء من البرنامج هو أن يتعايش الطلاب فيما بينهم وان يقضي الشرق أوسطيون جزءا من الوقت مع الأوروبيين كما ان الطلاب الأوروبيين يقضون جزءا من الوقت في الشرق الأوسط. وهذا يعني اننا نبحث عن جيل جديد يتعايش مع الآخر ويقبل بالتعددية من دون ان يضطر إلى التخلي عن افكاره ومبادئه السامية، فهناك مساحات مشتركة كثيرة، وعلينا اكتشافها وتوسيعها وتعزيزها، وهي السبيل الافضل لمكافحة التطرف الديني على المستوى البعيد"

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً