العدد 2895 - الإثنين 09 أغسطس 2010م الموافق 28 شعبان 1431هـ

ضحايا السكلر ومسئولية المجتمع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس من الحكمة ادعاء الحكمة بأثرٍ رجعي، أو إلقاء المواعظ الثقيلة على مرضى يتضوّرون ألماً في العنابر المظلمة بانتظار أن يتخطّفهم الموت، تحت سمع وبصر وزارة الصحة.

إن آخر ما يحتاجه مرضى السكلر أن يسمعوا محاضرةً عن الزواج! وقبل أن نلقي عليهم مواعظ عن اجتناب زواج الأقارب، كان على الطاقم الإداري أن يكشف للرأي العام أسباب وفاة أربعة شبان في يوم واحد.

ليس منا من جاء إلى الحياة باختياره، فكلنا في ذلك مسيَّرون. كذلك مرضى السكلر (أو غيره من الأمراض الوراثية) لم يُولدوا بجينات تحمل المرض باختيارهم، فهم ضحايا لظروفٍ خارجة عن إرادتهم. وإذا كان الدور الأكبر للجينات في توريث المرض، فالأحرى أن تكون هناك خطةٌ شاملةٌ تعمل على محوري الوقاية والعلاج.

من ناحية العلاج، مازلنا نكافح لإقناع المسئولين بتحسين شروط العلاج والبيئة الصحية التي تحتضن المصابين، لا أن تستعديهم وتزيد آلامهم وتدفعهم أكثر نحو القنوط وانتظار الموت؛ واستبدال سياستهم الخاطئة باعتبار مرضى السكلر (وهم 18 ألف بحريني) مجموعة من المرضى المزعجين أو المشاغبين أو مدمني المخدرات. فالمورفين ليس شوكولاتة يحرص مريض السكلر على تناولها مع قهوة الصباح، وإنّما هي أقصى ما تتيحه وزارة الصحة لتخفيف آلامه المبرّحة.

من ناحية الوقاية، الوضع يحتاج إلى مشروع للتوعية طويل الأمد، تشارك فيه كل الأطراف، الرسمية والشعبية، من إذاعة وتلفزيون وصحافة ومدارس وجمعيات أهلية، بما فيها المآتم التي يفترض أن يستغل خطباؤها المناسبات الدينية لتوضيح مثل هذه الأمور التي تمس حياة الناس. وهي ليست قضايا تافهة أو هامشية، وإنّما في صلب الاهتمام بأمور المسلمين وتوجيه الناس للأصلح.

مثل هذه الأفكار موضع إجماع بلاشك، ومع ذلك ينبغي القول انه حتى لو تم ذلك فلن نقضي على المرض خلال عقد واحد؛ لأن مرض السكلر مستوطن وقديم، ويحتاج استئصاله إلى عقود. كما أن النصائح لا تؤتي نتائج حاسمة، لأنك ببساطةٍ أمام مجتمعٍ يتحرّك وفق حراك طبيعي، وليس بالتنظيرات أو التمنيات.

إن من أهم إنجازات وزارة الصحة في التسعينيات فرض فحص ما قبل الزواج، للتأكد من توافق الطرفين صحياً، وتحذيرهم من الأمراض الوراثية التي تعترض حياتهم في المستقبل. ومع ذلك سيبقى هناك هامشٌ من زواج الأقارب، لأسبابٍ اجتماعيةٍ أو اقتصاديةٍ أو حتى عاطفية، سينتج عنه استمرار المرض وإن كان لدى شريحة أقل.

هناك أيضاً هامشٌ آخر لاستمرار الإصابة بسبب الزواج الداخلي بين المبتلين بالمرض، نظراً للموقف الاجتماعي من هؤلاء. فالآباء عادةً ما يرفضون المتقدّم المصاب لخطبة فتياتهم السليمات، وبالمقابل تضيق فرصة الفتاة في الاقتران بشابٍ سليمٍ حين يكتشف إصابتها. وهي أسبابٌ إضافية تزيد حياتهم تعقيداً وبؤساً، وتمنعهم من ممارسة حياتهم كبقية البشر، ما يتطلب منا تفهماً وسعياً حثيثاً للتخفيف عليهم بدل معاملتهم كمدمنين.

مرضى السكلر يعانون أيضاً في العمل، ورغم تخرّج الكثير منهم من الجامعة، إلا أن أرباب الأعمال يتحاشون توظيفهم نظراً لعامل الإنتاجية ونوبات المرض المتكررة، ما يفرض على الدولة أن تضع معياراً خاصاً بهم، ضمن برامجها للرعاية الاجتماعية.

إن أسوأ ما نخشاه، أن يتم تحويل مرضى السكلر من ضحايا إلى مجرمين، بسبب سياسة وزارة الصحة المتعثرة، وتخبّط طاقمها الإداري الذي يحاول أن يخرجها من حفرةٍ فيقذفها في خندق عميق!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2895 - الإثنين 09 أغسطس 2010م الموافق 28 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 11:24 ص

      جدحفصي

      مرضى السكلر أكثرهم يتركزون في الطائفة الشيعية وبالاخص البحارنة , وهنا علاقة الربط بين مرض السكلر والطائفية , وهنا تبرز وتحوم الشكوك حول التعمد في الاهمال لمرضى السكلر لانهم ينتمون لهذة الطائفة الشيعية ؟؟؟! فهل هذة الشكوك والتسائلات صحيحة ؟؟؟! نتمنى أن تكون الاجابة بلا

    • زائر 17 | 11:05 ص

      شكراً سيدنا

      شكراً سيدنا .. أرجو من السيد أن يعلق على ما جاء في المؤتمر الصحفي للسيد نصر الله والتعليقات التي أتت بعده وخصوصاً من أقطاب تيار المستقبل الذي وصف أحدهم حديث السيد بأنه هراءات. أتمنى أن أقرأ تعليق السيد قاسم

    • زائر 16 | 7:58 ص

      صدقت والله ليست شوكولاته

      صدقت والله يا سيد قاسم، فالمورفين ليس شوكولاتة يحرص مريض السكلر على تناولها مع قهوة الصباح، وإنّما هي أقصى ما تتيحه وزارة الصحة لتخفيف آلامه المبرّحة.ياليت يفهم المسؤولين هذا الكلام وخصوصا الذي صرح بأن اشعال الشموع طريقة غير قانونية لإيصال الرسائل!!!!!

    • زائر 15 | 7:47 ص

      شنو قال حقد؟

      أولاد الناس تموت وهو يطلع بيان بعد اربعة ايام من الخارج ولا كأنه مهتم ولا داري بالموضوع. هذلين مسؤولين؟ والله لو في بلد متحضر كان من زمان ستر على نفسه واستقال، بس ديرتنا رايحه عليها، ويطلع لنا ناس متخلفين يقولون حقد على الوزير.

    • زائر 14 | 7:45 ص

      الحل برأيي

      السليم يتزوج مصابة ويرعاها زين وما بتمرض ولا بجيبون أولاد مرضى

    • زائر 13 | 7:30 ص

      السكلر ومشكلة الزواج

      ليش السليمين ما يتزوجون فتاة مصابة، أوعوا يالبحرينيين، 18000 مصاب و100000حامل، يعني بتزيد العنوسة، والشباب بيتزوج من برع البحرين والسبب فحص ما قبل الزواج (صار يغربل الناس بدل ما ينقذهم)

    • زائر 12 | 7:27 ص

      أنا مسكلرة وكل ما يخطبني ولد...

      الولد يتمسك فيني ويصير يحبني لكن أهله ما يرضون يتزوجني، ليش؟!!
      ترضون على ناتكم أحد يعاملهم بهالريقة الحقيرة؟!!

    • زائر 11 | 7:11 ص

      الكلمة الطيبة

      وزارة الصحة تذكرني بشايب من الديرة، إذا راح يزور مريض في السلمانية يسأله: ها، جعل ما شر؟، المريض: والله بلاعيمي شوي ملتهبين!، الشايب: بل بل بل هذا مرض كسيف الله يطلعنة منه!!!.... وزير الصحة صاير مثل هالشايب بالضبط، بس الفرق إنّ صاحبنة أكو في الديرة حرّان والوزير برة الديرة بردان!!

    • زائر 10 | 7:05 ص

      الوقاية من الطائفية

      تعليقا على الزائر رقم 6، أقول ان الوقاية من الطائفية خير من الهرار. وإلا ما دخل سني وشيعي في املوضوع؟ مرضى يموتون شهرياً والوزير مسؤول عنهم امام الله وامام الحكومة وامام الناس. ولعلمك السيد ما كتب ينتقد الوزير باسمه وباسم عائلته وانما لمنصبه العام. والا فقد كتب ينتقد بشدة وزيرة الصحة السابقة ندى حفاظ لموقفها من غاز المعامير مع انها من طائفته. متى تعقلون وما تنظرون للامور بمنظار طائفي أيها العميان؟

    • زائر 9 | 6:28 ص

      حفظك الله يا سيد

      اشكرك على احساسك بمعاناة هذه الفئة الي نشوفها كل يوم تعاني وتعاني دون تحريك ساكن من قبل الوزارة الموقرة
      ولا الوزير المحترم
      اتمنى أن يأخذ كلامك صداه ويصل لآذانهم المغلقة

      وندعو الله شفاء مرضانا بحق محمد وآل محمد الطاهرين

    • زائر 8 | 6:06 ص

      شكرا للوسط وكتابها

      شكرا للوسط وكتابها وخصوصا الكاتب العزيز قاسم حسين على تبنيهم القضايا الوطنية التي تهم المواطن وحياة الإنسان على هذه الأرض، ففي كل يوم تكتب فيه مقال عن شأن من شؤون المواطنين أرى فيه نفسي، ففي الشأن الصحي أنا مريض سكلر وفي الشأن الوظيفي تبنينت الدفاع عن الكثيرين من شتى القطاعات وأنا منهم وفي الشأن الإسكاني أجدك مدافعا ومطالباً بحقوقنا وعن سواحلنا وأراضينا وثرواتنا، دوركم يتعاظم حينما أرى أنكم الواحة في صحراء دجل الصحافة.. فشكراً لكم.. وأما السكلر فالمعاناة والألم أبلغ في التعبير من الكلامات.

    • زائر 7 | 5:57 ص

      الوقايه خيرا من العلاج

      يجب عليك ان تتكلم عن الوقايه قبل العلاج لاكن لما تحملونه على الوزاره وعلى وزيرها من كره قدمتم العلاج على الوقايه (الوقيه خيرا من العلاج ) نتمنا فى التشكيل الوزارى المقبل ان يكون الوزير شيعيا لنرى ماذا سيفعل

    • زائر 6 | 3:39 ص

      زيادة الإهتمام وتوفير العلاج اللازم

      أشكرك ياسيد وسلمت يداك بس حبيت اصحح معلومة فحص ماقبل الزواج فرض في الألفينات وتحديدا بعد 2004 وكان غير إلزامي على مااعتقد صار في 2005 مما يعني ان كان تقصير من اتجانب الطبي شوف من متى المرض متأصل في شعب البحرين ومتى نفرض الفحص فعشان جذي الحل ماكان بس في الفحص الحل في ايجاد علاج وزيادة اهتمام ومحاولة اكتشاف طرق جديدة لمعالجتهم والله ليش الطب يطور عشان يقدرون يحدون من هاي المرض ويعالجون الحالات الي قبل لان من أكثر من عشرين سنة هالمرض موجود والله يكون في عونهم ويشافي جميع المؤمنين

    • زائر 5 | 3:07 ص

      شكرا أخ قاسم

      أتمنى أن تثمر جهودك بشيء ويساهم ما كتبته
      في تحسن أوضاع هؤلاء الناس المبتلون ويجعل ذلك في ميزان حسناتك وأن يفهم المسؤلون من تناولك هذا الموضوع أنه نقد لتسليط الضوء على أماكن الخلل بحيث يمكن إصلاح ما يمكن وأن تتظافر الجهود كلها من أجل الخروج بما ينفع ويحسن من الخدمات التي تقدم لهذه الفئة من الناس
      سيدهادي

    • زائر 4 | 2:11 ص

      اوه سكلر سكلر سكلر وجعتون راسي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      الله على نعمة التصيف في ربوع سويسرا ويش يعور راسي مو الي ماتوا هم من الفئة المغضوب عليهم حريقة تحرقهم ؟انزين ويش تبغون مني انا قلت لابوه وامه يتزوجون؟؟هذه اختيارهم ويتحملون المسؤوليه؟بعد في سؤال ؟ترى تمللنا من سماع كلمة مريض سكلر؟اجابات سمعناها من فم المسؤول الاول عن الصحة والجواب من قبلنا نحن البسطاء انهم في رقبتك لانك لم تسعى لتحسين بيئة العلاج ولاتوفير طاقم متخصص؟وفوقها تأكيدك بان الميزانية كافية واغلبها تذهب للرواتب؟فحرام عليك هذه السلبية فغيرك يستقيل ياسعادة الوزير لكنها من شيم العرب التمسك

    • عبير الوررد | 1:23 ص

      عبير الورد

      يعطيك الله الف عافيه استاذنا الفاضل
      على طرحك الموضوع ..
      فعلا يجب الحد من هاي المرض عن طريق عدم الزواج من الاقارب والفحص قبل الزواج
      لانه اصبحت هاي مشكله تؤرق الجميع مؤخرا
      وبزيادة ضحايا السكلر
      لن نقوول باننا نستاصل المرض تماما
      ولكن نحد منه ومن عدد المصابين به
      والله يعطي الجميع الصحه والعافيه ياارب
      ويبعد عنكم الاذي

    • فيلسوف | 1:14 ص

      مسئولية المجتمعات كلها

      مرض السكلر كما ذكرنا امس انه واجب ومسئولية

      كل المجتمعات المتعلمة و المثقفة و الواعية

      للمستقبل ونتمنى القضاء على هذا المرض في

      اسرع وقت ممكن والله يحفظ الجميع من هذا المرض

      والله يشافي جميع المرضى ويلبسهم ثوب الصحة

      والعافية واشكرك كل الشكر يا استاذ قاسم على

      اهتمامك لهذا الموضوع الهام

    • زائر 3 | 1:10 ص

      الى متى

      ليس فقط مرضى السكلر مجرمين بل أن طائفة كاملة الآن مجرمة لأنها تعتنق هذا المذهب وهي تدفع الثمن فقط لأنها خلقت على هذه الأرض وجريمتها أنها تشكل غالبية وهى تدفع الثمن مع إخواننا المواطنين السنة عن طريق التجنيس السياسي والتغير الديمغرافي والقضاء على الهوية العربية والخليجية

    • زائر 2 | 1:03 ص

      مسكلره

      سلمت يداك على ماكتبت..
      لك الف تحيه ..

اقرأ ايضاً