العدد 936 - الثلثاء 29 مارس 2005م الموافق 18 صفر 1426هـ

الأكراد والاستحقاقات العراقية... وجهة نظر كردية

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

منذ فترة يحمل الإعلام وبعض الأطراف العراقية الأكراد مسئولية تأخير تشكيل الحكومة. وتشير إلى أن هناك خطوطا حمرا كردية. في حين يسعى الكرد جاهدين إلى ان تتشكل الحكومة العراقية بأسرع وقت ممكن وذلك لملء الفراغ الدستوري وايجاد حكومة سيادة بدلا من حكومة تصريف أعمال، لكن مثل هذه الحكومة على الأقل لا تناسب الوضع في العراق، إذ يحتاج الى العمل والجهد لتأمين مستلزمات المواطن العراقي على تلويناته المختلفة، بدءا من تأمين واستتباب الأمن والاستقرار إلى تأمين الكهرباء والمياه الصالحة للشرب.

وفي الحقيقة من يتابع الإعلام الكردي يلاحظ الإصرار الكردي على عكس ما تديره وسائل الإعلام وتروج له بقية الأطراف العراقية، وتضع الكرد في صورة من يستغل ضعف بعض الأطراف العراقية، وأنهم يتعاملون بانتهازية قصوى مع الاستحقاقات العراقية، ومن دون شك ان الكرد اليوم حريصون على حقوقهم القومية، لكن ما يعانيه الكرد اليوم هو أنهم في أزمة شركاء، إذ إلى حد الآن لم ير الكرد شريكا حقيقيا يضع يده بيدهم لبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي والعلماني والتعددي، إذ بات أمام الأكراد أمر لا مفر منه، لكون نتائج الانتخابات فرضت عليهم هذا الأمر. وليس أمامهم غير قائمتين إحداهما "العراقية"، وثانيتهما "الائتلاف الموحد"، وهي قائمة مدعومة من المرجع الديني السيدعلي السيستاني. ولا تشكل العراقية مع الكرد ثلثي الأصوات، فتبقى قائمة الائتلاف الموحد حيث هذه القائمة ولو أنها من أصدقاء وحلفاء الكرد إلا أن غالبية برامجها لا تنسجم مع البرامج الكردية. فهناك فوارق جمة تحكم بينهما: فوارق في القوانين الكردستانية والعرف الكردستاني لا تنسجم مع ما يريده الائتلاف الموحد، وهناك ثمة مسافة شاسعة بين قوانين تخص المرأة وما ينادي به الائتلاف. فمثلا لا يجوز في كردستان الزواج سوى من امرأة واحدة، ونعرف في العرف الإسلامي يجوز للرجل الزواج من أربع نساء، كما لا يجوز قتل المرأة بتهمة الشرف أو الزنا.

هناك حزمة من القوانين سارية في كردستان لا تنسجم مع برامج قائمة الائتلاف، ليس هنا محل تعدادها، وعلى رغم ذلك ليس أمام الكرد سوى القبول بالدخول في شراكة بناء الحكم مع القائمة العراقية، مع أن الكرد يعرفون مدى التدخلات الخارجية لهذه القائمة، وأن غالبية القرارات لا تتخذ باستقلالية، مقابل تداخل ما هو ديني بما هو سياسي.

والحال ان سبب تأخير الحكومة ومسئوليتها لا يتحمله الكرد بمفردهم، لأن ثمة تفاهمات يجب ان تحدث، إذ لا يجوز ان يقفز الكرد على قانون إدارة الدولة العراقية وبنوده. وقائمة الائتلاف لم تقدم استعدادها لتكون شريكا حقيقيا لمتابعة القانون ومتابعة ما أسس من الأرضيات في الفترة المؤقتة.

الكرد أمام مشهد ملتبس، فمن جهة لم يحظ قانون إدارة الدولة بدعم من الأمم المتحدة، وأن قرار الأمم المتحدة 1546 لا يذكر قانون إدارة الدولة، ومن جهة أخرى، غالبية العراقيين لا يحبذون ان يكون قانون إدارة الدولة مسودة للدستور الدائم. وبعيدا عن كل هذا فان الاطراف العراقية الحالية وخصوصا قائمة الائتلاف لم تعلن بصراحة التعامل مع آليات لتطبيع الأوضاع في كركوك، أليس كذلك؟

الأكراد لا يريدون أشياء كثيرة، منها ما يتعلق بالعراق ومنها ما يتعلق بهم أنفسهم كأكراد. ففيما يتعلق بالأكراد هو تصحيح الملكية وإعادة الأوضاع في كركوك وما حولها إلى ما كانت عليه قبل تسلم البعث للحكم، وهذا يتم من خلال تنفيذ المادة "58" من قانون إدارة الدولة المؤقت وتفعيل اللجنة المشكلة لأجل التطبيع في كركوك. واللجنة المذكورة حيادية برئاسة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى.

الأمر الثاني يتعلق بالعراق، إذ لا يجوز القبول بدولة دينية من خلال مفردات تذكر من هنا وهناك لبلورة أو لإيجاد مقومات الدولة الدينية التي لا يميل لها الكثير من العراقيين. كما يجب عدم إقصاء الأطراف الأخرى. ولا يجب أن يكون دين الدولة الأساسي والصرف الإسلام، لأن هذا يمهد لإشعار الآخرين بالاغتراب ومصادرة حقوقهم. كما لا يمكن القبول بدولة غير علمانية بعد كل هذه التضحيات، فمثل هذه الدولة لا تتناسب مع التطورات العالمية.

الأكراد كانوا وربما مازالوا أمام أزمة إيجاد الشركاء الحقيقيين لبناء العراق الديمقراطي والتعددي والفيدرالي والعلماني، لكي يتاح إلى الكل ان يروا صورتهم فيه من خلال التعبير عن آرائهم والتعبير عن خصوصيتهم القومية والاجتماعية والدينية والمذهبية والسياسية والايديولوجية. وربما لهذه الأسباب كان الأكراد حذرين منذ البداية، وبالتالي يجب أن تكون المسئولية موزعة

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 936 - الثلثاء 29 مارس 2005م الموافق 18 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً